رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل «الحرب الباردة» بين «ماكرون» و«أردوغان».. «باريس» تفشل مخططات «أنقرة» التآمرية في ليبيا والمتوسط.. وتوقعات بتصاعد الخلاف

ماكرون وأردوغان
ماكرون وأردوغان
«علاقات جيدة ومعركة مستمرة».. عنوان عريض يمكن أن يلخص طبيعة الأزمة الدائرة بين الرئيس إيمانويل ماكرون، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، والتي تشير المعطيات كافة إلى أنها لن تتنه في القريب العاجل.


ماكرون يبدأ الحرب
فـ«ماكرون» أطلق الأسبوع الماضي سهام انتقادات وتحذيرات بوجه نظيره التركي يحذره من القيام بأي محاولة للتدخل في الانتخابات الفرنسية المقبلة، وكأنه يود أن يخبر «أردوغان» أنه ورغم المصالحة، إلا أن الثقة تجاههم تبتعد كثيرًا عن المصالحات والبروتوكولات الدبلوماسية المنعقدة.





السياسات المختلفة
مصطلح يمكن أن يكشف جزءا من سبب الأزمة المشتعلة بين «ماكرون» و«أردوغان»، فما يعتبره الأخير «إسلاموفوبيا» فرنسية تخالف رؤية «ماكرون» الذي يرفض أيضًا نزاع أردوغان على منابع الطاقة في شرق المتوسط، والدور العسكري التركي في ليبيا.

لكن التصعيد بلغ مستوى غير مسبوق عندما حذر ماكرون نظيره التركي من التدخل في الانتخابات القادمة بعد أن دعا الأخير للتصويت ضد رئيسهم الذي يسعي لولاية ثانية في 2022، ورغم أن لجوء «أردوغان» للانتقادات الدبلوماسية اللاذعة ليس بالأمر الجديد، إذ إنه لديه نزعة لاستخدام خطابه الشخصي كجزء من سياسته الخارجية.

إلا أن هذه النزعة باتت تثير التساؤلات هل أصبحت فرنسا وتركيا على مشارف صراع يفتح دفاتر الماضي والحاضر رغم تحسن العلاقات بين الطرفين منذ فترة ليست بالبعيدة؟

مرحلة وفاق
محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات والأبحاث الإستراتيجية، أكد أن تركيا وفرنسا في الوقت الحالي في مرحلة وفاق، وأن ما يتم تداوله ما هو إلا تصريحات للداخل الفرنسي أكثر منها إلى الخارج، خاصة بعد أن تم التضييق على المؤسسات الدينية على غرار الأحداث التي شهدتها فرنسا جراء مقتل صامويل باتي والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول عليه السلام وما إلى ذلك.

موضحًا أن «الرئيس الفرنسي يلعب على أصوات المسلمين التي لا يجب أن تتأثر في الانتخابات المقبلة بالأحداث التي تشهدها البلاد، لذا عمل «ماكرون» على استغلال تصريح أردوغان كنوع من الدعاية، وهدد بعدم التدخل في الشئون الداخلية لبلاده تجنبًا لأي تصويت انتقامي ضده وخسارة أصوات المسلمين ذو الأصول التركية بعد أزمة شارلي إبيدو».

الملفات العربية
وأضاف مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات والأبحاث الإستراتيجية: الدور الفرنسي لصد التدخل التركي في الملفات العربية، ما هو إلا محاولة للعب دور الوسيط وتقليل التصادم، وخلال الأربع سنوات المقبلة لا يمكن أن نري تصادمات تركية فرنسية كما حدث في السنوات المقبلة نظرًا لأن كلًا من الطرفين يسعي لتحقيق آماله وأحلامه.

بدوره.. قال الدكتور محمد الديهي، الباحث في الملف التركي: صحيح أن فرنسا وتركيا تشهدان انفراجة بسيطة في العلاقات بعد خلاف دام سنوات، إلا أنه لا يمكننا القول إننا سنشهد خلافا جديدا في تلك الفترة تحديدًا لكنه محتمل في المستقبل.

فبعد مواجهة فرنسا لتركيا في التدخلات التركية بليبيا وكذلك دعمها للجانب اليوناني داخل الاتحاد الأوروبي بشأن حقوقها في شرق المتوسط لمواجهة تركيا، إلى جانب صدامها بخصوص الدور التركي في ليبيا تمت السيطرة والتغاضي عن وجود خلاف تاريخي بين باريس وأنقرة، وعمل الطرفان على تحسين الأوضاع بشكل شبه ملحوظ.

تراجع تركي
وكان هناك تغير في نغمة الخطاب التركي تجاه فرنسا، لذا فمن المؤكد أن الخلاف ربما يتصاعد يومًا ما لكن ليس الآن نظرًا لأن تركيا تعمل على مراجعة جزء من سياستها الخارجية في الوقت الحالي ، بسبب الضغوط التي مورست على النظام التركي من جانب قوي المعارضة لتعديل سياسته في الخارج، إلى جانب انهيار الاقتصاد التركي والضغوط المعيشية.

وتابع الباحث في الشأن التركي: أحد أسباب الخلاف التركي الفرنسي يرجع لدعم تركيا للتيارات المتشددة في وقت اتخذت فيه فرنسا إجراءات صارمة بشأن الإسلام المتشدد والجماعات الإسلامية، حتى أنها أطلقت حملات داخل الاتحاد الأوروبي للتوعية بمخاطر تلك التيارات المتشددة.

لذا يمكننا أن نصل في النهاية إلى نقطة أن تركيا لا يمكنها أن تتدخل أو تلعب في الانتخابات الفرنسية القادمة 2022، لكن يمكنها أن تشوه صورة ماكرون في الداخل الفرنسي، عبر استغلال «أردوغان» للجماعات الموالية له لتشويه صورة «ماكرون»، إضافة إلى ذلك تُكن تركيا عداء كبير جدا لفرنسا كونها من أولى الدول التي تصدت لتركيا في ليبيا واليونان وأفريقيا.

هذا فضلًا عن دورها في العقوبات التي فرضت عليها بداية هذا العام إضافة إلى تحريك الاتحاد الأوروبي ناحية الأخطار التي تأتي من الجانب التركي.

وأكمل: بفضل فرنسا والموقف المصري الذي رسم خط (سرت- الجفرة) مقيدًا الميليشيات بعدم تجاوزه، وكذلك عملية المصالحة التي تتم في ليبيا بدعم مصري، ربما يتلاشى الصراع الفرنسي التركي في ليبيا، وكذلك في أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء التي يمكنها أن تشهد مزيدًا من الدعم التركي بعد أن أبرمت الأخيرة اتفاقًا مع نيجيريا نهاية 2020 بشأن إنشاء قاعدة عسكرية في جنوب ليبيا.

وكذلك مالي وتشاد التي يمكن أن تتواجد فيهما بصورة كبيرة جدا في الفترة المقبلة في تنافس مع الدور الفرنسي، ولكن يمكن أن تحاول تركيا فقط استفزاز النظام بصورة ما خلال تواجدها في تلك الأماكن.

وحول رؤيته لانتهاج «أنقرة» سياسة التراجع عن سياساتها العدائية في الفترة الأخيرة، علق «الديهي» على هذا الأمر بقوله: في الوقت الحالي أردوغان لا يطمح لتصعيد حدة الحديث أو النزاع مع أي طرف من الأطراف سواء في الداخل أو الخارج، سعيًا لتحقيق مصالحة الشخصية حتى الانتهاء من تعديل الدستور بشكل يوطد ويعزز دور النظام الرئاسي وضمان بقائه في السلطة مدي الحياة والقضاء على المعارضة.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية