رئيس التحرير
عصام كامل

عندما يكون الارتباك سيد الموقف !


هل لدينا مشكلة في قانون الانتخابات الرئاسية الذي أصدره الرئيس عدلي منصور؟ نعم لدينا حسب آراء بعض خبراء الدستور!! هل لدينا مشكلة فيما يسمي الشفافية؟ نعم بالتأكيد بدليل غياب كبير للمعلومات في القضايا المهمة التي يثور بشأنها جدل واسع في المجتمع!! هل لدينا مشكلة في فهم الاعتبارات الوطنية في لحظة فارقة يمر بها الوطن الآن؟ نعم حيث تحول الأمن القومي المصري إلى وجهة نظر وصار مفهومه الثابت متغيرا حسب الهوى!!



هل لدينا إعلام يطرح قضايا بشكل ملتبس على الرأي العام لأهداف غير وطنية؟ نعم وبدون تردد تحت عباءة الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية!! هل لدينا مشكلة فيما يسمي المعارضة الحقيقية في النظام السياسي؟ نعم لدينا معارضة جزء كبير منها أقرب للمراهقة السياسية من المعارضة الحقيقية!!

هذه بعض التساؤلات التي تطفو الآن على سطح الماء الذي يجري في نهر السياسة المصرية في لحظة لا تخلو من خطر حقيقي يهدد الوطن بالفعل وليس بالكلام وفي منطقة يتأزم فيها المشهد السياسي العربي والإقليمي وتتعرض علاقاته البينية لعواصف ترابية تجعل الرؤية ضبابية في وقت عصيب! تلك الأسئلة تكاد ترتبط ببعضها البعض وإن بدا غير ذلك ظاهريا، وما أعنيه تحديدا هو ذلك الارتباك الذي يبدو جليا بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية الذي كنا ننتظره لنتقدم خطوة جديدة في طريق خارطة المستقبل بسبب المادة السابعة من القانون، التي تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية والتي انقسم بسبب تفسيرها خبراء القانون الدستوري إلى قسمين متباعدين يصعب تلاقيهما، لأن كلا من هما يستند في رأيه على مواد الدستور الذي تم الاستفتاء عليه بنسبة غير مسبوقة في تاريخ الاستفتاءات في العالم.

ولم يصل أي منهما إلى رأي قاطع يطمئن إليه المواطن بحيث لا تصبح انتخابات الرئيس محل شك أو مطعون على شرعيتها، وهنا تصبح الشفافية ذات أهمية مطلوبة ونحن نتفاعل مع قانون ينظم الاستحقاق الرئاسي القادم، إذ عندما تغيب المعلومات والحقائق والمناقشات التي تمت ووجهات النظر المختلفة والمتعارضة يصبح الموقف ملتبسا وغامضا ويفتح بابا واسعا للقيل والقال.

وهنا أيضا تبدو مشكلة الفهم الحقيقي والفهم الخاطئ للمصلحة الوطنية طاغية على المشهد برمته في لحظة تاريخية يواجه فيها الوطن الإرهاب في حرب مفتوحة.. فيها كل الخيارات الصعبة التي تجعله في حاجة إلى بعض الاستقرار ليستطيع استكمال خارطة مستقبله.. فهل يمكن قبول حالة السيولة التي تعيشها البلاد فترة أطول من ذلك وهي تعاني من حالة نزيف شديد لمواردها دون عائد ؟ 

وهل يمكن للشعب أن يحتمل تأجيل أهداف ثورته التي نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية وقتا إضافيا غير محدد المدة لا يعلم متى تنتهي غير الله ؟ وهل يضمن أحد استمرار الدعم من بعض الدول العربية الشقيقة التي وقفت إلى جانب مصر وهي الآن تواجه معارك صعبة في محيطها العربي والإقليمي؟ لذلك يصبح التفكير في المصلحة الوطنية للبلاد ضرورة قصوى تستوجب الفهم الصحيح لمتطلبات المرحلة التي لا تحتمل رفاهية الجدل !!

يبقي من التساؤلات ما يخص الإعلام وهو رأس الحربة فيما يحدث من لبس في عرض القضايا، وأبسط مثال على ذلك السؤال الذي طرحه عمرو أديب على مشاهديه ( هل تقبل أن تجري الانتخابات الرئاسية بمرشح واحد ؟ ) وهو في ذلك يلوي عنق الحقيقة التي لم تتبلور بعد.. حيث يفترض وجود مرشح واحد في السباق الذي لم يمنع فيه أحد من الترشح للمنصب، ويرتبط بذلك تهديد حمدين صباحي بالانسحاب من سباق الرئاسة على خلفية تحصين قرارات اللجنة الرئاسية.. وكان قد خاضها من قبل في ظل هذه المادة في مشهد أقرب للمراهقة السياسية والابتزاز السياسي منه للمعارضة الحقيقية !!

ما زلت أري ارتباكا في المشهد والتباسا في المعلومات والطرح، وأخشى من تعثر غير مبرر لخارطة الطريق!!
والله من وراء القصد.
Elazizi10@gmail.com 

الجريدة الرسمية