رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

سمورة.. الأسطورة

وداع مهيب اجتمع فيه أهل الفن مع الشعب، لكتابة كلمة النهاية في مسيرة عامرة بالنجاح والتألق لأيقونة الكوميديا سمير غانم، مشهد سالت فيه الدموع على فنان كان همه الوحيد إضحاك الجمهور والتخفيف عنه وإسعاد الجميع. من عرف الفنان سمير غانم، وتعامل معه عن قرب، أدرك أنه في الفن لا يختلف عن طبيعته الشخصية، إنسان بشوش هادئ ضاحك على الدوام بسيط تلقائي متواضع، مثقف موسوعي المعلومات والذكريات، لا يشعر من حوله بنجوميته، ولا يتردد في مساعدة الآخرين ما استطاع لذلك سبيلا، وهذا يفسر منحه الفرصة لعشرات الوجوه الفنية من الجنسين في أعماله ومساندتها حتى حققت النجومية.


يتمتع الفنان سميرغانم، رحمة الله عليه، بأصالة ونبل وخلق أبناء الصعيد مع لين وعطف وقلب كبير، من هنا انشغل بنفسه وعمله وتطوير أدواته والتفكير فيما يقدم من أعمال تواكب مستجدات الساحة، فنجح واستمر مع جميع الأجيال ولم يتوقف يوما عن العطاء حتى توفاه الله.

سمورة ملك البهجة 
لم ينتقد يوما زملائه أو أعمالهم، بل كان يفرح بنجاح غيره ويجتهد لتقديم الأفضل، ولم يفتي يوما في قضايا تتعلق بالدين أو مثيرة للجدل كما يفعل البعض حتى يلفت الانتباه، ولم يبد رأياً في الأزمات السياسية داخلية كانت أو خارجية ولم ينحاز لطرف ضد آخر، بل اختار دوما الوطن والجمهور عامة دونما تفرقة، فنال محبة واحترام الجميع طيلة حياته..

وما إن أعلنت وفاة "سمورة" حتى حل اسمه "ترند" ليس في مصر وحدها بل في جميع الدول العربية، وظل متصدرا لأكثر من 24 ساعة، حيث نعاه الجميع فنانين وجمهور بأعذب الكلمات وصور ومقاطع من أعماله، كما نعاه الرئيس عبدالفتاح السيسي بمنصاته في "السوشيال ميديا"، مغردا "أنعى بمزيد من الحزن والأسى الفنان سمير غانم الذي رحل تاركاً خلفه ميراثاً عظيماً من الأعمال التي رسمت البسمة على وجوه المصريين والأمة العربية... فقد كان الراحل خير نموذج للفنان الذي عاش من أجل نشر البهجة وإسعاد الجميع".

كذلك فعلت السفارة الأميركية بالقاهرة التي وصفته بـ "الأسطورة"، ونعته جميع النقابات الفنية العربية. ولعل من أصدق ما قيل في رثاء ملك البهجة، مقطع فيديو قصير للفنان السوري الكبير دريد لحام قائلا: "سمير غانم، هذه الابتسامة التي لن تغيب عن سمعنا وبصرنا ووجداننا، لقد زرع الفرح في كل قلب، لأنه جعل الفرح مهنة له، ولنا في كريمته خير فرح لخير سلف، والعزاء لها ولعائلتها ولنا، لأن سمير غانم فرح مقيم، وما البقاء إلا لله".

رحيل البهجة 

شاء القدر ألا تتمكن الفنانة دلال عبدالعزيز، من توديع زوجها ووالد ابنتيها، ولم تعلم حتى بوفاته لوجودها في العناية الفائقة بالمستشفى، فتحملت دنيا وإيمي وزوجيهما المسؤولية المضاعفة والحزن الكبير لوفاة الأب ومنع وصول نبأ رحيله إلى الأم خوفا عليها، إلى أن يمن الله عليها بالشفاء، ولأن الفنانة دلال صاحبة واجب ولا يفوتها المشاركة في تشييع أحد من الفنانين مهما كانت علاقتها به، فقد جاء تشييع زوجها الفنان الكبير حاشدا تقدمته وزيرة الثقافة د.إيناس عبدالدايم ونقيب الممثلين د.أشرف زكي وأهل الفن وجمهور غفير، رغم الإجراءات الاحترازية للحد من تفشي جائحة "كورونا".

الجمهور الذي تداعى لتشييع فنانه الأسطوري رغم التحذيرات الرسمية من الجائحة، لم يرض بتسلق الطارئين على اسمه المتصدر، فهاجم فنانا لا يفتأ من تعظيم نفسه، واستمر في النهج ذاته حتى وهو ينعى الراحل الكبير فانهالت عليه التعليقات السلبية عله يرتدع. 

لم تنته الإثارة بوفاة "فطوطة"، وبعد أن كان مصدرا للبهجة والسعادة، أشعل الجمهور منصات "السوشيال ميديا" غضبا من أجله لعدم احترام بعد الفنانات وفاته، وبمجرد حضورهن التشييع والدفن بالقاهرة، غادرن إلى البحر الأحمر لحضور حفل زفاف، قد يكون حضور الفرح واجب كما العزاء، لكن لا عتب في ذلك على من لا تربطهن علاقة وطيدة مع الفنان الراحل وأسرته، أما صديقات سمير غانم وزوجته، فكان بإمكانهن حضور الزفاف وعدم الرقص والغناء بهذا الشكل الفج، الذي يتناقض تماما مع الحزن البادي عليهن قبل ساعات في الجنازة، ما يوحي بعدم صدق المشاعر، وزاد غضب الجمهور استفزاز من أراد الدفاع عن الفنانات بأنه لم يتمكن من السفر لحضور الجنازة وظل في مكانه لحضور الزفاف "وللحق الفرح كان جميل وطاقته حلوة، فرقصت وغنيت وتصورت مع أصحابي... حد عايز حاجة؟". فاستحق ما جاءه من ردود تثبت أن الطارئين لن يذكرهم التاريخ.

زلة لسان ما كان يجب أن تصدر من إعلامي مخضرم، يتباهي دوما بإجادته اللغة العربية، فإذا به يصف الفنان الراحل في حلقة من برنامجه بلفظ مسيئ عندما أراد الإشادة به كأحد قامات مصر التي لن تعوض، ورغم أنه لم يقصد الإساءة إلا أن المشاهد كان له بالمرصاد، ولم ينتفض جمهور "سمورة"، حزنا عليه ودفاعاً عنه إلا لأنه تمكن عبر مشواره الفني الحافل، أن يتفرد بنهج خاص جعله ألمع رموز الكوميديا العرب، وبين بداية مسيرته الفنية في ستينات القرن الماضي، وحتى آخر إطلالة في إعلانٍ لإحدى شركات الاتصالات في رمضان؛ ملأ الراحل الكبير قلوب الجمهور بهجةً، عبر مئات الأدوار الكوميدية التي قدمها في المسرح، السينما والتلفزيون.
Advertisements
الجريدة الرسمية