رئيس التحرير
عصام كامل

عفوا السيد سامح شكرى

السفير سامح شكرى وزير من العيار الخبراتي الثقيل، وهو ما جعله يتولى وزارة الخارجية في دولة بحجم مصر غير أن ما يقوله ليس قرآنا منزلا يجب أن نطمئن إليه.. أقول ذلك بمناسبة تصريح سيادته الأخير حول الملء الثانى لسد النهضة فهو القائل قبل ذلك بأن الوصول إلى اتفاق ملزم هو الغاية المصرية السودانية وحق أصيل للبلدين.


قال سيادته إنه على ثقة أن الملء الثانى لن يكون مؤثرا على مصالح مصر المائية، وأضاف أن المبعوث الأمريكي يمتلك من الخبرات ما يجعله متفهما لطبيعة القضية وقادرا على التوصل إلى حل.

أشتم رائحة "سكوت" أو موافقة على الملء الثانى وتسويق أن ذلك لن يؤثر على مصالح مصر المائية، وهو قول يجافي كل ما قاله الوزير قبل ذلك، وعلى مدار الفترة الماضية.

 اتفاق ملزم
القضية الأساسية التي فهمناها مما هو متاح من معلومات رسمية وهي بالمناسبة قليلة ولا تتفق مع طبيعة جماهيرية القضية يؤكد أن الأساس هو الوصول إلى اتفاق ملزم بشأن إدارة السد والملء وكل ما يجرى حول هذه القضية.

ماذا حدث حتى نتراجع خصوصا وأننا رسميا سوقنا العقدة الأساسية في القضية وشرحناها في جولات أفريقية وأوروبية وفي معظم عواصم العالم وفق سياسية دبلوماسية استطاعت أن تحاصر تهرب الجانب الاثيوبى من مسئولياته؟!

الناس في مصر والسودان آمنت بما خرج من الآلة الدبلوماسية السودانية والمصرية وأيقنت أن قضيتنا في الوصول إلى حل واتفاق ملزم لجميع الأطراف فكيف للجماهير العريضة أن تمتص تلك الصدمة الصادرة من أعلى رأس للدبلوماسية المصرية؟

غموض سامح شكرى
لا أتصور أن لدينا معلومات كافية تجعلنا قادرين على تسويق ما قاله السيد الوزير في برنامج تليفزيوني بقناة خاصة مصرية وليس للتليفزيون المصري الذي يغيب عن مثل هذه التصريحات الفارقة.

الحق أقول إننا نشعر بغموض الآن أكثر من أي وقت مضى، فالشعبان قد التفا حول قادتهما فيما يخص وجهة النظر المصرية السودانية، فما الذي جرى؟!

أما الإذعان للموقف الأمريكي الأكثر غموضا فهو تسليم غير مطمئن، خصوصا أن إدارة بايدن تعاملت مع الملف باستهانة، وقالت كلاما مرضيا لجميع الأطراف حيث فسره كل فريق على هواه.

ما حك جلدك مثل ظفرك.. في مثل هذه القضايا المصيرية لا يمكن الانقلاب بزاوية قدرها العكس تماما ومطالبة الجماهير بالانصياع والامتثال فالمياه قضية وجودية لمصر والسودان والأمر يحتاج إلى تبصرة الجماهير إذ إن الشعوب هي التي ستتحمل التبعات الجسام قبل الحكومات.
الجريدة الرسمية