رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دعاة الموت

أتعجب من حالة التباهى والفخر بالشهادة الصادمة التى أدلى الشيخ محمد حسين يعقوب أمام محكمة جنايات القاهرة فى قضية داعش إمبابة منذ أيام، والتى جاهر بها العديد من المنتمين إلى التيار السلفى، استنادا إلى أن الرجل نجح بذكاء فى الافلات من كمين أعد له للزج به إلى السجن.


فقد ساقنى القدر منذ أيام إلى جلسه غير مرتبة، ضمت مجموعة من المعارف والأصدقاء، ودون سابق إنذار، وجه أستاذا جامعيا معروف بانتماءه المتشدد للتيار السلفى، سؤالا لى، حمل فى طياته تهكما وتعالى، أكثر منه استفسارا، عما وصفه بالتعاطى المتخلف للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي مع شهادة الشيخ محمد حسين يعقوب أمام المحكمة؟.

شهادة عدم صلاحية
فأجبته بحدة: كيف حكمت على تعاطى الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى مع القضية بالتخلف، على الرغم من أن الشيخ محمد حسين يعقوب غسل يده بوضوح من كل اتباعه، وتبرأ من كل انتماءاته وفتاويه، وقدم للجميع شهادة على عدم صلاحيته للدعوة، واعترف صراحة انه مجرد عابد لا ينتمى إلى فئة العلماء ولا يعرف شيئا عن معنى السلفية وانه لا يحمل أكثر من دبلوم معلمين وأن كل ما قاله فى خطبه مجرد اجتهادات شخصية، وأفكار ورثها عن جده ووالده، وقراءات فى الكتب مختلفة.

فقال فى دهشة: وماذا كنت تنتظر من الشيخ سوى الافلات بذكاء من الكمين الذى أعد لسجنه؟

قلت: لا أدرى كيف هللتم للموقف الباهت للشيخ فى المحكمة، وفسرتم استدعائه على أنه كمين فى حين انه حضر إلى المحكمة شاهدا وليس متهما وبناء على ما جاء فى أقوال عدد من المتهمين، الذين أقروا صراحة فى التحقيقات، انهم قاموا بقتل الأبرياء استنادا إلى فتاوى الشيخ محمد حسين يعقوب.

كما لا أدرى كيف تفسرون الموقف المتراجع للشيخ محمد حسين يعقوب وتبرؤه من أفكارة وفتاويه على إنه ذكاء فى حين انه لا يعنى سوى الكذب أو أنه يستخدم عقيدة التقيه التى تبيح الكذب أيضا عند بعض فصائل الشيعة، وفى كلتى الحالتين فالأمر لا يعنى لرجل سوى السقوط.

لم أكن يوما ضد رجل دين، واتجنب الحديث أو الخوض فى ذلك، إلا انه كان الاولى بالشيخ محمد حسين يعقوب إن كان يخشى السلطة أو يرى فيها جورا، أن يقول الحق فى وجه سلطان جائر كما أمره الإسلام، والا فلا معنى لما قاله سوى إن هذه حقيقته.

فقال محتدا: أنا لا أسمح أن يتم اتهام الشيخ محمد حسين يعقوب بمثل ما تقول.

 فقلت: الشيخ لم يترك لك أو لغيرك فرصة للسماح أو عدم السماح، بعد أن تبرأ أمام المحكمة من فكره السلفى، وإدعى جهله به، على الرغم من أنه من اقطابه، وله إتباع ومريدين استخدمهم علنا خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس 2011 من خلال ما عرف حينها بغزوة الصناديق.

دعاة السبوبة
لقد تبرأ شيخكم بشكل غريب من الفكر الجهادى الذى كثيرا ما دعا إليه، وادعى انه كان يقصد الجهاد بالكلمة على الرغم من انه دعا إليه علنا، عندما اعتلى منصة اعتصام ميدان مصطفى محمود بالمهندسين - قبل ساعات من فض اعتصام رابعة- وحرض البسطاء على الجهاد والثبات والمواجهة وعدم فض الإعتصام قائلا نصا: "نحن بين أيديكم، ودماؤنا دون دمائكم، ونقول لمن يقول انه سيفض الاعتصامات، لن تفض، وستستمر كما هى" وعندما حدثت المواجهة بين الأمن والمعتصمين لم يعثر له أو غيره من دعاة المنصة على أثر.

لقد كان الاولى باتباع الشيخ محمد حسين يعقوب بدلا من البحث له عن حجه، أن يتدبروا فى موقفه الغريب من سيد قطب الذى وصفه أمام المحكمة بأنه "لم يتفقه فى علوم الدين، ولم يتعلم على يد شيخ" فى حين انه كان مرجعه وغيره من "دعاة الموت" فى الترويج للفكر الجهادي، من خلال مؤلفاته التى استدعى من خلالها فكر الحاكمية الذى اتخذوه مبررا لقتل الآلاف فى العمليات الإرهابية.

ألم يكن منطق شيخكم الذى ورثه عن المورودى وقطب هو أن "الحاكمية لله، وأن الألوهية هي الحاكمية، وأن كل البشر الذين يعطون لأنفسهم الحق في إصدار قوانين أو تشريعات، يخرجون من الحاكمية الإلهية إلى الحاكمية البشرية، التى حولت البشر إلى محكومين بقوانين غير قوانين الله، وبأنظمة لا يرضى عنها الله، وحولت المجتمعات - طبقاً لفكر قطب - إلى كافره وجاهله ومركبه، تحكم بقوانين ودساتير تعد بمثابة أصنام يعبدها المسلمين من دون الله، بما يحلل قتلهم".

ألم يكن هذا هو الفكر الذى دعا إليه محمد حسين يعقوب وغيره من "دعاة السبوبة" وغسلوا به عقول آلاف الشباب، الذين اعترفوا فى التحقيقات، إنهم انساقوا إلى التفجير وقتل الأبرياء، استنادا إلى فتاواهم، التى أنكرها الشيخ أمام المحكمة.

أجزم أن القضاء المصرى كان رحيما ب "دعاة الموت" طوال السنوات الماضية، لانه لو تم تدبر فى ما دعوا إليه قبل 2014 لمثل العشرات منهم أمام محاكم الجنايات بتهم التحريض على القتل، وليسوا شهودا كما تم مع الشيخ محمد حسين يعقوب.. وكفى.
Advertisements
الجريدة الرسمية