رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وهم أكاديميات الطب البديل.. «فيتو» تكشف بيزنس «المراكز المضروبة».. 1700 دولار ثمن الـ«كورس».. الحجامة والإبر الصينية أبرز المواد.. و«الصحة» و«التعليم»

فيتو

ارتفاع أسعار الدواء وفيزيتا الأطباء والثقة في العلاج البديل، كلها أسباب دفعت أميرة فرحات التي تنقلت بين مراكز الأطباء والمستشفيات لأكثر من 10 سنوات بسبب «الروماتيزم»، لكي تلجأ إلى «الحجامة» التي اعتادت على مشاهدة إعلانات لها. لم تهتم في البداية حتى قررت والدتها اصطحابها لإحدى مراكز الحجامة لعلها تجد هناك ما تبحث عنه.


«تعبتني جدا ومقدرتش أتحرك بسببها لمدة سنة» هكذا بدأت أميرة عشرينية العمر حديثها لـ«فيتو»، موضحة أنها خضعت للحجامة في أحد المراكز ولكن لم يكن لدى طبيب مختص، بل كان أحد الشيوخ الذين ادعوا حصولهم على دورات في الطب البديل والحجامة، ما تسبب لها في تشوه بالجلد نتيجة التشريط بجانب آلام بظهري استمرت لمدة عام، ولم تفلح الحجامة معها، فعادت لحقن البنسلين مرة أخرى».

41 مليون مصري
حالة «أميرة» لم تكن سوى واحدة من ملايين المصريين يعتمدون على الطب البديل، وفي إحصائية غير رسمية، فقد تجاوز عدد المصريين المعتمدين على الطب البديل 41 مليون مواطن.

ويعود مصطلح «الطب البديل» إلى اللجوء إلى العلاج من خلال النباتات والمنشطات والمكملات النباتية الطبيعية، وتعتمد مصر بشكل رسمي على الطب الكيميائي، ولا تعترف بالطب البديل، نظرًا لأن منظمة الأدوية والأغذية الأمريكية «F.D.A» أفادت، بموجب بحث طبي شامل، أنه لا يوجد حتى الآن دليل علمي واحد على فاعلية هذه الأساليب العلاجية، التي تتبناها وتدرسها كليات ما يسمى بـ "الطب البديل".

وللطب البديل فروع متعددة، منها التداوي من خلال الأعشاب، أو بالحجامة، أو باستخدام الإبر الصينية، والتي تُستخدم في مصر، فقد اعترفت 103 دول بالوخز بالإبر الصينية كطريق من طرق العلاج والتداوي من الأمراض.

اقرأ.. تدخين الأعشاب الطبيعية كالحشيش والقنب يزيد فرص الوفاة بارتفاع ضغط الدم

ولكن العلاج بالأعشاب الطبيعية والحجامة غير معترف به في مصر، رغم الاعتراف به في دول أخرى كالصين وألمانيا وعدد من الدول الأجنبية والعربية، لأنه فعال في كثير من الحالات التي تحتاج لها، ولكن في مصر يتم الاعتماد عليها من قبل معالجين غير متخصصين في الطب، ما دفع إلى تجريمه من قبل وزارة الصحة؛ لعدم وجود سند علمي له، بجانب تعرض بعض الأشخاص للضرر والنصب من قبل بعض المدعين.

وقد وضعت منظمة الصحة العالمية في ورقة بحثية خاصة باستراتيجية «الطب البديل» لعام 2014 حتى عام 2023، رسما بيانيا توضح فيه أن 56 دولة حول العالم من أصل 129 دولة تستخدم الطب البديل، لم تضع تشريعات لممارسة الطب الشعبي بها.


أكاديميات وهمية
ذلك الإقبال على «العلاج الشعبي» دفع بعض الدجالين والنصابين إلى إنشاء كيانات وهمية تعرف باسم أكاديميات «الطب البديل»، توهم البعض بدراسة جميع فروع الطب البديل، وأنها تمنحه تصريح مزاولة مهنة لممارسة الطب البديل، باعتباره طبيبًا، وتبيع هذه الشهادات بمبالغ طائلة جدًا، تصل إلى 40 ألف جنيه.

مركز الشافي لدبلومة الحجامة
«يسر المركز الشافي أن يقدم دبلوم الحجامة.. محاور الدورة: تعليم الحجامة على أسس علمية.. كيفية دراسة الحجامة عملي ونظري، يحصل خلالها الطالب على شهادة دبلوم الحجامة الطبية، وعلى شهادة خبرة بمسمى أخصائي الطب البديل والتكميلي، بجانب كارنيه أخصائي الطب البديل والتكميلي»، كانت تلك الصيغة إعلانًا لأحد المراكز الوهمية التي تروّج لتدريس علوم «الحجامة والعلاج بالأعشاب».

اقرأ ايضًا..استشاري تغذية: لا يجوز استخدام أدوية الأعشاب بدون إشراف طبيب


تواصلت محررة «فيتو» مع صاحب الإعلان، والذي أخبرنا أنه يدعى الشيخ «فريد»، موضحًا أن الأكاديمية تدرس عددا من العلوم منها: «القوانين الخاصة بعلم الحجامة، فوائد الحجامة، الأمراض التي تدخل الحجامة في معالجتها، والفرق بين الحجامة العلاجية والوقائية».

وأضاف لـ«فيتو» أن المركز يمنح الدارسين كتبا وصورا خاصة بعلوم الحجامة، بجانب أن هناك إمكانية الدراسة «أون لاين» مع إرسال الامتحانات، وبعد انتهاء الدورة التي تستمر 3 أشهر بمبلغ 800 جنيه، يحصل الدارس على شهادة بعنوان «دبلوم الحجامة الطبية»، «شهادة خبرة بمسمى أخصائي الطب البديل والتكميلي، وكارنيه أخصائي الطب البديل والتكميلي، بجانب أنها موثقة من وزارة الخارجية، بحسب زعمه».

أكاديمية الطب البديل
كما تواصلت محررة «فيتو» مع أكاديمية وهمية أخرى لتدريس علوم «الطب البديل»، والتي أوضحت أنها تدرس جميع فروع الطب البديل، مثل: «الحجامة والإبر الصينية، والأعشاب الطبيعية»، وهناك أكثر من نظام للدراسة، بداية من «دبلوم الطب البديل» والذي يتم تدريسه لمدة 3 أشهر مكثف بمقابل «1700 دولار»، وهناك الدبلوم الفردي لمدة 3 أشهر أيضًا، ولكن بمقابل 500 دولار.

وأضافت الأكاديمية لـ«فيتو»، أن هناك دراسة للبكالوريوس بمقابل 2000 دولار في علوم الطب البديل، ويمكن للفرد بعد انتهاء الدراسة تحضير الماجستير والدكتوراه، وبعد انتهاء الدورة يحصل الطالب على شهادة موثقة من وزارتي الخارجية والزراعة.

100 كيان وهمي
من جانبها، نجحت وزارة التعليم العالي خلال العام الماضي في ضبط أكثر من 100 كيان وهمي، وتحرير محاضر لها وإصدار قرارات إغلاق، وأهابت الوزارة بالطلاب عدم الانسياق وراء هذه الكيانات الوهمية، والالتزام بما هو موجود على موقع الوزارة من جامعات ومعاهد حكومية وخاصة؛ حتى لا يقعوا فريسة لهذه الكيانات الوهمية.

وفي مارس 2017، أصدرت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا قضائيًا، أوصت فيه بعدم قبول دعوى طالبت بإلزام وزارة الصحة بالاعتراف رسميا وإصدار تراخيص بمزاولة ما يسمى بـ«الطب البديل التكميلي أو الطب الشعبي التقليدي» أو غيرها من المسميات، والاعتراف به واعتماده ضمن السياسات العلاجية المعترف بها من قبل الوزارة.

وأضاف التقرير أن هذه الممارسات لا تعد من قبيل ممارسات الطب العلمي المعترف به أكاديميًا في الجامعات والمعاهد الطبية الحكومية أو المستقلة المعترف بها عالميًا، أو أنظمة الصحة الحكومية القائمة على نسق علمي، مثل: منظومات الرعاية الصحية، والتأمين الصحي.

نرشح لك.. أستاذ أمراض كبد: تجار الأعشاب وراء حملات تشويه علاج فيروس سي

كما أكد التقرير أن هذه الممارسات من قبيل العلوم الطبية الزائفة (Pseudomedicine)، بل وتعد في كثير من دول العالم من قبيل أعمال النصب والغش والتدليس أو الدجل الصحي (Quackery).

غير معترف به
بدوره، أوضح سامي سعد، رئيس نقابة العلاج الطبيعي، أن الطب البديل لم تعترف به مصر حتى الآن برغم مزاولته في دول أخرى، نظرًا لعدم وجود سند علمي له، وخاصة الحجامة، كما أن الشرط اللازم لإجرائه أن يكون لدى طبيب مختص وليس الهواة، لأن له مخاطر عديدة.

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، أن مخاطر الحجامة تتمثل في نقل الفيروسات مثل فيروس سي وغيرها بجانب الأنيميا الحادة، ولم يتم تدريسها في كليات العلاج الطبيعي، بل في كلية الزراعة التي تدرس الأعشاب الطبيعية، وفرع الطب النبوي بقسم الحديث بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر.

وتابع أن ممارسات العلاج بالأعشاب لابد أن ترجع إلى أساس علمي ومتخصصيين بدلًا من استنادها إلى مجموعة «محتالين» يتاجرون بآلام المرضى، كما يحدث حاليًا.

إغلاق من قبل وزارة التعليم العالي
ومن ناحية أخرى، أوضح الدكتور صابر غنيم، مدير إدارة العلاج الحر سابقًا، أن تلك الأكاديميات والمعاهد الوهمية اتُخذت إجراءات قانونية ضدها من قبل الشرطة ووزارة التعليم العالي من أجل إغلاقها، ومعاقبة أصحابها بتهمة النصب وإدارة منشآت غير مرخصة.


وتابع، في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أن إدارة العلاج الحر لا تعتمد شهادات الحاصلين على دبلومات الطب البديل؛ لأنه لم يُعترف به في مصر، ولا يمكن الاستناد إليه كنوع من أنواع العلوم الطبية.

الصيدلة والعلوم
ومن ناحيته، أكد الدكتور علي عبد الله، رئيس مركز الدراسات الدوائية، في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، أن دراسة علوم الأعشاب متخصص بها كليات الصيدلة والعلوم، وذلك من أجل ممارسة مهنة الصيدلة وتركيب الأدوية، ويسمح للصيدلي فقط ممارسة تلك المهنة؛ لأنها تتعلق بحياة المواطنين.
Advertisements
الجريدة الرسمية