رئيس التحرير
عصام كامل

صمت وزيري الإسكان والصحة يقتل أهالي القليوبية


الخطأ يقتل مرة واحدة، أما الصمت وإن لم يكن متواطئًا فإنه يقتل ألف مرة، وتشتد الطامة إذا كان السكوت ممن لهم حق الكلام على الملأ، بل أحدهم مرشح لرئاسة حكومة مصر المحروسة.


ولا خلاف أن السكوت أمام شكاوى البسطاء والغلابة تفتح أبواب الشر في دولة تحارب إرهابًا غاشمًا، وتسعى في ذات الوقت إلى بناء اقتصاد ينهار منذ أكثر من 30 عامًا، فالصمت مهما كانت أسبابه لا يعنى سوى رسالة للمواطنين البسطاء مضمونها «لا قيمة لكم.. وحياتكم ومماتكم عندنا سواء».

تصرخ محافظة القليوبية منذ سنوات طويلة من تلوث مياه الشرب، حتى بح صوت أبنائها من كثرة الشكوى، ولم يجيبهم إلا صوت لا يحمل أي منطق بأن الأزمة في المواطنين وليس في الشركة المسئولة عن توصيل المياه والتي تمتلك ضبطية قضائية تمنع توصيل المياه إلا عن طريق موظفيها، على عكس ما يشيع رئيس الشركة في جميع أرجاء المحافظة.

4 أشهر مرت منذ أن نقلت «فيتو» شكاوى أبناء القليوبية من تلوث مياه الشرب، التي تنزل من الصنابير متغيرة اللون والطعم والرائحة، دون أي استجابة سواء من الشركة أو وزارة الإسكان صاحبة الولاية عليها.

ومما قلناه ومضطرون أن نعيده أن خالد مجاهد المتحدث باسم وزارة الصحة، هو نجل شقيق مصطفى مجاهد، رئيس شركة المياه في القليوبية، وأن وزارة الصحة منذ تعيين الدكتور خالد لم تؤد دورها في تحليل المياه، وتوضيح مدى صلاحيتها للاستخدام الآدمي.

ونكرر، لعلنا نسمع حيا، أن آخر عينة سحبتها وزارة الصحة لتحليل مياه الشرب في مركز القناطر الخيرية، الذي تعود أصول آل مجاهد إليه، كانت في أواخر عام 2014، وأعلنت نتائجها، ووقتها أكدت أن كل العينات ملوثة وأقلها تلوثًا يحتوي على بكتيريا سبحية وقولونية، ونشرت النتائج عددًا من الصحف والمواقع الإخبارية في أوائل عام 2015.

وتظل الأزمة قائمة، الأهالي يؤكدون تلوث المياه، والشركة ومن خلفها وزارة الإسكان التي يقودها المهندس مصطفى مدبولي، المرشح لرئاسة الحكومة، تغض الطرف عن المشكلة، وكأن الأقلية القليوبية مواطنون من الدرجة الثانية.

وفي الوقت ذاته لم تبادر وزارة الصحة بتحليل مياه الشرب لمعرفة مدى صلاحيتها، ولم تحاول أن تنفي تهمة المحاباة عن المتحدث باسمها، ولم يحاول هو نفسه تبرئة ساحته أمام الرأي، إذ يبدو أنه متفرغ لأزماته مع صغار الموظفين، أو ربما لاستخدام السيارة المخصصة للمأموريات بالمخالفة للوائح والقواعد، مما ترتب عليه إهدار المال العام، كما ورد في تحقيقات رسمية، وكل ذلك في ظل غياب الدكتور أحمد عماد الدين راضي، وزير الصحة السكان.

ومن العجائب التي تجعل الحليم حيرانًا أن رئيس شركة المياه بالقليوبية يختزل أزمة محافظة كاملة في مشكلة فردية، وكأن الله جمع كل المواطنين المخالفين في محافظة واحدة، ثم ابتلى بهم مصطفى مجاهد، فكان الله في عونه وأعانه على تحمل أخطائنا التي لا يتحملها إلا أولو العزم من الرسل.

واليوم يعيد أبناء القليوبية، وأنا واحد منهم، تقديم شكواهم إلى وزيري الإسكان والصحة، مطالبين بتدخل عاجل لحل مشكلة تلوث المياه في بيوتنا، بعد أن أصبحنا نسقي أولادنا سمًا زعافًا، ولا يكون ذلك على الإطلاق برد معلب جاهز أو تحليل صوري يؤكد أن المياه سليمة وأطهر من ماء زمزم، أو تحقيق «ورقي» يعاقب موظفًا على الدرجة السادسة بلفت النظر.

إننا نريد تدخلا حاسمًا وواضحًا من وزيري الإسكان والصحة، كل حسب دوره في المنظومة، لحل الأزمة، لأن هذا واجبهما الوظيفي، فلو فعلا ذلك لم يكن منهما تفضلا ولا منة، بل هو عملهما المكلفان به، بل لا مبالغة إذا قلنا إن الحكومة كلها مطالبة بحل الأزمات التي تتوقف على تحسين جودة العمل، كي تكون على مستوى الظروف التي تمر بها مصر، وتواكب خطى الرئيس السيسي الذي يسعى بكل جد لجعل مصر دولة متقدمة.

والمطلوب من كل مسئول أن يكون عونًا للدولة في حربها على الإرهاب، كل من موقعه بأقصى طاقته، بدلا من التعالي على الغلابة والبسطاء، والرد على شكاوى المواطنين بأن العيب فيهم.

ونطالب أيضًا هيئة الرقابة الإدارية بالتدخل والتحقيق في الأزمة، ومراجعة كل المسئولين في جميع الوزارات لحلها، وكذا اللواء محمود عشماوي، محافظ القليوبية، الذي نعرف عنه أنه يرفض أي مخالفة مهما علت درجة مرتكبها.
الجريدة الرسمية