رئيس التحرير
عصام كامل

الروائية السورية لينا الحسن: أنا محظوظة لترشيحي في القائمة القصيرة للبوكر


  •  ملتقى الرواية العربية في القاهرة مكن الأدباء من التبادل الثقافي
  •  على الحكومات العربية إفساح المجال بشكل أكبر للإبداع
  • ألف ليلة وليلة أقوى الروايات التي وصلت إلى العالمية
  •  الجوائز تزيد من شهرة الكاتب وتسلط الضوء على أعماله
  •  جميع الجوائز الأدبية تخضع للسياسة والتقنين
  •  لجنة تحكيم البوكر تسع جميع التخصصات الأدبية
  •  الرواية لا تحتمل التلقيح الأدبي فكل عمل شاهد على عصره
  •  السرقات الأدبية "فضيحة"

من البادية السورية، إلى عشق الشمس والتأمل في مرآة الصحراء، والتبحر في عالم الرجال والقبائل، انبعثت الكاتبة لينا هويان الحسن من بين كل كتاباتها، كامرأة بدوية تطل علينا بسحر عيونها من وراء "اليشمك"، فلا أنت تعرف ما سر هذا الألق الذي يكتويك عند التأمل في عين امرأة بدوية.

هي روائية وكاتبة سورية، كتبت أول النصوص الروائية عن البادية السورية، وكرست لها عدة أعمال مثل معشوقة الشمس، مرآة الصحراء، بنات نعش، سلطانات الرمل، رجال وقبائل.

تعتبر الكاتبة الأولى والوحيدة التي كتبت عن عوالم البادية السورية، وعموم صحاري الشرق الأوسط؛ حيث امتدت الرقعة الجغرافية التي تناولتها أعمالها إلى بوادي وصحاري الأردن والعراق ونجد.

عملت في الصحافة ابتداء من عام 2003 في جريدة الثورة السورية، في القسم الثقافي، وأشرفت على ملحق الكتب الأسبوعي حتى نهاية 2011، وكانت آخر إنجازاتها، ترشيح روايتها "ألماس ونساء" لتكون ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية.

وفي لقاء جمع "فيتو" بالكاتبة، دار الحوار على النحو التالي:

* في رأيك.. ما هو النفع الذي يعود على الكاتب العربي المشارك في ملتقى الرواية العربية، وهل لملتقيات القاهرة رونق خاص كما يدعي البعض؟
أظن أن الأمم والحضارات دائما ما يقاس تقدمها بتقدم ومدى وعي وثقافة شعوبها، ومدى حرية المبدع فيها، وطالما المبدع قادرا على الإبداع، ولديه القدرة والموهبة، فسوف ينتج ويبدع.

ويستطيع الكاتب الروائي من خلال الملتقى، أن يتعرف على وجهات النظر المختلفة من خلال تلاقي هذه الأفكار واندماجها، وكأنه يتبادل ثقافته الأدبية مع العشرات من الأدباء من مختلف الوطن العربي، ما يولد حالة من الانسجام والوعي؛ حتى يتسنى للكاتب أن يخرج من دائرة ثقافته وجنسيته ليكتشف أن الإبداع والكتابة خارج على كل هذه الإطارات التي تقيده.

أما عن القاهرة فهي الساحرة بجمالها الذي يأخذ الكاتب إلى عالم آخر، أكثر دفئًا وحيوية من أي عالم آخر، هو كرم كبير من قبل القاهره تجاه باقي العواصم والدول العربية، ولافتة جيدة خاصة في تلك الظروف التي نمر بها.

* هل تسعى الحكومات العربية إلى دعم المفكر والمبدع في مثل هذه الملتقيات ؟
تختلف الحكومات العربية من دولة إلى أخرى، منهم من يدعمون تثقيف شعوبهم، ومنهم من يمنعون هذا الحق حتى لا يتثنى للشعب أن يعرف ولا أن يتعلم شيئا فيصير جاهلا، يأكل ويشرب ويعمل كالإبل والأنعام دون فائدة ودون شغب أو رأي يؤرق الحكومات في عرشها، ودائما ما تقاس ثقافة الحكومات أو جهلها من اهتمامها أو تغاضيها عن مبدعها.

ولكن على الحكومات العربية كلها، أن تفسح المجال لكل صاحب موهبة يبدع في عرضها والتعبير عنها وعن شعبه وأهله، فالروائي والمبدع هو شارة الحرية، والحرية هي الإبداع.

* ما الذي يميز شكل ومضمون الرواية العربية عن سواها من الروايات ؟
لا تقتصر أهمية الكتابة على اختلاف شكل الكتابة من رواية لأخرى، وإنما الأسلوب والمضمون هما العنصران الأكثر أهمية فيها، ومعروف عن العرب منذ قديم الأزل أنهم أرباب الكلمة واللغة.

لذا فإن رواية "ألف ليلة وليلة" وصلت إلى أبواب العالمية من سردها وقوامها المتماسك، بعيدًا عن أنها قصة خيالية، إلا أن أسلوبها ومضمونها هما اللذان ميزاها عن سواها، فالجميع يعترف بنصها الرائع.

* ولكن ما السر وراء تراجع الرواية العربية من العالمية والتزامها بالدور الإقليمي ؟
لا يمكن إنكار أن الرواية العربية دائمة التوجه إلى أجواء سردية مغايرة، على مستوى السرد، والحكي، وصناعة الصورة، ومع تطور الرواية، أصبح الموروث الثقافي الجمعي الآن أرضية واحدة تقف عليها الرواية الحديثة.

ليس من الممكن أن تتصدر الروايات العربية القوائم العالمية؛ لأننا لا نعيش في العالم على انفراد، فهناك أمم وحضارات موازية تقدم للأدب العالمي إصدارات ذات قيمة، لذا فإن الرواية العربية تطل من أبواب العالمية بين الحين والآخر.

* كونك إحدى المشرحات في القائمة القصيرة لنيل جائزة البوكر، فما هي الأهمية التي تمثلها الجوائز للكاتب، وهل تزيد من شأنه أم لا ؟
بالتأكيد تضاعف من شأن الكاتب والروائي، وتساعد الكاتب على توسيع أرضية شهرته وتسليط الضوء عليه، وعلى باقي رواياته وأعماله الخاصة، إلا أن مؤلفات الكاتب هي صاحبة الفضل الأكبر في إعطاء الكاتب قيمته وشأنه الذي يستحقه، أما الجوائز فهي عامل ثانوي ومساعد، وليس الرئيسي.

* ولكن هناك بعض الكتاب يسعون وراء نيل الجوائز ويعتبرونها هي العامل الأول في نجاحهم ؟
الكاتب الذي ينظر للجوائز على أنها شغله الشاغل، فلا يستحقها على الإطلاق؛ لأنه على الكاتب أن يتحرر من كل هذه الحواجز التي تعيق تحرره، فلا بد للكاتب أن يتحرر من كل هذه المسميات، وأن يهتم فقط بصياغة شكل روائي يرضيه ويبرز القضايا التي تؤرقه هو والمجتمع على حد سواء، لذا فإن كل من يسعى وراء الجوائز فقط، فهو يسقط من نظري ومن نظر قرائه ومحبيه.

* ماذا عن الأقاويل التي تتردد على أن جائزة البوكر تتعرض إلى سياسات وتقنين على حسب أهواء أصحابها ؟
ليست البوكر وحدها هي التي تدور حولها هذه الشكوك والاتهامات، وإنما كل شيء في عالمنا الحالي صار عرضة إلى التشكيك، والعالم كله أصبح مسيسًا وفق سياسات وقوانين تحكمه، لذا فالبوكر وكل شيء تحت بنود التسييس.

ولكن بالنسبة لي كـ "روائية"، وبغض النظر عما يقال، فإن الحقيقة هي أن البوكر تساعد على انتشار وشهرة الكاتب، لذا فأنا من المحظوظين لأن البوكر جعلتني في قائمتها القصيرة؛ اعترافًا بمجهودي الذي بذلته على المستوى الأدبي والأكاديمي.

* وما رأيك في لجنة تحكيم البوكر التي تعرضت لهجوم كبير خلال الفترة الأخيرة، أنها غير مؤهلة للتحكيم على الأعمال المقدمة ؟
رأيت التعليقات الحادة التي وجهت إلى لجنة تحكيم البوكر في الآونة الأخيرة، واصفين إياها بأنها غير مؤهلة وغير متخصصة في الرواية، إلا أن رأيي هو أن اللجنة تجمع بين الأكاديمي والشاعر والأديب والمبدع، وهو أمر واجب وضروري، وذلك لأن اتجاهات وآراء أي لجنة تحكيم لا بد أن تختلف من شخص لآخر، حتى تصبح ذا قيمة وأهمية، ويكتمل الرأي والنقد.

* هل شهدت كتاباتك نضجًا ما للحصول على الجائزة أو الوصول إلى عتباتها ؟
لا لم أكن أتوقع أن أكون ضمن المرشحين للقائمة القصيرة على الإطلاق، وكتاباتي مرت بكل أطوار الكتابة العادية، من الهواية إلى الاحتراف، حتى وصلت إلى هذه الدرجة المتقدمة من إتقان الكتابة الروائية وحسن الحبك والصياغة.

دائما كنت أكتب عن المجتمع السوري البدوي الصحراوي، إلى أن امتلكت أدواتي التي مكنتني من الكتابة في كثير من المجالات.

* ما رأيك في اتجاه بعض الكتاب الحاليين إلى مثلث السياسة والدين والجنس في كتاباتهم لجذب القارئ ولفت انتباهه ؟
لا عيب ولا بأس في ذلك، فالسياسة صار يدور عليها منوال حياتنا اليومي، فنحن مرغمون على الللتفات إلى السياسة ليلًا نهارًا، والدين مشكلة تؤرق الكثيرين دائما، وأمر جدلي بين جميع الأمم ومختلف الأشخاص، فلا بد أن تتناوله الرواية بشكل أو بآخر.

والجنس صار متوغلًا في كل شيء حولنا، على شاشات التلفزة والإعلام ومواقع الإنترنت المختلفة، التي تتداول المصطلحات والمفاهيم والمقاطع الجنسية، لذا لا يمكن للكاتب أن يكون بمعزل عن دائرة مجتمعه، فهو مرغم على التواجد داخله، وكل هذه المحاور تقع في نفسه، وبالتالي تنصب على كتاباته.

* أي أنك ترين إدراج الكاتب لهذه المصطلحات، شيء لا يستحق النقد ؟
بالطبع لا يستحق النقد، فكيف ألوم على الكاتب نفسه، ولا ألوم على المنظومة المجتمعية التي تضطره إلى مثل هذه الكتابات.

* هل تعتقدين أن معظم الروايات على الساحة الأدبية حاليًا، هي إعادة إنتاج للروايات القديمة ؟
ليس معظمها، ولكن القليل من الكتاب يعملون على إعادة إنتاج الروايات القديمة بشكل يتناسب مع مقتضيات الواقع، وهو إلباس حلة جديدة على الرواية لا أراها مناسبة لها على الإطلاق، فالرواية أيقونة جمال في حد ذاتها لا تحتاج لمن يلقحها، ولا من يفسد أحداثها برونق عصري، فكل رواية شاهدة على عصرها، وذلك يكفيها، أما النصوص الروائية بشكل عام، فلا بد لها من التجديد والتغيير، لتنوع الروايات والأعمال على الساحة الأدبية، "ماء النهر لا بد أن يتجدد حتى يستطيع أن يجري".

* وماذا عن انتشار السرقات الأدبية على الساحة في الآونة الأخيرة ؟
إن فكرة السرقة ذاتها تشبة الكذب، والكذب لا يطول عمره كثيرًا، سيكبر وتتضح معالمه حتى ينكشف كذبه من صدقه، ولا أعتبر أن هذا ذكاء من الكاتب بقدر ما هو "فضيحة".
الجريدة الرسمية