رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دعونا نتفاءل.. وعالم ما بعد كورونا!

لا تصح الاستهانة بكورونا وتداعياتها.. فقد كانت أحد أسباب سقوط ترامب سياسياً.. ولم يفلت منها رؤساء ومشاهير وساسة أصابهم الفيروس اللعين.. وبينهم ترامب نفسه ورئيس البرازيل ورئيس وزراء بريطانيا وولي عهدها.. نهاية مشهد كورونا التي لا نعرف متي ستضع أوزارها لن تكون قطعاً كبدايتها؛ ذلك أن نظاماً عالمياً جديداً سيولد على أنقاض النظام القديم كما عاشت البشرية ذلك الحدث الجلل مرتين في أعقاب الحرب العالمية الأولى والثانية؛ فعلى إثرهما صعدت دول.. وهوت أخرى للقاع.


دعونا نتفاءل بما هو آت؛ فمصر كانت ولا تزال واعية بخطورة اللحظة وتداعيات كورونا منذ بدايتها فاستعدت لها مبكراً.. ويبقى أن كل صعب سيمر مهما طال البلاء واشتد الخطب.. دعونا نفترض أن كورونا أزمة وعدت.. وصار بمقدور الناس أن تعود لحياتها الطبيعية وأن تخرج وأن تتلاقى مرة أخرى.. لكن يبقى السؤال الأهم: ماذا استفدنا من تلك الأزمة.. وما الدروس والعبر التي استخلصناها منها.. هل سنعود لسيرتنا الأولى فنتخلى عن الحذر ويصافح بعضنا بعضاً بالقبلات والأحضان دون اكتراث بالعواقب.. هل نتخلى عن العمل والتعليم إلكترونياً ولو لبعض الوقت.

وباء أشد من كورونا!

علماء النفس والاجتماع يتوقعون أننا سنحافظ على الأرجح على تغيرات سلوكية بعض الوقت.. وسوف يجد التغير طريقه إلى عاداتنا القديمة؛ فمثلاً ستتغير طريقتنا في تحية بعضنا البعض.. لكن لا أحد يعرف إلى متى سيستمر ذلك!

المؤكد أن العالم بعد كورونا لن يكون أبداً كما كان قبلها.. أشياء كثيرة سوف تتغير.. والمواقع سوف تتبدل.. وتتحقق سنن الله في كونه.. فيبزغ نجم دول وتأفل دول أخرى.. وفي كل الأحوال فإن تداعيات سلبية سوف تلحق بالجميع في شتى المجالات.. وعلى العالم كله أن يتحد ويتعاون للقضاء على كورونا التي أصابت الجميع دون أن تفرق بين جنس أو لون أو عرق.. وربما ساقها القدر للبشرية كي تترك النزاعات والصراعات والحروب والمطامع وتنتهز الفرصة لتوجيه نفقات الحروب إلى علاج المرضى وإطعام الفقراء وإيواء المشردين وتشغيل المتعطلين واستعادة الوجه البريء للإنسانية والتراحم والتسامح.

من رحم المحن تولد المنح.. وليت المنظمات الدولية تعتبر مما جرى وتنهض بدورها في إقرار العدل والسلم الدوليين دون انحياز ولا أنانية.. وأن تتوقف الدول الراعية للإرهاب عن توظيفه لأغراضها السياسية كما تفعل تركيا التي تصر على انتهاك سيادة دول عربية واستحلال أجزاء من أراضيها كما في سوريا والعراق وليبيا.

أضرار كبيرة على العالم.. وشكوك حول اللقاحات!

كورونا برهان جديد يؤكد للبشرية أن ثمة فرصاً عظيمة للتعاون والتكافل في مواجهة الكوارث وإعادة تذكير البشرية بالغاية المثلى  للأديان وهي احترام الآدمية وعدم انتهاك حرمة الإنسان.. ولنتأمل ما قاله الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب بأنه لا مخرج لعالمنا من أزماته الحادة بكل يموج بها من قسوة وعنف ووحشية إلا بالعودة إلى الأخلاق وعلى الأخص خلق الرحمة والتراحم .. ولا يرى فضيلة الإمام شيخ الأزهر في كورونا عقاباً إلهياً كما يزعم البعض بل هو ابتلاء واختبار للعباد؛ فسبب البلاء أن الله يمتحن عباده ليظهر لهم عملهم، وليعرف العبد بعد ذلك هل نجح في ذلك الابتلاء أم لا.. والبلاء يكون في الخير ويكون في الشر كذلك، مصداقاً لقوله تعالى " وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " ( الأنبياء: 35).

وشكر النعمة يكون من جنسها؛ فالابتلاء بالرزق الحسن والثراء لا يكفي معه مثلاً أن نشكر الله باللسان بل بإخراج الحق المعلوم في هذا المال من زكاة وصدقة وحق ذي القربى.. فنحن مستخلفون في هذا المال وسيسألنا الله تعالى من أين اكتسبناه وفيم أنفقناه.. وكورونا إنذار من الله ورسالة للإنسان في كل مكان.. فهل نتعظ وندرك أن الأمر كله بيد الله .. وأن الإحسان عاقبته الخير.. والإساءة ترتد في نحور أصحابها وبالاً ودماراً.. نتمنى أن نراجع أنفسنا وأن نخرج من تلك المحنة بوجه أحسن مما دخلناه فيها.. فتلك هي التجربة المثمرة. 
Advertisements
الجريدة الرسمية