رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وانت مال حضرتك!

المعنى الذي نعرفه من العزاء، هو المواساة، أن تواسي الإنسان الذي فقد حبيبه، تقف بجانبه وتشد أزره، وتتعاطف معه، لا أن تحزن معه وتتوحد مع مصيبته. والذين ذهبوا إلى الجنازة صباحا ثم رقصوا مساءً لم يفعلوا جريمة، لأن سمير غانم ليس قريبا لهم.


لقد قام الجميع بالواجب الإنساني مع زميل رحل كما سيرحل الجميع، الحياة لا تستحق كل هذه الكراهية والتحفز، ولو رأى سمير غانم الصورتين ربما ابتسم، فالحزن في القلب والحياة ماضية، والحداد ليس دليلا على الحب أو الإخلاص. لا أحد يجب أن يتوقف أمام الحزن، بل يجب أن يمضي في حياته سهلا وبسيطا، فالحياة لا تستحق كل هذا العناء مع ملاحظة أن الناس الان راحت تدفن موتاها وتنصرف سريعا عكس السنة والقصد من العزاء علي القبر..

وكانَ النَّبيُّ ﷺ إِذَا فرَغَ مِن دَفْنِ المَيِّتِ وقَفَ علَيهِ وقال: استَغْفِرُوا لأَخِيكُم، وسَلُوا لَهُ التَّثبيتَ، فإنَّهُ الآنَ يُسأَلُ وعن عمرو بن العاص قَالَ: "إِذَا دفنتُمُوني فَأقِيمُوا حَوْل قَبرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، ويُقَسَّمُ لَحْمُها، حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكم، وأَعْلَم مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ ربِّي". وقَالَ الشَّافِعِيُّ ويُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ شيءٌ مِنَ القُرآنِ، وَإن خَتَمُوا القُرآنَ عِنْدهُ كانَ حَسنًا.

إرهاب السوشيال ميديا
غير أننا الآن أمام إرهاب من نوع جديد أسميه "إرهاب السوشيال ميديا".. وهو عابر لكل ترسانات السلاح في العالم. هناك خلل كبير فى ثقافتنا للأسف ساهم فيها اعلامنا بعد ان طغي عليه الإعلان فكرس لفكرة غاية في الخطورة هي أن الفنان أو الشخصية العامة ملك لجمهوره وإستحلال وإقتحام حياته الشخصية أصبحت حق مكتسب، أم كلثوم عندما فكرت تتزوج قامت الدنيا ولم تقعد لأن الجمهور لا يتقبل فكرة زواجها وتم ممارسة الضغوط عليها  فتزوجت في السر. وأصبح ذلك سلاحا مضمونا حتي في تصفية الخلافات السياسية لممارسة أسوء أنواع الإغتيال وهو إغتيال السمعة ولو بالباطل.

متي نتعلم أن الحياة الخاصة هي ملك لصاحبها أيا كانت مهنته؟ً فقد سُئل لقمان الحكيم أي عملك أوثق في نفسك؟ قال: ترك مالا يعنيني. وقال مالك بن دينار: إذا رأيت قساوة في قلبك ووهنا في بدنك وحرمانا في رزقك فاعلم بأنك تكلمت بما لا يعنيك. فكلام الشخص فيما لا يعنيه يقسى القلب ويوهن البدن ويعسر أسباب الرزق.

ثانيا: أنه قد يُسمِع الإنسان ما لا يرضيه: فقد دَخَلَ رجلٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ أَلْقَيْت هَذَا النَّعْلَ، وَأَخَذْت آخَرَ جَدِيدًا! فَقَالَ لَهُ: نَعْلِي جَاءَتْ بِك هَاهُنَا؟ أَقْبِلْ عَلَى حَاجَتِك. أي كأنه يؤدبه بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( «مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ» ).. لأنك لا تدري عن ظروفه المادية، هل يستطيع شراء نعل جديد أم لا، فَلِمَ تحرجه؟ ولذلك قيل: من تدخَّل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه.

اترك ما لا يعنيك

ثالثا: فيه مضيعة للوقت فيما لا يفيد: فمن حسن إسلام المرء إعراضه عما لا منفعة له فيه دينا ولا دنيا، فكثير من الناس يكثرون الشكوى من تزايد الأعباء والأشغال، ويتذرعون بقلة الأوقات وضيقها، ولكن لو ترك هؤلاء ما لا يعنيهم لتوفر لديهم كثير من الجهد والوقت.

وهناك حديث يقول: اِتَّقِ الشُّبُهَاتِ وَازْهَدْ وَدَعْ  مَا لَيْسَ يَعْنِيكَ. وَحَقِيقَةُ مَا لا يَعْنِيك هو مَا لا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي ضَرُورَةِ دِينِك وَدُنْيَاك وَلا يَنْفَعُك فِي مَرْضَاةِ ربك.  قال شقا بن رجب رحمه الله: "وأكثر ما يراد بترك ما لا يعني حِفظُ اللسان من لغو الكلام" فدع الخلق للخالق. لو اطلع الناس على ما في قلوب بعضهم البعض. لما تصافحوا إلا بالسيوف وسوف تكون الحياة أجمل إذا ظل أنفك في وجهك وليس في وجوه من حولك.. ستكون الحياة أروع لو وفر كل منا نصائحه لنفسه لا جديد يقال ولا قديم يعاد ولا أحد يخطئ ولا شئ يتغير.. فاللهم إرحم الأحياء أما الأموات فهم في جوارك الأكرم.
Advertisements
الجريدة الرسمية