رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

د. هاني رسلان عن إعلان مبادئ سد النهضة: لم يتطرق لنقاط الخلاف لأنها لم تُحل بعد


  • لدينا دراسات علمية تفصيلية تثبت ضرر السد على مصر
  • لا سبيل للتنازل فيما يخص السد لأنه يهدد بقاء المصريين
  • السيسي ألزم إثيوبيا بالحجة وأصلح الصورة المغلوطة عن مصر
  • تخفيض سعة السد على رأس الحلول المفترض الاتفاق عليها
  • الاتفاق لا يكبل مصر في اتخاذ اللازم للدفاع عن حقها بالمياه

أثار توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي إعلان مبادئ بناء سد النهضة الإثيوبي مع السودان وإثيوبيا لغطا واسعا بشأن بنود الإعلان ومدى كونه ملزما للأطراف الثلاثة ومحافظا على حق مصر في حصتها من مياه النيل.

وفي هذا الإطار حاورت فيتو د. هاني رسلان رئيس وحدة دراسات دول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية وأكد لها أن مصر تملك دراسات علمية تثبت أضرار السد عليها وأنه لا سبيل أمامها لتقديم أي تنازلات بشأن تلك القضية التي تمثل تهديدا لبقاء المصريين.

وأوضح رسلان أن الرئيس عبد الفتاح السيسي مد يد السلام والتعاون خلال زيارته الأخيرة لإثيوبيا موضحا أن أزمة سد النهضة لا تنحصر في كونها أزمة مياه ولكنها أزمة سياسية من الدرجة الأولى حيث تسعى إثيوبيا لتجميع دول حوض النيل حولها وعزل مصر في الشمال وحدها

وإليكم تفاصيل الحوار..

في البداية.. كيف ترى الاتفاق المصري السوداني الإثيوبي الأخير بشأن سد النهضة؟
الاتفاق أقرب لإعلان النوايا ولا يحمل التزامات قطعية على الأطراف الموقعة عليه وإنما هو عبارة عن مبادئ استرشادية هادية ليعمل الجميع على ضوئها.
وعلي عكس ما قال الكثيرون، فإن الاتفاق لا يمس بالاتفاقيات التاريخية في حوض النيل كما أنه لم يعن أبدا اعتراف مصر بالسعة التخزينية للسد الإثيوبي بل سكت عنها لأنها ما زالت محل خلاف.
وبشكل عام فإن الاتفاق ساهم في تحسين صورة مصر الإقليمية والدولية لدى شعوب حوض النيل وخصوصا بعد التشويه الذي لحق بها، كما أنه وضع قيودا أدبية وسياسية على إثيوبيا وغير من طريقة اقترابها من الأزمة فأصبحت تقر علنا بمجموعة من المبادئ والقواعد كانت تسعى من قبل لإنكارها والتملص منها.

ماذا تتوقع بشأن نتائج الدراسات التي تجريها اللجنة الدولية عن مخاطر سد النهضة؟

نتائج الدراسات تتوقف على عوامل كثيرة أهمها البيانات التي سيتم رفعها لمكاتبها الاستشارية بالإضافة للأسئلة التي من المفترض أن تجيب عنها هذه الدراسات والتي من المفترض أيضا أن تستغرق وقتا طويلا للتفاوض بين الأطراف الثلاثة، مصر والسودان وإثيوبيا، ومن المفترض أن يتم إعلان اسم المكتب الذي سيكلف بالدراسة فور التوافق بين الأطراف قبل نهاية شهر مارس الحالي.
مصر لديها دراسات علمية تفصيلية تؤكد وقوع ضرر كبير عليها من بناء السد بسعته التخزينية الحالية وقد سبق تسليم نسخة من هذه الدراسات إلى إثيوبيا بشكل رسمي لإحاطتها بالموقف المصري بأنه قائم على أسس علمية وموضوعية وليس نابعا عن رغبة سياسية أو رغبة في إعاقة إثيوبيا عن التنمية وهذا حق طبيعي ولكنه مشروط بعدم إلحاق الضرر بمصر وبحياة المصريين.

ما مدي التزام مصر بنتائج اللجنة إن لم تكن في صالحها؟
إذا أثبتت النتائج عدم وجود ضرر كبير على مصر فلا توجد مشكلة، لأن اعتراضنا أساسه دراسات تثبت وقوع الضرر ولكن المعادلة التي يتحرك على أساسها الجانب المصري هو اعتراف مصر بحق إثيوبيا في التنمية، وعلى ذلك فلا بد أن تعترف بحق مصر في الحياة، فنحن لا نملك خيارات.. فلا توجد إمكانية للتنازل لأن الأمر يعرض حياة المصريين للخطر ويضعف قدرتهم على التنمية وأيضا على البقاء.
إن لم يكن هناك خطر فنحن نمد يد التعاون وهو ما اتضح في توقيع المبادئ مؤخرا وفي زيارة الرئيس السيسي وكلمته للبرلمان الإثيوبي التي قصد بها الشعوب الإثيوبية المختلفة وأيضا القارة الأفريقية ومن ثم العالم كله ليوضح أن مصر تمد يد السلام ويد التعاون والتنمية وأن هناك رغبة مصرية أكيدة في تغيير المدركات المحيطة بالأزمة والتي كادت تنزلق نحو الصراع.
وبذلك فإن الرئيس السيسي يخطو مرة أخرى نحو الحوار العقلاني الهادئ الذي يجب أن يقوم على المنفعة المشتركة وعلي مراعاة عدم إلحاق الضرر كما أنه نجح في إلزام إثيوبيا بالحجة وتغيير الصورة المغلوطة المأخوذة عن مصر، ولكننا ننتظر أن يلتزم الطرف الإثيوبي بإرادة سياسية نحو الحل وهي ما سنراها في قاعات التفاوض والتي ستوضح ما إذا كان هناك تغيير في الموقف أم أن الموقف السابق المعتمد على المراوغة والخداع وتضييع الوقت ومحاولة فرض أمر واقع بالقوة ما زال مسيطرا عليهم.

هل صح ما قيل بشأن تأثير الاتفاق الأخير على تغيير حصة مصر من مياه النيل؟
حصة مصر في النيل الأزرق هي نتاج اتفاق ثنائي بين مصر والسودان في اتفاقية وقعاها عام 1959 قبيل إنشاء السد العالي في مصر، والاتفاق الثنائي لا يلزم إلا طرفيه، ومن ثم فإن إثيوبيا حتى الآن لا تعترف بحصة مصر ومقدارها 55.5 مليار كم مكعب، 
إعلان المبادئ لم يكن موضوعه الحصص بل هو مجرد إعلان مبادئ تصحبها الأطراف عند الدخول لمحاولة حل الخلاف والذي ما زال باقيا وعليهم أن يتفاوضوا ليحلوها في ضوء هذه المبادئ، ولم يرد ذكر مواصفات السد في هذا الإعلان لأنها محل خلاف وستكون محل تفاوض، ولن يتم ذلك الاتفاق إلا بعد أن يتم الاتفاق على السعة التخزينية.
يمكننا اعتبار الخلاف بين الطرفين جوهري وهو ما زال قائما، وكما ذكر الرئيس السيسي فليس المهم هو الاتفاق ولكن المهم هو الإرادة وحسن النوايا، وفي حالة استمرار إثيوبيا في استراتيجيتها الهادفة للتحكم في المياه والطاقة في حوض النيل الشرقي والتعنت ومحاولة فرض الأمر الواقع فسوف يؤدي ذلك إلى استمرار الخلاف.
في حالة عدم الوصول لاتفاق فان إعلان المبادئ لا يكبل مصر في اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات للدفاع عن مصالحها المائية وحقها في الحياة.

ماذا لو استخدمت إثيوبيا ميوعة مصطلحات إعلان المبادئ لصالحها للمراوغة بشأن احتياجاتها للمياه بعد استكمال بناء السد؟
إعلان المبادئ الأخير لم يرتق لكونه اتفاقا بالمعني القانوني والذي يعني التزاما بين الأطراف الموقعة على عدد من الحقوق والواجبات المتبادلة، فهو مجرد تعهد بالسعى لحل خلاف وفقا لمجموعة مبادئ.
إثيوبيا نفسها تدعي أنها لا تريد استخدام السد لتخزين المياه، أما الموقف السوداني المؤيد لإثيوبيا فله طبيعة سياسية غير قائمة على أي دراسات بشأن مدى نفع السد من ضرره، وذلك لأن نظام عمر البشير مهزوم اقتصاديا وسياسيا وأمنيا ومعظم أوراق استقراره السياسية في الداخل موجودة في يد الطرف الإثيوبي فهو الذي يستشف المفاوضات بين حكومة السودان وحكومة الجنوب أو بين حكومة الخرطوم والجبهة الثورية المعارضة، كما أن لإثيوبيا قوات متمركزة في مناطق متنازع عليها في الشمال والجنوب بالإضافة لأن حكومة الخرطوم الحالية لديها رغبة طويلة الأمد في السعي إلى تخفيض لقوة المصرية ولكنها غير قادرة على ذلك فتسعى لتحقيقه عن طريق التحالف مع الطرف الإثيوبي.

هل تتوقع توترا في العلاقات المصرية السودانية نتيجة تأييد الأخيرة لاستكمال بناء السد؟
السودان الآن على المستوى الإعلامي يروج لكونه وسيطا بين الطرفين المصري والإثيوبي ولكن الموقف الحقيقي ليس وساطة ولكن انحياز للطرف الإثيوبي وفي كل الأحوال فإن مصر قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها القومي.

ما حجم الخطورة الحقيقية لسد كالنهضة على مصر؟
لا بد من النظر لأزمة سد النهضة في إطارها الصحيح، فهذا السد ليس منشأة تنموية بقدر ما هو منشأة ذات أهداف سياسية واستراتيجية والغرض من المخطط الإثيوبي طويل الأمد لبناء 4 سدود إثيوبية على النيل الأزرق هو التحكم في تدفق المياه وإنتاج كم كبير من الطاقة، إثيوبيا غير قادرة على استهلاكه فتتجه لتصديره إلى الدول المحيطة ومن بينها مصر وبالتالي تخلق اعتمادية عليها في الحصول على الطاقة فنصل إلى وضع تكون فيه إثيوبيا متحكمة في موردين أساسيين وجوهريين للتنمية وهو المياه والطاقة وهو ما يمكن استخدامه بعد ذلك في وظائف سياسية كما في حالة الغزو الروسي لأوكرانيا، ما يؤدي لتغير في الأوزان الإقليمية ويحول إثيوبيا من دولة كبري في القرن الأفريقي إلى دولة كبري في حوض النيل على حساب مصر مرورا بمزيد من التفتيت للسودان.

هل تتوقع تدخلا عسكريا من مصر في إثيوبيا في حالة تعنتها في موقفها ببناء السد؟
لا يجب أن نتحدث في هذا الموضوع على الإطلاق، فالرئيس السيسي أرسل رسالة سلام وتعاون وتنمية ولننتظر رد الطرف الآخر فالكرة الآن في الملعب الإثيوبي وما ستفعله مصر إذا فشلت المفاوضات هو أمر تقدره القيادة السياسية في حينه.

ماذا عن موقف دول حوض النيل الأخرى في تأييد السد وخصوصا أنهم متحفظون على بعد بنود اتفاقية عنتيبي؟
المواقف الخاصة بدول النيل الجنوبي بالنسبة للسدود الإثيوبية ليس لها تأثير ملحوظ لأنها تخص دول النيل الشرقي الثلاث فقط، مصر وإثيوبيا والسودان، وهو ما يهمنا لأن النيل الأزرق يمدنا بـ 85% من استخداماتنا الحالية.
إثيوبيا تسعى لاجتذاب باقي دول حوض النيل إليها حتى تبدو مصر معزولة في الشمال، والآن نحن في تفاوض مباشر مع رأس الحربة في قضية المياه ضد مصر

ما مدى إلزام القانون الدولي للأطراف الثلاثة في المعاهدات القادمة وفي إعلان المبادئ؟
مبادئ القانون الدولي في المياه متسعة وتسمح لكل طرف بتبني حجج هنا وهناك، لكن مصر لها حقوق موقعة ومُلزِمة كاتفاقية 1902 مع إثيوبيا وكانت إثيوبيا في ذلك الوقت مستقلة، كما أن لها حقوقا مكتسبة تاريخية تؤخذ في الاعتبار بالإضافة لأنها لا تملك خيارات أخرى ولا مصادر مياه أخرى والتي من شأنها أن تحتاج لتكاليف باهظة جدا تؤكد أحقية الموقف المصري.

ما هو الاتفاق المتوقع أن يبرمه الطرفان المصري والإثيوبي بعد إصدار نتائج اللجنة الدولية؟
لا يمكن لأحد أن يتنبأ بمعالم الاتفاق، لأنه يتوقف على مرحلة ما بعد إعلان المبادئ وما بعد زيارة السيسي لإثيوبيا والتي لم تتضح نتائجها بعد، ولا توجد مؤشرات حالية على وجود تغيير في الموقف الإثيوبي من عدمه وبالتالي لا يمكن تقديم توقع لذلك.
وبالنسبة لمصر فالحل المرضي يجب أن يتضمن تخفيضا لسعة الخزان وإذا لم يتم ذلك فسيكون هناك ضرر كبير عليها.

هل تتوقع نجاح المفاوضات بين الدول الثلاث أم فشلها؟
لننتظر ونرى، سيتوقف ذلك على عوامل مرتبطة بالطرف الإثيوبي فهو لديه مخطط يسعى لتنفيذه، وفي ذات الوقت فقدراتها الذاتية واقتصادها ووضعها السياسي العام لا يسمح لها بتنفيذه إلا إذا تلقت إسنادا ودعما خارجيا وفي نفس الوقت هي تستغل الارتباك في مصر.
كل المؤشرات تؤكد أن مصر في طريقها للتعافي وإنهاء السيولة الداخلية وهو ما شاهدوه بأنفسهم خلال مؤتمر شرم الشيخ والذي ظهر فيه مركز مصر الإقليمي والدولي فبالتالي، وبعد إرسال رسالة السلام والتعاون، يتوقف تغيير موقفهم على تقديرهم السياسي فإذا تحول للأفضل فنحن نرحب به وهذا هو هدفنا للحفاظ على التعاون في حوض النيل وعدم الانزلاق إلى صراع، ولكن إذا أصروا على موقفهم فلكل حادث حديث.
Advertisements
الجريدة الرسمية