رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نهار رمضان.. والمجاهرة بالإفطار!

بادى ذي بدء انا لست بصدد إجراء محاكمة للذين يجاهرون بالإفطار في نهار رمضان في هذا المقال، فهذه ليست وظيفتي ولكن الذي أسعى إليه هو التبيان، فنحن كمسلمين علينا البلاغ والله عليه الحساب، فشهر رمضان لا يتكرر في العام إلا مرة واحدة، وهو بين الشهور في الفضل كفضل يوسف على إخوته، وشهر رمضان هو شهر الصوم، والصوم هو من أفضل العبادات واجلها، لأن الصوم عبادة بين العبد وربه..


فمعظم العبادات يعتريها الرئاء إلا الصوم، وكل العبادات ثوابها يتضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه أجره مفتوح للمضاعفة من قبل الله عز وجل، حيث يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد، ولأن الصيام من الصبر، فلذا كان أجره بغير حساب   قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)

 المجاهرة بالإفطار
فبعد هذا الفضل العظيم، نجد بعض المسلمين -ولله الحمد هم قلة- لا يصومون بل يتجاوزون ذلك بأنهم يجاهرون بالإفطار في نهار رمضان وبدون عذر! فالمجاهرة بالإفطار في نهار رمضان، عدّها العلماء  إثم عظيم، لأن المجاهر لا يراعي حرمة الشهر الفضيل، كما أنه لا يراعي مشاعر الصائمين، مشاعر الصائمين التي يراعيها شركائنا في الوطن المسيحيون، فتجدهم وهم يحق لهم الشرب والاكل في نهار رمضان، ومع ذلك لا يجاهرون بذلك مراعاة لأخوانهم المسلمين..

في المقابل نرى النقيض من ذلك من بعض المسلمين من يجاهرون بالإفطار في نهار رمضان ممن لا عذر لهم، وخاصة إذا كانت هذه المجاهرة من قبل شباب يتمتع بلياقة بدنية عالية وفي عنفوان شبابه، حتى أن المجاهرة من أصحاب الأعذار لا تجوز.

وحتي لا يكون كلامي مرسلا، فأنا شخصيا ما زالت واقعة رأيتها في أيام الصبى، لشاب من قريتي يتمتع بقوة في بدنه وسلامة في عقله كما اعرفه، وفي نهار رمضان ماثلة أمام عيني، وهو يجاهر بالإفطار، وياليته كان يجاهر بالإفطار بشئ من المأكولات او المشروبات الطيبة، ولكن كان يجاهر بالإفطار بسيجار ينفث دخانها في الهواء، في أعظم مشهد إستفزازي لمشاعر الصائمين.

فالمجاهرة بالإفطار في نهار رمضان لا تجوز حتى لأصحاب الأعذار، فما ظنكم بالذين ليس لهم أعذار وخاصة الشباب، فالذنب في حقهم أشد وانكى.

رأي دار الافتاء

وقد أصدرت دار الإفتاء المصرية بيان في هذا الشأن، أكدت فيه أنه من يجهر بإفطاره يعد مستهترًا وعابثًا بشعيرة عامة من شعائر المسلمين، وهذه ليست حرية شخصية، بل هي نوع من الفوضى والإعتداء على قدسية الإسلام لأن المجاهرة بالفطر في نهار رمضان مجاهرة بالمعصية، وهي حرام.

كما شددت دار الإفتاء على أن المجاهرة بالفطر في نهار رمضان خروج على الذوق العام في بلاد المسلمين، وإنتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه في إحترام مقدساته، وعلى المسلم إذا ابتلى بهذا المرض أن يتوارى حتى لا يكون ذنبه ذنبين وجريمته جريمتين.

وإذا كان غير المسلمين يجاملون المسلمين في نهار رمضان ولا يؤذون مشاعرهم، فأولى بالمسلم المفطر أن يكون على نفس المستوى من مراعاة شعور الأغلبية الساحقة في الشوارع والمواصلات ومكاتب العمل والأماكن العامة. انتهى بيان الإفتاء.

وبعد أن ذكرت رأي دار الإفتاء يطيب لي أن اذكر أقوال بعض العلماء من السلف في هذا الشأن.

قال العلامة ابن القيم: [والمستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن، والكاتم له أقل إثماً من المخبر المحدث للناس به، فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يستر الله تعالى عليه ثم يصبح يكشف ستر الله عنه يقول يا فلان فعلت البارحة كذا وكذا فيبيت ربه يستره ويصبح يكشف ستر الله عن نفسه أو كما قال ، وفي الحديث الآخر عنه ( من ابتلي من هذه القاذورات بشيء فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) وفي الحديث الآخر (إن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة] إغاثة اللهفان

ولا شك أن المجاهرة بالإفطار فيها نوع من التبجح والإفتخار بالمعصية وهذه وقاحة عظيمة وقلة حياء فهذا العاصي المجاهر لم يستح من الله سبحانه وتعالى ولم يستح من الناس.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [ قوله: (كل أمتي معافى) بفتح الفاء مقصور اسم مفعول من العافية وهو إما بمعنى عفا الله عنه وإما سلمه الله وسلم منه..
وخلاصة الكلام كل واحد من الأمة يعفى عن ذنبه ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المعلن.. هدانا الله وجميع المسلمين إلى صحيح الدين واتباع سنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم.
Advertisements
الجريدة الرسمية