رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بعد فشل مفاوضات سد النهضة في الكونغو.. محطات التعنت الإثيوبي.. أديس أبابا رفضت تقارير الخبراء.. اعترضت على الوساطات العالمية.. وانتهكت القوانين الدولية

سامح شكري .. وزير
سامح شكري .. وزير الخارجية
على مدار أكثر من عشر سنوات من مفاوضات سد النهضة، اتخذت إثيوبيا موقف المتعنت رغم اعتدائها على قانون الأنهار الدولية الذي يشير إلى أن أي نهر دولي هو ملك للدول التي يمر فيها وليس ملكا لدولة بعينها. 


وعلى الجانب الآخر التزمت مصر والسودان بسياسة النفس الطويل، وآثرت المفاوضات والطرق السلمية للحل، لكن يبدو أن أديس أبابا اعتبرت ذلك ضعفًا وآثرت المفاوضات حتى تصل إلى غرضها وهو ما أدى في النهاية إلى فشل المفاوضات.




فشل مفاوضات سد النهضة 
ومنذ قليل أكد السفير أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن جولة المفاوضات التي عقدت في كينشاسا حول سد النهضة الإثيوبي خلال يومي 4 و5 إبريل 2021 لم تحقق تقدما، ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات.

ورفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر، بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث.

وقال: رفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدتها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.

كما رفضت إثيوبيا مقترحاً مصرياً تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمته السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، وهو ما يثبت بما يدع مجالاً للشك لقدر المرونة والمسئولية التي تحلت بها كل من مصر والسودان، ويؤكد رغبتهما الجادة في التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح مما أدى إلى فشل الاجتماع في التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات. 

غياب الإرادة السياسية
وذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن هذا الموقف يكشف مجدداً عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً ولا ينطلي عليه.

بداية التعنت الأثيوبي
وبحسب الدكتور عباس شراقي الخبير المائي الدولي، فإن بداية التعنت الأثيوبي بدأ مع المرحلة الأولى للمفاوضات (مايو 2011 - مايو 2013) والتي عنت بمراجعة الدراسات الهندسية الاثيوبية لسد النهضة وتقييم الضرر على دول المصب، وانتهت بصدور تقرير لجنة الخبراء الدوليين 31 مايو 2013 الذى يدين أثيوبيا فى إنشاء سد كبير بدراسات أولية ضعيفة لاترقى إلى مستواه وأوصت بضرورة تطوير معظم الدراسات وسرعة إجراء عشرات الدراسات الأخرى معظمها خاصة بهندسة السد وآمانه.  




أما المرحلة الثانية (يونيو 2013 - يناير 2014) فاهتمت بتنفيذ  توصيات لجنة الخبراء الدوليين التى انتهت بإعلان فشل اجتماع الخرطوم فى يناير 2014 في التوصل إلى اتفاق حول تشكيل لجنة من الخبراء الدوليين لمتابعة مشروع سد النهضة أو تشكيل لجنة وطنية من الدول الثلاث تستعين بخبراء دوليين في حال حدوث خلاف فني حول مشروع السد، وجاء رفض اثيوبيا لوجود خبراء دوليين لعدم تكرار التقرير الدولى الأول.

توقف مفاوضات سد النهضة
التعنت الأثيوبي لم يقف عند هذا الحد، فالمرحلة الثالثة من المفاوضات (أغسطس 2014 - نوفمبر 2017) توقفت 6 أشهر حتى التقى الرئيس السيسي رئيس الوزراء الأثيوبي وقتها على هامش قمة الاتحاد الأفريقى فى ملابو فى نفس الشهر وتم الاتفاق على مواصلة المفاوضات التى بدأت باجتماع الخرطوم أغسطس 2014.

وفيه تم الاتفاق على اجراء دراستين مائية والأخرى وبيئية-اقتصادية-اجتماعية دون هندسة السد وآمانه لإصرار أثيوبيا على القيام بها بمفردها، وأيضا تشكيل لجنة وطنية رغم طلب مصر مراراً بأن تكون دولية وكانت سبب انهاء المفاوضات فى الجولة الثانية.




ومع تعثر المفاوضات كان تدخل القيادات السياسية الى أن تم توقيع إعلان مبادئ سد النهضة فى الخرطوم 23 مارس 2015، ومرت السنوات فى كيفية اختيار مكتب استشارى دولى للقيام بالدراستين وتم الاستقرار على المكتب الفرنسى BRL بعد اصرار اثيوبيا عليه وانسحاب المكتب الهولندى دلتارس الذى رشحته مصر لعدم قبوله شروط اثيوبيا.

وبدأ المكتب الفرنسى فى وضع خطة العمل الأولية (التقرير الاستهلالى) اعترضت مصر على بعضه فى بداية الأمر ثم وافقت عليه إلا أن المفاجأة كانت باعتراض اثيوبيا والسودان عليه، وحينئذ تم الاعلان عن فشل المفاوضات فى القاهرة 12 نوفمبر 2017 وطلب وزير الرى المصري تحويل الملف إلى القيادة السياسية لإنتهاء الفنيين من كل ما عندهم دون جدوى.

مفاوضات واسعة
وشهدت المرحلة الرابعة (ديسمبر 2017 - أكتوبر 2019) من المفاوضات توسعًا على كافة المستويات وشهدت ما سمى باللجان التساعية، والسداسية والثلاثية القاصرة على وزراء المياه والرى، واستمرت المراوغة الاثيوبية واستهلاك الوقت وتعثر المفاوضات من اجتماع الى آخر بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا مع تدخل القيادات السياسية العليا سواء على هامش اجتماعات الاتحاد الافريقى.

أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو اللقاءات الدولية فى روسيا وغيرها، إلى أن تم إعلان فشل المفاوضات للمرة الثالثة عقب اجتماع القاهرة 4-5 أكتوبر 2019، الذى أعلن فيه وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.

وطلبت مصر بتنفيذ البند العاشر من اتفاق إعلان مبادئ سد النهضة بمشاركة وسيط، ورفضت كل من السودان واثيوبيا مبدأ الوساطة من أي جهة، وفى هذه المرحلة صدرت التصريحات القوية من مصر فى الأمم المتحدة وفى جامعة الدول العربية بأنها لا تقبل سياسة فرض الأمر الواقع، وقابلها تصريحات اثيوبية غير دبلوماسية بالتلويح باستعدادها لحشد مليون اثيوبى فى حرب للدفاع عن سد النهضة، وتم امتصاص هذا الشحن فى لقاء القمة الروسية-الأفريقية فى سوتشى 23 أكتوبر 2019 بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى.

وتردد تدخل روسيا كوسيط إلا أنه لم يتم، وفى نفس الشهر رحبت مصر بالتصريحات الأمريكية حول دعم واشنطن للدول الثلاثة في السعي للتوصل لاتفاق، ورحبت مصر بتلك التصريحات وأنها تتطلع لقيام الولايات المتحدة الأمريكية بدور فعال في هذا الصدد.

الوساطة الأمريكية لحل أزمة سد النهضة

الوساطة الأمريكية كانت عنوان المرحلة الخامسة (نوفمبر 2019 - 2020) فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فى 23 أكتوبر 2019، حرصها علي كسر جمود مفاوضات سد النهضة، وترحيبها بعقد لاجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث فى واشنطن السادس من نوفمبر 2019.



وحينئذ لم تجد اثيوبيا أو السودان إلا الموافقة بعد اصرارهما على رفض مبدأ وجود طرف دولي آخر، وخرج هذا الاجتماع بوضع خريطة لمدة شهرين للوصول الى حل تحت رقابة أمريكا والبنك الدولى، تستمر اللجنة الفنية الثلاثية فى المفاوضات للوصول الى اتفاق حول الملء والتشغيل من خلال 4 اجتماعات قبل 15 يناير 2020.

وفى نفس الوقت يكون هناك تقييم للموقف شهرياً باجتماعين سياسيين لوزراء الخارجية فى واشنطن يومى 9 ديسمبر 2019 و 13 يناير 2020، واستمر تعثر المفاوضات فى جميع الاجتماعات الستة.

وفى الاجتماع السادس والأخير الذى انضم فيه وزراء المياه والرى مع وزراء الخارجية تم الاتفاق بوضع مسودة من 6 بنود فى مجملها لاتعبر عن المطالب المصرية إلى درجة كبيرة، وكان ذلك بمثابة تأجيل دبلوماسى لطلب موعد آخر فى 28 يناير 2020 الذى استمر أربعة أيام فى محاولة لانقاذ المفاوضات، وانتهى الأمر برفض أثيوبيا التوقيع على ما سبق وأن وافقت عليه.

وتمثل مفاوضات الكونغو التي أعلن عن فشلها اليوم بسبب التعنت الأثيوبي، استمرار لسياسة أديس أبابا المتعنتة. 
Advertisements
الجريدة الرسمية