رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مشهد واحد!

"الاختيار" عمل درامي نجح بامتياز في تعرية الإرهاب وأدواته، وكشف تهافت عناصره الضالة، ولقن إعلام التحريض درساً في الموضوعية وقوة الرد والتأثير والإقناع بأبسط الأساليب وأكثرها وصولاً للجماهير..

 

التي التفت حول المسلسل الذي خلّد بلا شك ملحمة ضباطنا وجنودنا في سيناء، لاسيما معركة "البرث" التي أبلى فيها أبطالنا بلاء حسناً، وجاد فيها بعضهم بأراوحهم ليعيش وطنهم كريماً عزيزاً..

 

كما اشتبك المسلسل بقوة وسلاسة مع أفكار الجماعات التكفيرية، داحضاً إياها بمنطق مستساغ وحجج دامغة لاقت قبولاً كبيراً وأحدثت تأثيراً مدوياً لدى جمهور المشاهدين فاق برامج التوك شو وآلاف الكتب والمقالات.

 

اقرأ أيضا: "الاختيار".. هل من مزيد؟!

 

لقد رأينا كيف لمشهد واحد جسده ببراعة ممثل قدير بحجم أحمد السقا الذي ظهر كضيف شرف في الحلقة قبل الأخيرة من "الاختيار"، ولعب دور المحقق العسكري الذي يواجه الإرهابي هشام عشماوي بأسئلة لم يستطع الأخير أن يقدم لها إجابات مقنعة، وقدم له السقا مصحفاً أهدي إليه من شخص عزيز عليه هو المقدم محمد درويش الذي شارك عشماوي في قتله..

 

ودار بينهما –السقا وعشماوي- حوار سهل ممتنع أكد السقا خلاله أن ابن تيمية الذي أساءت تنظيمات الإرهاب فهم وتأويل فتاواه هو بشر يصيب ويخطيء وأن الله هو الحق المطلق الذي لا خلاف عليه، مؤكداً أن الجيش لا يفرط في حق أبنائه..

 

كما أن ابن تيمية ليس أصلاً مصدراً للتشريع والعلماء والفقهاء يأخذون من كتاب الله وسنة رسوله الكريم أما أصحاب الفكر المعوج والمتطرف استندوا إلى فتاوى غير صحيحة لابن تيمية. لقد خلق "الاختيار" جيلاً واعياً من البراعم الصغيرة، على دراية بأهمية سيناء..

 

اقرأ أيضا: حق الشهداء!

 

كما أظهر مدى تعطش الأجيال الجديدة لأعمال من هذا الطراز الوطني الذي يغذي فيهم قيم الولاء والانتماء لوطنهم والوعي بحجم المخاطر والأعباء والتحديات التي تواجهه ما يجعلنا نتساءل: أليست أجيالنا الجديدة في حاجة لمزيد من الأعمال الفنية على شاكلة "الاختيار" التي تقدم فناً راقياً وجذاباً بسلاسة ويسر، وتبني وعياً حقيقياً لأجيال تسببت الأعمال الهابطة في تشويه وجدانها وتشويش عقلها ودفعها لسلوكيات العنف والإسفاف وفحش اللفظ.

 

"الاختيار" قدم دليلاً قوياً على أن الفن الهادف يمكنه تقديم الكثير والكثير لمشروع إصلاح الخطاب الديني والثقافي الذي طال انتظاره والمطالبة بالشروع فيه منذ سنوات دون إنجاز أي تقدم حقيقي على طريقه ثم جاء عمل فني رفيع ليحدث تأثيراً هائلاً مباشراً في الفكر والفهم، ويكسب جولة مهمة في معركتنا مع الإرهاب والتطرف.

Advertisements
الجريدة الرسمية