رئيس التحرير
عصام كامل

دروس في صناعة الأعداء بكفاءة واقتدار


الأمر سهل، أو للدقة لم أكن أتصور أنه بهذه السهولة. فمن حكموا مصر بعد 3-7، أي بعد ثورة 30-6 فعلوا كل ما بوسعهم لتوسيع دائرة أعدائهم. والحقيقة أنهم فعلوا ذلك بكفاءة واقتدار، ربما أكثر من أي عهد مضى. أقصد منذ استيلاء ضباط يوليو على السلطة عام 1952. وإذا أردت تعلم هذه الدروس، فما عليك سوى تذكر خطواتهم معي: 

•التحالف الاجتماعي الذي كان وراء ثورة 30-6، كان جسمها الرئيسي من شرائح واسعة من الطبقة الوسطى بتنويعاتها. بالإضافة إلى من هم تحت الطبقة الوسطى. وهؤلاء ضربتهم قرارات السيسي الأخيرة برفع الدعم عن الوقود وارتفاع الأسعار في مقتل. الأمر لا يتعلق هنا بالإبقاء على الدعم، فمن الممكن إلغاؤه بجرة قلم. لكن كان على من يحكمون أن تكون لديهم خطة لتعويض الفقراء حتى لا يزدادوا فقرًا. لكنهم لم يهتموا بشكل كاف وخسروا في الأغلب هذا الظهير الشعبي.

•السبب الأول الذي حرك الملايين في ثورة يناير كانت الدولة القمعية، وعلى رأسها طبعًا وزارة الداخلية. هذه الدولة تعود مرة أخرى بشكل أكثر قسوة ووحشية. وطبيعي جدًا أن تعادي الملايين وخاصة من الفقراء الذين لا يحتمون بالسلطة أو بالمال. وهذه الملايين هي التي كانت سبب نجاح ثورة يناير التي قادها الشباب. وهؤلاء يخسرهم السيسي ومن معه باقتدار. 

•تحالف 30-6 كان يضم شابا ثوارا، أغلبهم غير محسوبين على تيار سياسي. وهؤلاء لمن نسى هم الذين حركوا الملايين في ثورة يناير. وهؤلاء معظمهم في السجون. أرجو أن تضيف إليهم قطاعات واسعة من شباب الجامعات الذين يتم سجنهم بقانون جائر هو قانون التظاهر. وفي أحيان أخرى بدون هذا القانون. ويتم تلفيق التهم لهم ويسجنون. 

•نخب المثقفين والسياسيين الذين حركوا وأيدوا 30-6 الآن بعضهم يتململ وبعضهم يعلن استياءه من الإجراءات الاستبدادية التي اتخذها السيسي ومن قبله عدلي منصور. مثل قانون التظاهر. تعيين رؤساء الجامعات بدلًا من انتخابهم. الشرطة التي أصبحت أكثر وحشية مما كانت عليه في عهد الرئيس الأسبق مبارك. وفي النهاية يخسر السيسي ومن معه هذا القطاع الهام من التحالف الذي أطاح بالإخوان. 

•القتال من أجل دفع كل المحسوبين على تيار الإسلام السياسي لأن يكونوا إرهابيين. "كده كده هو متهم وكده كده سيسجنونه ويعذبونه ربما يقتلونه". فالأفضل أن يموت شهيدًا. فهناك عصف أمني، لأي من ينتمي إلى هذا التيار العريض. وهناك عصف قضائي. وهناك قبض وتضييق عشوائي. فبدلًا من أن تحارب الإرهابيين وحدهم. تحول غير الإهابيين منهم إلى إرهابيين. بدلًا من أن يفتحوا أمامهم أمامهم أبواب الرحمة. أي مسار سياسي ودولة قانون تحترم كل أبنائها مهما كان انتماؤهم. 

•هذا ما حدث أيضًا مع الإخوان. فليس صحيحًا أنهم كلهم إرهابيون يريدون القتل والتدمير. لكن ما يحدث الآن يدفعهم دفعًا في هذا الطريق الدموي. فالديكتاتورية والاستبداد والظلم هي البيئة المثلي لدفع أي معتدل أو من يريد أن يعيش بشكل طبيعي إلى التطرف، بل وحمل السلاح. 

لماذا يصنع السيسي ومن معه الأعداء بكفاءة واقتدار، ثم إذا خسر كل هؤلاء فمن يتبقى ليحمي دولته؟
هل هو غباء سياسي أم جبروت ديكتاتور؟ 
الجريدة الرسمية