رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وزيرة الصناعة.. كفاءة فى غير موضعها

عظيم أن يلتفت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قطاع الصناعة، ويدعو إلى توطين التكنولوجيا وتعميق التصنيع المحلى في فترة نتصور أن الاتجاه إلى الإنتاج هو الطريق القويم لدعم الاقتصاد دعما حقيقيا لا وهميا.


قلبت صفحات الشبكة العنكبوتية قبل الكتابة بحثا عن موقع وزارة الصناعة، فوجدت ما يسر العدو دون الحبيب.. موقع الوزارة موقع عقيم، متخلف، ثقيل، معظم أخباره لا أصل لها على الموقع، ويكفى أن تضغط على لينك أي خبر لتخرج لك لافتة تقول "حدث خطأ".. إذن لا أصل لهذه الأخبار..

ما علينا.. اكتشفت أن الوزارة اسمها الرسمي وزارة التجارة والصناعة.. نعم فالتجارة أولى من الصناعة، وهذا مبدأ من المبادئ التي كتب فيها قديما كاتب كبير، عندما قدم نصائح عشرة لمن أراد أن يستثمر في مصر، كان أولاها لا تزرع، وثانيها لا تصنع، وأهمها: تاجر.. تاجر في كل شيء، لأن الصناع والزراع مطاردون في كل عصر وزمان، لأنهم ببساطة لا يتاجرون فالتجارة شطارة، أما الصناعة والزراعة فهي صداع، فالصناعة تعنى تشغيل ورواج وأيدي عاملة وإنتاج وتصدير وتلبية احتياجات السوق، أما التجارة فهي استيراد واحتكار وتحقيق مكاسب من الهواء.. بالطبع التعميم آفة ولكن هذا هو الحال.

الصناعة والتجارة
ما علينا فالوزارة للتجارة أولا ثم الصناعة ثانيا.. وأخيرا.. تعالوا إلى الوزيرة التي استقبلت توجيه السيد الرئيس وهي كفاءة مصرية مهمة.. الدكتورة نيفين جامع التي تخرجت في كلية التجارة.. لاحظوا.. التجارة.. لا علاقة لها بالمصانع والآلات والماكينات والصناع.. إذن الدكتورة نيفين جامع كفاءة في غير موضعها!!

كل خبرات الدكتورة نيفين جامع تنصب على القطاع المصرفي، وربما لا تعرف موقعا صناعيا واحدا، ولا علاقة لها بمناطق القوة في التصنيع المصرى، ولا مشكلات الصناع، ولا البيروقراطية التي تطاردهم ليل نهار.

توجيهات الرئيس السيسي بالالتفات إلى هذا القطاع الحيوى تستوجب حوارا وطنيا خالصا مع أصحاب الشأن، ففي مصر رجال صناعة بعضهم هجرها، وبعضهم تقوقع بعد أن وصلته رسائل سلبية شتى، على مدار عقود طويلة أهملنا فيها الصناعة لصالح تجارة بائرة في قمامة الصين، وإغراق الأسواق بمنتجات أقل جودة لصالح المستورد ضد الصانع.

على مدار عقود طويلة وقف الصانع المصرى مثل الفلاح وحيدا في مواجهة المجهول، فصار الأمر إلى ما صار إليه من تهميش وإقصاء ومطاردة.

وكما يقولون أهل مكة أدرى بشعابها، وأهل الصناعة أعلم بما نحتاج إليه من أدوات تمكين وتعميق وقدرة على المنافسة وتغطية السوق المحلى من صناعات ليست معقدة ولا هي مستحيلة، وهو الأمر الذي يجعلنا نفكر في إسناد الوزارة إلى واحد من أهل الصناعة يمكنه فك طلاسمها ودعمها وإزالة المعوقات من طريق تقدمها وتطورها.

مؤتمر للصناعة
وقد أدهشنى أن الرئيس الإيرانى تحدث عما أسماه "إزالة الموانع" من طريق الصناعة، وقد عددها باستفاضة وكأنه يتحدث عن مصر إذ يبدو أن القطاع الصناعى واحد في مشكلته وواحد في أدوات تمكينه.
تحدث الرجل عن الحوافز الغائبة للصناع، وتحدث عن آفة التهريب والضمير الغائب لدى بعض المستوردين، وغياب الإرادة الرسمية في تمكين الصناع من أدواتهم.

إذن القضية واحدة في عالمنا الثالث.. الجرى وراء المكسب السريع وستجده في التهريب والاستيراد الساعى وراء تحقيق أرباح على حساب المنتج المحلى.

وبعيدا عن أن موقع وزارة الصناعة يحتاج إلى توطين تكنولوجى، وبعيدا عن خبرات وزيرة الصناعة التي تتركز في القطاع المصرفي، وبعيدا عن أن وزارة الصناعة اسمها الرسمي وزارة التجارة والصناعة، فإن توجيهات الرئيس السيسي تحتاج إلى أجندة عمل واضحة تستمد بنودها من حوار جدى وحقيقي وصريح، ينطلق من صناع يعيشون بيننا، ونسمع منهم كثيرا دون أن نحرك ساكنا.

قال لى أحد رجال الصناعة المعروفين إن مصر تستطيع أن تنهض في سنوات قليلة، إذا ما أولت القطاع الصناعى أولوية أولى وشرح لي بالتفصيل أن الأمر ليس معقدا وتحقيقه ممكن جدا.

وحتى لا تذهب توجيهات الرئيس السيسي إلى منحى البيانات الرنانة من قبل مسئولين هم أبعد ما يكونون عن القطاع، فإن مؤتمرا اقتصاديا يدور حول الصناعة المصرية وكيفية اضطلاعها بدورها، ويكون تحت رعاية الرئيس السيسي قد يكون بداية حقيقية للخروج من عنق الزجاجة.
Advertisements
الجريدة الرسمية