رئيس التحرير
عصام كامل

«القوائم السوداء».. فضيحة إخوانية جديدة في أوروبا.. أجهزة الأمن النمساوية كشفت تفاصيل استهداف الجماعة لـ«معارضيها».. و«قيادات لندن» أصدروا أوامر بإعدادها

فضيحة لجماعة الإخوان
فضيحة لجماعة الإخوان في أوروبا
«القوائم السوداء».. أزمة جديدة طرقت أبواب جماعة الإخوان الإرهابية، وفروع تنظيمها الدولى في غالبية عواصم العالم، بعدما تم الكشف عن فحوى هذه القوائم التي سبق أن أعدتها الجماعة لـ«معارضيها»، ووزعتها على مقار التنظيم الدولى وأفرعه في العالم، وهو ما جاء متزامنًا مع تحركات الجماعة الحثيثة لمحاولة نسيان أزمات الماضى، والبحث عن «نافذة أمل» جديدة تمنح رئتيها ما يكفى من «الهواء» لتظل على قيد الحياة.


القوائم السوداء

«القوائم السوداء» قضية تفجرت وزادت من الريبة والشك في التنظيم الإخوانى، وطرحت الثقة في خطاب السلمية المزعوم خلال الفترة الماضية بعد تفجيرات النمسا، التي أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص في فيينا وفجرت غضبا كاسحًا ضد الإسلاميين في العموم والإخوان على وجه الخصوص.

وبدأت الأزمة عندما داهمت أجهزة أمنية سيادية في النمسا مقار الإخوان واستهداف البحث عن شبكة علاقاتهم وما يتم بينهم وبين الإسلاميين في الخفاء، الأمر الذي فجر مفاجأة كبرى، إذ تم اكتشاف قائمة لأعداء معارضى الإسلام السياسي والإخوان بصفة خاصة داخل أحد مقار التنظيم.



القضية لم تكن سهلة بالمرة لأجهزة الأمن النمساوية التي كانت تسير على خطى بلادها في التعامل بشكل هادئ مع الجماعة على اعتبار أنها تنظيم مدنى محافظ لا يلجأ للعنف والسلاح، على غرار بقية التنظيمات المشهورة في بأوروبا، لكن مثل هذه الوثائق أكدت لها صحة استهدافها للتنظيم بجانب كل التنظيمات الدينية الأخرى، وحظرهم من ممارسة أي عمل سياسي أو اجتماعى في البلاد.

ملاحقات أمنية

اكتشاف القوائم جعل جهات صنع القرار في العاصمة «فيينا» تحسم أمرها، وأصدرت أمرًا للشرطة النمساوية بتنفيذ عشرات المداهمات المفاجئة بحثا عن ما يتم الاستعداد له من جانب الجماعة وحلفائها سواء المعلن عنهم أو الذين تعمل معهم في تحالف شبكى سرى.

وعلى هذا الأساس أعدت قوائم كاملة لمعأرضى الجماعة، دون توضيح الهدف الأساسى منها، وكأن هناك أكواد سرية مفهومة للجميع، فيكفى فقط أن تشير بأسماء أو مهام ليعرف أعضاء التنظيم ما هو الذي يجب فعله.

أسفرت الحملات عن اعتقال العشرات من صفوف الإخوان وتفتيش أكثر من 60 عنوانًا على علاقة بالإخوان والإسلاميين في أربع مناطق مختلفة، وكان القضاء أيضا بانتظارهم، وأصدرت الأذونات اللازمة لجهات التحقيق للتبع خيوط عمليات الرصد، وألقى القبض بالفعل على 70 مشتبهًا في انتمائهم ودعمهم لجماعة الإخوان.

معارضي الجماعة

التحقيقات وصلت إلى نتائج صادمة من خلال مداهمة المزيد من مقار الإخوان والجمعيات التابعة لهم، إذ كشفت عن قوائم كبرى لصحفيين ومعارضين للجماعة من كل التيارات السياسية، ولم تترك من معارضيهم من هو معروف عنه الالتزام بتعاليم الدين الإسلامى، بل الدفاع عنه في الغرب، لكنه على عداء أو خلاف مع الإسلاميين ومعهم، لهذا صنفوه ضمن قائمة الأعداء.

حالة الاستنفار العالمى التي ترتبت على الكشف عن هذه الكارثة في دولة أوروبية وليست عربية كان من السهل اتهام قضائها بالتسييس وتزييف القوائم بهذا الشكل لتشويه سمعة الجماعة، طرح العديد من الأسئلة حول ما الذي سيترتب على كتابة مثل هذه القوائم، وما هي خطة الإخوان في المستقبل تجاه معارضيهم.

أول ما تم الكشف عنه من التحقيقات، تلقى هذه الشخصيات المرصودة بالقوائم تهديدات بالفعل بالإيذاء البدنى، اعترف بذلك الصحفية الفلسطينية كوثر سلام، وأكدت أمام جهات التحقيق النمساوية أن هناك العديد من التهديدات المبطنة تصلها باستمرار من الإخوان بسبب رفضها لهم.

كذلك اعترف الصحفى العراقى عامر البياتى الذي تصدر اسمه القوائم السوداء للإخوان، والغريب أنه كان على علاقة ودية معهم، فقط كان يختلف مع بعض أفكارهم، لكنهم صنفوه أيضا في خانة الأعداء.

الهروب من المساءلة

بمجرد فتح القضية، لعب الإخوان على عدة محاور للهروب من المساءلة، الأول محاولة إبعاد التهمة عنهم، خاصة أن مثل هذه الممارسات مجرمة في الغرب وتدخل ضمن أنشطة الأنظمة السرية المعادية للمجتمعات، ومعنى مداهمة مقارهم للبحث عن قوائم سوداء النظر في قضايا أخرى مثل تمويل الإرهاب وغسيل الأموال وإقامة المجتمعات الموازية للإسلاميين، وهى أخطر تهمة تواجه التيارات الدينية بشكل عام في الغرب وليس الإخوان وحدهم.

لكن تحرك الإخوان لإنقاذ التنظيم من هذا الفخ اصطدم مع الحقائق التي بات يعرفها العالم، بعد أن أصبح على دراية أن الجماعة لا تتسامح مع أي معارضة أو خلاف داخل الحركة نفسها، والدليل انقسامها بشكل غير مسبوق، وبالتالى لن يكون لها حجة في تبرير ما يحدث أو إلصاقه في أي جهة أخرى تريد النيل من الإخوان.

في المقابل.. لم تجد الجماعة مفرا من إصدار أمرًا لاتباعها بتطهير المقرات من جميع الأدلة المادية، التي تشير إلى استهداف المعارضين من مقراتها، واستبدالها بأوراق وملفات تحكى تاريخ الجماعة ومظلوميتها الكبرى، والإشارة إلى ضحاياها سواء الذين سجنوا أو الذين خرجوا للمنفى منذ زمن عبد الناصر.

ومن ضمن محاولة تضليل الأجهزة، تركت الجماعة خطابات في مقراتها تؤكد على اعترافها بأنها لم تدعم أعضائها الشباب الذين فروا من مصر بسبب خلافات معهم في بعض النقاط، وشكاوى الشباب من حالة اللامبالاة التي أظهرها التنظيم تجاههم.

وتتصور الجماعة أن مثل هذه الخطابات ستشوش الأجهزة الأمنية، وتترك لديها قناعة أن هناك وشاية بالإخوان الذين يتركون شبابهم، إلا أن تركيز الإعلام الإخوانى على التجريح في الدولة المصرية، واستمرار التحريض ضد أنظمة الحكم العربية المعادية لها، بل وضد معارضيهم من المدنيين، يؤكد أن التنظيم ما زال حيا ويعمل بقوة على استكمال مشروعه.

تحريض الجماعة

وفى هذا السياق.. كشف إبراهيم ربيع، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن قادة التنظيم الموجودون حاليًا في لندن على وجه التحديد، هم خلف هذه التعليمات سواء بكتابة قوائم سوادء أو بمحاولة التخلص منها كما يحدث الآن، وبشكل عام الإخوان لا تستطيع التخلى عن العمل السرى بكل أزماته.

لهذا تجمع مثل هذه القوائم من أجل العمل ضد معارضيها ورصدهم بشكل جماعى إما للتحريض ضدهم على وسائل التواصل أو لاستهدافهم بأى شكل كان، محذرا من تقديم أي احتواء لها، فهى دائما وأبدا تتصنع المظلومية حتى تصل لأغراضها ثم تنقلب على الذين ساعدوها وتستهدفهم بكل الطرق.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية