رئيس التحرير
عصام كامل

البَشْعة دليل البراءة والإدانة.. خلف: نخفف العبء عن الشرطة.. لدينا من الأسرار الكثير.. وثقتي في الله وليس في النار |فيديو

البشعة
البشعة
ليس لها أصل في الشرع في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ؛ لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ، وإنَّمَا يجب أن نَعمَل بالطُّرُق الشرعية التي سَنَّتْها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي.


هذا كان رد دار الإفتاء المصرية حينما تحدثت عن البشعة.. إلا أنه إلى وقتنا هذا يوجد البعض منا مازال يؤمن بالبشعة، وهنا وتحديدًا في مركز ملوي الواقع جنوب المنيا، تقابلنا مع المُبشِّع خلف عبد العال، الرجل الخمسيني، الذي يؤمن هو من يتبع تلك المهنة أن "النار" هي السبيل الأوحد في معرفة الحقيقة.


المُبشِّع خلف
«أنا من أبناء مدينة ملوى، توارثت البشعة من أبي الذي توارثها من جده، فأعمل في تلك المهنة منذ ما يزيد عن 35 عاما».. هذا ما تحدث به عم خلف عبد العال، مضيفاً: أن البَشْعة جاء تسميتها بسبب بشاعة الموقف، فما هي إلا لحظات قد تحدد مصيرك القادم إما أن تعيش برئ أو تعيش طيلة حياتك مذنبا.



ماهي البَشْعة
وعن هذا السؤال قال المُبشِّع خلف عبد العال: البَشْعة هي إحدى الطرق التي استخدمتها القبائل العربية في البادية والحضر للحكم على براءة أو إدانة المتهم، بعد استنفاذهم لجميع الأدلة لإظهار المجرم، وذلك بتلحيس النار للسانه، حيث تتم عملية (البَشْعة) بأن يجلس المتهم بجانبي، كذلك يجلس الخصوم والشهود لمشاهدة ما يجري.



تخفيف العبء
يؤكد المُبشِّع خلف عبد العال، بأن البَشْعة تعد نوعا من أنواع المساعدة لكشف المتهم، ونحاول من خلالها تخفيف العبء عن كاهل الشرطة، فيوجد العديد من الأسر لا تحب اللجوء إلى الشرطة لخصوصية الموقف.



والد يتهم أبناءه بالسرقة
وتحدث عن إحدى هذه الخصوصيات، قائلًا: على سبيل المثال، جاءني رجل يتهم أبناءه وزوجته بأن هناك مبلغا ماليا كبيرا فقده خلال تواجد هذا المبلغ بالمنزل، الأب هنا لا يحبذ اللجوء إلى الشرطة لحساسية الموقف، وبالفعل وبعد أن قمنا لنصب البَشْعة، خاف الشاب من منظر البَشْعة وهي كالجمر واعترف بأنه قام بالسرقة، ولدينا العديد والعديد من الأسرار لا نستطيع أن نفصح عنها.


قراءات لا يعرفها إلا المُبشِّع
وتابع: لا يستطيع أي شخص أن يعمل جلسة بالبَشْعة، لأنها تحتاج إلى قراءات  خاصة لا يعرفها إلا المُبشِّع، ولكن في النهاية تكون ثقتك في الله وحده وليس في البشعة، لأنه هو الذي يستطيع أن ينجي شخص برئ، أو يأذي ويظهر شخص صمم على كذبه.

 
أبشع وأظهر لسانك
ويقول عبد العال: يضرم المبشع نارا، ويضع فيها كمية كبيرة من الفحم حتى يحمر، ثم يقوم بوضع قطعة حديدية تنتهي بشيء من الحديد على شكل دائري تشبه الملعقة ولكن تتميز بحجمها الكبير على النار.

ظهر على لسانه بقع
ثم يضعها عم خلف على لسانه ثلاث مرات ليرى الناس أن النار لا تضر الأبرياء، ثم يقول له: أبشع.. على المتهم قبل أن يبشع ويلحس المتهم ثلاث مرات، بعد ذلك يتناول الرجل الذي بُشع قليلًا من الماء، ويتمضمض به ثم يبصقه، فإذا ظهر على لسانه بقع تدل على أنه احترق أو ظهر أثر للنار فيه فهذا يكون المتهم.



يهابون البَشْعة
وأنهى المُبشِّع خلف عبد العال حديثة لفيتو قائلًا : ليس من السهل أن يوافق أي شخص على إخضاعه لجلسة البشعة، والكثير يهابون الموقف ويهابون النار إذا كانوا صادقين أو كاذبين.



الحكم الشرعي
كانت دار الإفتاء المصرية تلقت سؤالًا: "ما حكم البشعة؟" وهي إحدى الطرق التي تستخدمها القبائل وأهل البادية والحضر للحكم على براءة أو إدانة المتهم، وذلك بتلحيس النار للسانه، حيث يتم تسخين يد محماس القهوة العربية حتى تصبح حمراء من شدة النار ويطلب المبشع من المتهم مد لسانه ليضعها عليه بسرعة ومهارة لا يتقنها إلا قلّة من أهل البادية عرفوا هذا الفن وتمرسوا عليه، ثم ينتظر الجميع بضع دقائق، ثم يطلب المبشع من المتهم مد لسانه مرة أخرى أمام الحاضرين، فإذا ظهرت البثور على لسانه فإن ذلك يعني تجريمه أما إذا بقي لسانه سليماً فذلك يعني إعلان براءته من التهمة المنسوبة إليه.



وأجابت الدار بأن البشعة ليس لها أصل في الشرع، وإنما يجب أن نعمل بقول رسول الله: "البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر" أخرجه الدارقطني، فهذا الحديث الشريف رسم لنا طريق المطالبة بالحق وإثباته أو نفي الادعاء الباطل، وهذا ما يجب على المسلمين أن يتمسكوا به دون سواه من الطرق السيئة التي لا أصل لها في الشرع، بل وتنافي العقائد الثابتة بخصوصية الله تعالى بعلم الغيب وأن أحدا لا يعلم الغيب بنفسه إلا الله تعالى، فقد قال تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء}، وقال عز وجل: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا، إلا من ارتضى من رسول}. وإذا علم ذلك فلا يجوز الذهاب إلى من يمارسون البشعة.

الجريدة الرسمية