رئيس التحرير
عصام كامل

ويسألونك عن "قطر"

الواقع على الأرض يؤكد أن الصلح الذى أبرمته كل من "مصر والسعودية والإمارات والبحرين" مع دولة "قطر" منذ أيام، خرج بلا مضمون أو ضمانات وتم تحت ضغوط، وسيظل مرفوض "شعبيا" وغير مكتمل "رسميا" لقناعة الجميع باستحالة فتح علاقات سوية مع "الدوحة" فى ظل وجود نظام "تميم" الذي أثبتت الأيام أنه لا أمل في تغيير سياساته الكارثية، التي لا تحمل سوى كل شر لشعوب المنطقة.


فالقارئ للأحداث يستطيع أن يكتشف وبسهولة، أن الهالة والمشاهد الاحتفالية التى حاولت المملكة العربية السعودية أن تغلف بها أجواء المصالحة، بدت منذ اللحظة الأولى "منقوصة" بعد غياب كل الشركاء الرئيسيين المحركين للأزمة عن المشهد، والاكتفاء بتمثيل شكلى، عكس حقيقة المواقف "غير المعلنة" من المصالحة.

وهو ما عكسه غياب الرئيس "السيسي" الشريك الرئيسى فى قرار المقاطعة، مكتفيا بحضور "سامح شكرى" وزير الخارجية، الذى وقع على بيان المصالحة "متجهما" وغادر محافظة العلا دون انتظار لاستكمال أعمال القمة.

مصير علاقات "التطبيع" المجاني

كما غاب" الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان" رئيس دولة الإمارات، وأحد شركاء المقاطعة أيضا، ومعه حليف السعودية الاستراتيجى وشريكها فى الحرب اليمن "الأمير محمد بن زايد" فى الوقت الذى رفض "حمد بن عيسى آل خليفة" ملك البحرين الحضور أيضا، مكتفيا بتمثيل ولى عهده الأمير "سلمان بن حمد آل خليفة".

مشهد المصالحة مع الدوحة الذى دار ضمن فاعليات القمة الخليجية، مازال بالفعل "غامضا" سواء فى شروطه التى لم يتم الإعلان عنها، أو تفاصيله التى مازال يجهلها الجميع، حيث بدا وكأنه انصياع لضغوط وأهداف أمريكية، خاصة فى ظل تأكيد "الدوحة " قبل وبعد التوقيع، أنها تحاورت بشأن عودة العلاقات دون شروط مسبقة، وعلى أساس الندية، واحترام السيادة، ورفض الشروط الـ 13 التى فرضتها الدول الـ 4  لمساسها بشكل مباشر بسيادة قطر الوطنية".

فى الوقت الذى لم يخرج فيه مسئول واحد من أي الدول "شركاء الأزمة" لينفى أو يؤكد ما صرحت به الدوحة، أو يوضح الشروط التى تمت على أساسها المصالحة، أو يحدد مصير الشروط الـ 13، أو الموقف من الدعم القطرى اللا محدود للجماعات المتطرفة، وتدخلها الدائم فى الشئون الداخلية لمصر ودول الخليج.

كما لم يتطرق بيان المصالحة الذى وقع برعاية أمريكية "ولو بالإشارة" لمستقبل علاقات الشراكة الاستراتيجية التى تربط الدوحة بكل من "تركيا وإيران" والتى ترى فيها الدول الـ 4 تهديدا صريحا لأمنها القومى، خاصة فى ظل الدعم القطرى غير المحدود لقيادات جماعة الإخوان المسلمين، والمنابر الإعلامية المعادية لمصر فى تركيا، والدعم الهائل لـ "جماعة الحوثي" فى اليمن برعاية إيرانية، والتى تهدد المملكة العربية السعودية بشكل مباشر.

يوم انتخبت "صدام" رئيساً للجمهورية

للأسف، المشهد حتى هذه الساعة يؤكد أن الدول الـ 4 قدمت لقطر مصالحة "مجانية" استفادت بموجبها من عودة استغلال الأجواء السعودية والإماراتية والبحرينية، كبديل عن الأجواء الإيرانية، وهو ما كانت ترغب أمريكا فى تحقيقه، فى الوقت الذى رحموا فيه الاقتصاد القطرى من نزيف الخسائر اليومية الضخمة الناتجة عن المقاطعة التى استمرت  42 شهرا.

ولعل أغرب ما فى الأمر، أنه رغم كل هذه التنازلات، لم تحصل أى من الدول الـ 4 حتى على مجرد "تعهد" يضمن وقف دعم "الدوحة" للجماعات المتطرفة، أو حتى وقف الحملات الإعلامية القطرية المعادية لاطراف المصالحة، بدليل استمرار قنوات "الجزيرة" فى تلفيق التهم واختلاق الأكاذيب ضد "مصر" حتى اليوم، وإعلان وزير الخارجية القطرى فى اليوم الثانى للتوقيع "صراحة" أن بلادة تفخر بـ"الجزيرة" وأنه لم يتم التطرق  لسياستها أو أدائها الإعلامى خلال مفاوضات المصالحة أو قمة العلا.

الواقع يقول إن ما قامت به الدول الـ 4 مع قطر، لا يعكس سوى "مصالحة شكلية" تمت تحت ضغوط ودون ضمانات تلزمها بتنفيذ أى من الشروط الـ13 التى نفت "علنا" أنها نفذت أو ستنفذ أيا منها فى المستقبل، وهو ما يجعل المصالحة بالنسبة لمصر على الأقل مجرد "حبر على ورق" لا تشفى غليل "أم شهيد" سقط بنيران أموال "نظام تميم".. وكفى.
الجريدة الرسمية