رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وداعا عام الكورونا!

أيام قليلة تفصلنا عّن بداية العام الجديد ٢٠٢١، ويُسدل الستار نهائيا على عام ممتلئ بالأحزان منذ بدايته، وأتمني وأنا أكتب سطور هذا المقال أن يقضي الله الأيام المتبقية فيه علي خير!


٢٠٢٠ كان عاما أراه في قناعتي من أهم الأعوام في حياتي من حيث الدرس والعبرة والرسالة، ورغم كل ما شهدته أيام هذا العام من أحداث مأساوية، فقدنا فيها الكثير من الأهل والأحباب، إلا أنه كان عام الرسالة الكونية من رب العزة والقدرة الإلهية، إلي السواد الأعظم من سكان الأرض، حيث لم يحم مال أو سلطان صاحبه من فتك هذا الفيروس الدقيق الذي لا يستطيع أحد رؤيته أو تمييزه، ولم تحم جنسية أي دولة أو مملكة من فتكه، فقد سجلت الولايات المتحدة وحدها أعلي نسبة إصابة ووفيات علي مستوي العالم.

لم يفلت من هذا الوباء صغار العمر كما أدعي البعض، فقد فقدنا أحبابا في سن الشباب، ولم يسلم منه الشيوخ الذين تحصنوا في بيوتهم ولم تفارق المطهرات حيواتهم، فقد كانت الرسالة قوية، تحمل الخلاصة وهي قدرة رب السموات والأرض دون أسباب!

بدون عنوان!

أيها الأحباب، لقد كانت رسالة ٢٠٢٠ قوية وعادلة للجميع، حيث حرمان الفقير والغني علي حد سواء من نفس الأشياء، والتزامهم أيضا بنفس الأشياء، الجميع أصبح محروما من نعمة الحياة العادية وما كانت أحلاها نعمة لم نشعر بقيمتها ونحن نمتلكها، نعمة الذهاب إلي العمل والمدرسة والجامعة والتنزه مع الأهل والأصحاب، والجميع أصبح ملتزما بضرورة ارتداء الكمامة وعدم التواجد في تجمعات وتعطيل المصالح الحكومية علي الجميع دون استثناء وتوقف الطيران بين بلدان العالم دون تصاريح لأحد، وأصبح الجميع لا يعلم ماذا يحدث غدا!! 

وهنا كانت الرسالة الأهم، حيث تعودنا جميعا أن الحياة تسير كما هي دون توقف ولا يحرمنا منها سوي الموت، لكن رسالة رب الحياة والموت كانت أقوي من كل شيء، كانت رسالة للجميع، أن رب الكون قادر علي أن يحرمنا من كل شيء دون أن يرسل لنا ملك الموت، فيكفي أن يرسل لنا كائنا دقيقا لايراه أحد، اختلف من اختلف، واتفق من اتفق أن هذا الفيروس مؤامرة وتم إنتاجه معمليا، فتبقي في النهاية حقيقة واحدة أن كل شيء يحدث في هذه الأرض إنما هو قرار من رب العالمين!

ولكن الشاهد ونحن علي أبواب العام الجديد، ومع ظهور بعض علامات التحكم في هذه الجائحة مع ظهور اللقاحات، أن أحدًا لم يدرك الدرس جيدا، فإذا بنفس السلوكيات السامة تطل عَلِينا من جديد من نفس الأشخاص، الذين يصدرون أنفسهم لنا، أنهم أصحاب المال والشهرة والسلطان، ولا يقدر عليهم أحد، ويتفاخرون عبر وسائل الفتنة الاجتماعية بكل ما هو ضد تعاليم كل الأديان السماوية والأعراف، حيث كل مشاهد الفحش والتبرج والدياثة. 

احترم نفسك.. أنت تستحق!

إنها الردة ونحن للأسف لم نكن منها ببعيد حتي أثناء ذروة الجائحة، حيث أصبح التنمر والسخرية واقتران الجهل بالثروة والسب واللعن والتملق والنفاق والوصولية والأنانية والكذب والمجاهرة بالمعاصي أسلوب حياة، وزاد عليها فيديوهات نجوم المهرجانات الذين يتراشقون بالألفاظ دون مانع أو رادع، ويتفاخرون بسياراتهم الفارهة وملابسهم باهظة الثمن ومنازلهم الفخمة، ليبعثوا رسائل سلبية مدمرة لأبنائنا، حتي من يعيشون أفضل منهم أو مثلهم من حيث الثراء، يفقدون مع هذه الرسائل حماسهم ورغبتهم للدراسة والعمل، واتهام أهلهم من أساتذة الجامعات والعلماء وغيرهم بأنهم أضاعوا أعمارهم في عبث العلم والدراسة، حتي الأثرياء منهم، فما بالكم بالسواد الأعظم من أبنائنا الذين يفتقرون لهذه الرفاهيات في حياتهم!!!

للأسف أشعر بإحباط شديد، ولا أستطيع أن أشعر بأي أمل، مادام نفوس البشر كما هي لم تتغير، فكم كنّت أتمني ونحن علي أعتاب عام جديد ونودع عام الكورونا، أن نكون قد استوعبنا الدرس وعدنا إلي الله وإلي أنفسنا، وعلمنا علم اليقين، أن الحياة قد وصفها الله بالدنيا، وأن الآخرة خير وأبقي، حتي نعمل لها كأننا نموت غدا، لأن الموت حق ثابت لا تغيير فيه، أما الحياة فهي قرار من واهب الحياة، ولكن للأسف اخترنا الحياة ونسينا الموت، كما قال رب العزة في كتابه العزيز: "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ" صدق الله العظيم. 
Advertisements
الجريدة الرسمية