رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

120 ألف شهيد في حفر قناة السويس.. ثم بيعها مجانا!

بسبب البذخ فى حفل افتتاح قناة السويس استدان الخديوى إسماعيل، وتكاثرت الديون على الخزانة المصرية، الحفل الذى غاب عنه أهل وأبناء أكثر من 120 ألف شهيد دفنوا فى الصحراء، أو ألقى بهم فى الصحراء بالتشبيه الأكثر واقعية، هذه المعلومات تناثرت ووصلت إلى رجال المال والأعمال في أوروبا، خاصة بعد عجز مصر عن تسديد ديونها، هنا بدأت فكرة بيع الأسهم المصرية فى القناة لدى الخديوى ورجاله .


وبالفعل طرح الخديوى إسماعيل في عام 1875 فى بداية شهر نوفمبر، الأسهم التى تمتلكها مصر في قناة السويس، 44% من إجمالى أسهم قناة السويس للبيع، للهروب من إعلان الإفلاس، الغريب أن رئيس الوزراء البريطانى، بنيامين دزرائيلى، إشتراها وذلك بعد حصوله على قرض قدره ٤ ملايين جنيه إسترلينى من بنك عائلة روتشيلد، من أجل شراء هذه الأسهم قبل إخبار البرلمان .

صفحة من تاريخنا المجهول!
ولأن شراء أسهم مصر يعد صيدا ثمينا لإنجلترا، سرعان ما تمت الإجراءات، فى يوم 25 نوفمبر، تحرر عقد البيع باسم الحكومة الإنجليزية، وقع عليه من الجانب المصرى إسماعيل باشا صديق، وزير المالية، والجنرال ستانتون، قنصل بريطانيا، نائباً عن الحكومة الإنجليزية، أحد أهم وأخطر القرارات فى تاريخ مصر فى القرن التاسع عشر.

لأن بيع أسهم مصر فى القناة، حرم مصر من أى عائد أو فائدة لمصر صاحبة القناة التي دفعت من خيرة شبابها أكثر من 120 ألف شهيد، غير المال الذي كانت حكومات مصر تدفعه إرضاء لديليسبس، الذى كان يحذر الخديوى والحكومة المصرية من أى تأخير، لأنه لو حدث سيشوه سمعة مصر وحكوماتها أمام الأوروبيين .

ولكن كيف كان البذخ وما هى الدوافع التى جعلت الخديوى إسماعيل يلجأ إلى الظهور بشكل يحمل خزانة الدولة أكثر مما تتحمل؟! لقد تكلفت احتفالات الافتتاح مليونين وأربعمائة ألف جنيه.. رقم غير مسبوق أن يتم صرفه على احتفال؟

من أجل حفل الافتتاح سنذكر بعض مظاهر البذخ، التى شارك فيه أكثر من 100 ألف من الأجانب والمصريين، أقام مدينة بورسعيد وبنى قصرا فخما على بحيرة التمساح لاستقبال الضيوف، أقام 1200 خيمة لإقامة وترفيه عن الضيوف فى منطقة القناة، بناء عدة قصور لاستقبال الضيوف أبرزهم قصر فى الجزيرة حتى يكون مقرا للأميرة أوجينى والوفد المرافق، بناء الأوبرا خصيصا للحفل وتكلفت 160 ألف جنيه، وقد تم بناء الأوبرا فى وقت قياسى..

الحفاء وعيد ميلاد الملك فى عصر الاحتلال!!
وهنا أذكر تصريح الفنان العالمى مصطفى ناجى عن أسباب احتراق الأوبرا فى 1971 عن آخرها، فقال: لأن الأوبرا بنيت على عجل فلم يكن هناك متانة بما يتناسب مع التصميم وليس فيها أى عوامل للإنقاذ بسبب هشاشة البناء الأساسي !

هل افتتاح القناة كان لا بد أن يصاحبه هذا البذخ والسفه فى الصرف!؟ ما هو الهدف الحقيقى الذى من أجله حدث هذا البذخ؟ الحقيقة إن الهدف الذى دفع الخديوى لفعل كل هذا أن يرى الأوروبيون مصر وما أطلق عليه "النهضة" ومشروع النهضة كان شعارا فقط لا يعرفه إلا من أطلقه، وطالما لم يصل إلى فقراء الوطن فإنه دجل وكذب، وبسبب هذا البذخ والاسراف الغريب ضاعت القناة وبيعت أسهم مصر فى القناة، وإعطاء حق الامتياز إلى الأوروبى المرابى 99 سنة، والقناة التي كانت بمثابة الدجاجة التى تبيض ذهبا.

وبسب هذا حاولوا مد حق الامتياز في بداية القرن العشرين، إلا أن مشروعهم بسبب الرفض الشعبى، واغتيال من كان يروج له أحد رجال الإنجليز في مصر بطرس غالى على يد الفدائى ابن فقراء مصر إبراهيم ناصف الوردانى ولهذه القصة أهمية لابد أن نعيد قراءة أوراق التاريخ فيها.

* صفحة من تاريخ مصر الذى يجب أن نقف ونتعلم منه، ويعرفه جيدا أولادنا وأحفادنا، وشباب الأمة، لنتعلم ونستفيد، من أجل مستقبل أفضل، وإلا ستضيع مصر منا، كما أضاعها أبناء محمد على فى القرن التاسع عشر وحتى ثورة 23 يوليو 1952 .
وتحيا مصر .
Advertisements
الجريدة الرسمية