رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أوراق سد النهضة الأخيرة.. فشل اجتماع «عطبرة» يجبر القاهرة على التفكير في البدائل.. الضغط الدولي على إثيوبيا الأهم.. حديث الرئيس في الأمم المتحدة بداية عولمة القضية.. واتفاقية جديدة تحسم الجد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لم تستخدم حيلها هذه المرة.. مراوغة أديس أبابا بدت للعيان منذ اللحظة الأولى، والوصول إلى نهاية مرحلة هي خطوة قادمة حتى لو تم تأجيلها عامين، بذلك المنطق قررت إثيوبيا أن تعلن وفاة مفاوضات سد النهضة - الميتة أصلًا منذ شهرين- لولا محاولات الإنقاذ من الجانب المصري، ظهر ذلك جليًا في اجتماع عطبرة الذي شهد تشييع المفاوضات إلى مثواها الأخير، فيما اختارت القاهرة إلقاء الكرة في ملعب وزارة الخارجية التي طلب وزيرها سامح شكرى من نظيره الإثيوبى استئناف المفاوضات، في موقف تعجب له الكثيرون.



اجتماع عطبرة
جنازة المفاوضات بدأت منذ أسبوعين حين تمت الدعوة لاستئناف المفاوضات في المدينة السودانية “عطبرة”، وقبلت إثيوبيا الدعوة المصرية على مضض، وما أن اجتمع الخبراء لمدة يومين حتى خيم الصمت على الحاضرين، وآثرت وزارة الرى الصمت فلم تخرج ببيان عما حدث، لكن مصدرًا داخل اللجنة الفنية أكد لـ “فيتو” أن أديس أبابا رفضت منح المكاتب الاستشارية تصريحًا بزيارة المنشآت الفنية على النهر حتى يتم إنجاز الدراسات التي ستكون الفيصل بين مصر والسودان من جهة باعتبارهما دولتى مصب وإثيوبيا من جهة أخرى.


ذلك التعنت الإثيوبى لم يكن الأول من نوعه؛ ففى منتصف يوليو الماضى أعلنت المكاتب الاستشارية أن إثيوبيا هي من رفضت إعطاءها المعلومات اللازمة لإنجاز الدراسات ما تسبب في تأخيرها وضياع 5 ملايين دولار دفعتها القاهرة كحصتها في الدراسات.


بعد فشل اجتماع عطبرة جاء حدثان أولهما حديث الرئيس السيسي في الأمم المتحدة عن مشكلة سد النهضة في إشارة لم يخطئها مراقبو الملف المائي، كما ظهر في الصورة مرة أخرى سامح شكري، وزير الخارجية، ولم يعد السؤال كيف سنستأنف سد النهضة بل ما هي بدائل مصر للخروج من هذا المأزق؛ إذ ليس من الممكن استئناف المفاوضات ثم العودة إلى التوقف مرة أخرى بسبب “تلكيكة” إثيوبية، كما حدث خلال العامين الماضيين.


مصدر داخل اللجنة الفنية لسد النهضة يقول لـ «فيتو» إن المفاوضات الفنية متوقفة فعليًا منذ أربعة أشهر، وكل الحديث يدور حول سنوات ملء الخزان، فإثيوبيا تريد 3 سنوات ومصر تفضل 7، دون ذلك فلا أي تقدم، حتى التقرير الأول للمكاتب الاستشارية لم يتم مناقشته.


المصدر ذاته أكد لـ “فيتو” أن الخبراء المشاركين أنفسهم باتوا على اقتناع بأنه لا فائدة، خاصة أن بناء سد النهضة مستمر دون أي توقف، وكل يوم يمر بمثابة خسارة للقاهرة التي لم تستغل أوراقها كاملة حتى الآن، وبات المطلوب متى سنتحرك.


الضغط الدولي
من ناحية الدولة، فبحسب مراقبين للشأن المائى ستختار طريقتها المفضلة في الرد على الجانب الإثيوبى من خلال ضغط وزير الخارجية سامح شكرى الذي يمتلك من أسباب القوة ما يمكنه من استئناف المفاوضات، لكن حتى وإن كانت تلك الطريقة مضمونة النتيجة، والكلام لخبراء المياه، فإنها لن تحل المشكلة الأساسية ولن تضمن أيضًا عدم تعثر المفاوضات مرة أخرى. 


إعلان المبادئ سيكون ورقة البداية لدى مصر للضغط على إثيوبيا كما يتوقع خبراء الملف المائي، وما حديث الرئيس في الأمم المتحدة إلا بداية لعولمة القضية، إذ إن أديس أبابا، وباعتراف المكاتب الاستشارية، رفضت التعاون في إنجاز الدراسات وذلك عكس إعلان المبادئ الذي تم التوقيع عليه في الخرطوم 2014 من رئيس وزراء إثيوبيا ونظيريه المصرى والسوداني، وينص على أن تلتزم الدول بتسهيل عمل الخبراء الفنيين في المكاتب الاستشارية.


والضغط الدولى لا يشترط أن يكون مباشرًا بل يمكن من خلال وساطات، كما رأى الدكتور أحمد الشناوي، خبير السدود، والذي رأى أن إثارة قضية سد النهضة في الأمم المتحدة قد يكون بداية للتحرك دوليًا من خلال بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية في الضغط على أديس أبابا.


الورقة الثانية الدولية التي من الممكن اللعب بها، بحسب «الشناوي»، هي اللجوء إلى محكمة العدل الدولية؛ إذ إن هناك اتفاقًا يلزم رئيس وزراء إثيوبيا بإنهاء المفاوضات في مواعيد محددة، وبالتالى فإن موقف القاهرة قوي، وقد تكون الوساطات هي مرحلة تمهيدية لرفع الأمر لساحات القضاء العالمي.


التحزب الأفريقي
وبعيدًا عن تلك الورقتين فثمة ورقة ثالثة تتمثل في التحزب الأفريقى من خلال علاقات قوية مع أقوى دول حوض النيل «تنزانيا - أوغندا»، وهى دول لها الكلمة العليا في أديس أبابا نظرًا للمصالح الاقتصادية المشتركة.


الدكتور ضياء القوصي، عضو اللجنة الفنية السابق لسد النهضة، يرى أن أي طريق فيه قانون دولى لن يكون في صالحنا، فالاتفاقات التاريخية بين مصر ودول حوض النيل تمت في حقبة كانت دول الحوض تحت الاحتلال، أما إعلان المبادئ فهو لا يتعدى ورقة عمل، وبنص ما جاء فيه فإن تلك البنود تُحْتَرم، وهو ما يعنى أنها غير ملزمة.


الحل العاجل الذي يراه القوصى في هذا الوقت هو توقيع اتفاقية بين مصر ودول حوض النيل تنص على حصة مصر التاريخية، وهو ما يعنى تأمين القاهرة بحصتها بعيدًا عن أي لغط، وفى تلك الحالة فلتبنِ إثيوبيا السد كما تشاء فهى ملزمة بحصة معينة ستمررها لمصر، أيًّا كان الوضع.
Advertisements
الجريدة الرسمية