رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دكتور مدبولى.. فضلاً تمهل

أتمنى أن تدرك حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، أنها لم يحالفها التوفيق فى وضع شروط تطبيق قانون التصالح فى مخالفات البناء، وأنها حولت هدفه السامى من المحافظة على الثروة العقارية فى مصر، إلى "كابوس" يطارد الفقراء، وأن أداءها غير الموفق فى تلك القضية كان السبب المباشر فى حملات الشر التى أطلقها "شياطين الخارج" ضد مصر خلال الأيام الماضية.

فمنذ بدء العمل بالقانون، بدأت عدد من الفضائيات الخارجية التى لا تريد لمصر سوى الخراب، تنظيم حملات مغرضة لتحريض المصريين على النزول للشوارع والتظاهر ضد القانون، وعلى الرغم من زيادة ضراوة تلك الحملات خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن المصريين لم يلقوا لها بالا، مثل غيرها من الدعوات التى أطلقها ذات "الخونة" طوال السنوات الماضية.

 

ولاننى أثق في وطنية هذا الشعب، وأعلم مدى إيمانه بالمرحلة، وما يتم خلالها من تغيير لوجه الحياة فى مصر، فإننى أدعو الحكومة أن تكون أكثر رأفة بالمواطن الفقير فى تطبيق شروط قانون التصالح فى مخالفات البناء التى جاءت بالفعل"قاسية" وشكلت حملا اقتصاديا ثقيلا على كاهل أغلب المصريين.

ولعل ما يدعونى للمطالبة بذلك، أن الحكومة لم تفرق فى تطبيق القانون بين المواطن الفقير، الذى أفنى كل عمره من أجل شراء وحدة سكنية "تأويه" وبين من قاموا بالاعتداء على الأراض الزراعية والبناء على أراضى الدولة، حيث جاءت الغرامات المقررة "قاسية للغاية" ولم ترع الظروف الاقتصادية للمصريين الفقراء خلال جائحة كورونا، وحالة الكساد التى ألمت بالبلاد خلال الشهور الماضية.

للأسف الواقع يقول: إن "البرلمان" الذى أقر القانون، ومعه "الحكومة" التى بدأت فى تنفيذه، قد حولا الأهداف السامية منه إلى "كابوس" مخيف، يطارد المواطن "الفقير" ويزيده رعبا، كلما اقترب موعد انتهاء العمل به فى ال 30 من سبتمبر الجارى.

كما أن الواقع على الأرض يقول، انه لا مفر من تدخل الحكومة سريعا لإعفاء الوحدات السكنية التى يقل سعرها عن المليون جنيهامن رسوم التصالح، أو تخفيض تسعيرة التصالح لتلك الوحدات لأقصى درجة ممكنه، بدلا من التخفيضات الهزيلة التى أقرها عدد من المحافظين.

كما أن الظرف العام يفرض على الدكتور مدبولى ضرورة التدخل واستخدام صلاحياته، ومد العمل بالقانون "المؤقت" ل 6 أشهر أخرى، لمنح الفرصة للفقراء لتدبير المبالغ المطلوبة للتصالح، خاصة وأن ضعف نسبة المتقدمين للتصالح بالمقارنة بالمخالفات الموجودة على أرض الواقع، يؤكد أن الغالبية العظمى من المخالفين عاجزون بالفعل عن تدبير مبالغ ال 25% المقررة لإتمام جدية التصالح.

كما أن الأمر يحتم على الحكومة ضرورة التدخل، والتخفيف من كم الأوراق المطلوبة، خاصة "الرسم الهندسى" الذى إستغل عدد من المهندسين حاجة المواطنين إليه، وبدأوا فى طلب مبلغ ضخمة مقابل تنفيذه واعتماده من نقابة المهندسين، إلى جانب السماح لأي من سكان العقار بالإنابة عنهم فى التقدم بطلب التصالح، بعد أن استغل عدد من المهندسين الذين لديهم توكيلات من أصحاب الرخص "المجهولين" حاجة المواطنين إليهم للتقدم بطلب فتح ملف التصالح، وبدأوا أيضا فى مساومة السكان، وطلب مبالغ ضخمة مقابل القيام بتلك المهمة التافهة.

أؤكد أن الشعب الذى انحاز للمرحلة، وأعطى ظهره لدعوات التظاهر المغرضة التى أطلقها "شياطين الخارج" يستحق من الحكومة مراجعة الأمر، والانحياز لـ "المواطن الفقير" الذى لم تمكنه إمكانياته سوى التملك فى تلك العقارات المخالفة، خاصة وأن الحكومة قد أخطأت عندما وضعته فى موقف "المتهم" والمشارك فى مخالفات ارتكبها "لصوص" جمعوا مليارات الجنيهات، وتركوه بين نارين، فإما أن يسدد مبالغ لا طاقة له بها، عن مخالفات "لم يرتكبها" أو يستسلم وتقوم الحكومة بهدم "حلم عمره" طبقا لأحكام "قانون البناء الموحد" الذى سيعود العمل به فور انتهاء العمل بقانون التصالح المؤقت.

يقينى أن الحكومة والبرلمان يعلمان أن أغلب "العمارات الضخمة" التى تم بناؤها فى مصر منذ عهد الرئيس السادات وحتى الآن، قد شيدت بمعرفة "مقاولين" تمكنوا من التحايل على القانون والمواطن معا، وبمساعدة "موظفين لصوص" من العاملين بالإدارات الهندسية فى كل مدن وأحياء مصر، تجاهل القانون عقابهم.

كما أن البرلمان والحكومة يعلمان، أن أوراق كل تلك العقارات المخالفة تم استخراجها بأسماء "مجهولة" تحمل عناوين وهمية، وأنهم ومعهم "المقاولين اللصوص" قد اختفوا منذ بدء تطبيق القانون، وتركوا الفقراء فى مواجهة الحكومة و"القانون" الذى لم ينتصر للفقراء، ولم يعاقب اللصوص.

ورغم ذلك، أكاد أجزم انه لا يوجد مصرى واحد محب لهذا البلد يمكنه الاستجابة لدعوات "شياطين الخارج" غير أن الأمر يتطلب من حكومة الدكتور مدبولى التمهل، وإدراك أن "فساد البناء" فى مصر تحول إلى "سلوك" منذ سنوات، وأن عليها معالجة الأمر بحكمة بعيدا عن إرهاق كاهل الشعب بتبعات لا طاقة له بها.

أؤكد أن انحياز الحكومة للشعب، وإيمانها بتحقيق السلم والأمن الاجتماعى، يفرض عليها ضرورة البدء على الفور فى تخفيض قيمة غرامات التصالح لأقصى درجة ممكنة، مع مد فترة العمل بالقانون ل 6 أشهر أخرى، تفاديا لواقع مؤلم، قد تجد نفسها معه فى مواجهة ملايين الفقراء، الذين لم يخالفوا، ولم يكن لديهم من الإمكانيات ما يسمح لهم بالشراء فى عقارات غير مخالفة، ووجدوا أنفسهم فجأة مطالبين اما بالدفع أو فقدان الوحدات التى تأويهم.. وكفى.

Advertisements
الجريدة الرسمية