رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حركها المصريون وليخسأ المتآمرون

أشاد رئيس المنظمة البحرية الدولية كيتا ليم، بتعامل مصر الاحترافي في أزمة جنوح السفينة البنمية في قناة السويس والتي نتج عنها تعويمها وإعادة فتح وتشغيل أهم ممر ملاحي في العالم، وذلك في خطاب شكر أرسله باسمه لمصر أمس.


وكان الرئيس السيسي، اختصر الإنجاز المصري في "ثريد" عبر "تويتر" قال فيه "نجح المصريون في إنهاء أزمة السفينة الجانحة بقناة السويس رغم التعقيد الفني الهائل الذي أحاط بهذه العملية من كل جانب، وبإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، بأيد مصرية، يطمئن العالم أجمع على مسار بضائعه واحتياجاته التي يمررها هذا الشريان الملاحي المحوري، وإنني أتوجه بالشكر لكل مصري مخلص ساهم فنيا وعمليا في إنهاء هذه الأزمة، لقد أثبت المصريون أنهم على قدر المسؤولية دوما، وأن القناة التي حفروها بأجساد أجدادهم ودافعوا عن حق مصر فيها بأرواح آبائهم.. ستظل شاهدا أن الإرادة المصرية ستمضي إلى حيث يقرر المصريون.. وسلاما يا بلادي".

حرب إعلامية
لم يأت "ثريد" الرئيس من فراغ، بل ترجمة لأيام عصيبة أغلقت فيها القناة وشهدت مصر صنوفا من الحرب الإعلامية والنفسية وإنكشاف الأحقاد والمؤامرات حتى من بعض القريبين، فمن تابع "السوشيال ميديا" من بداية الأزمة يلمس عن كثب الشماتة والحقد والكراهية لدى كثير من المغردين، البعض مفروغ من أمر كراهيته لكل مصري، وهو جماعة الإخوان الإرهابية، البعض الآخر انضم إلى محور تركيا وقطر وأخذ في السخرية والاستهزاء بنا، والبعض الثالث رغم قربه الشديد من مصر إلتزم الصمت التام، أما أكثر المؤازرين والمدافعين عن مصر والمصريين والمهللين بانتصارنا في أزمة السفينة الجانحة فكانوا مغردي السعودية.

 ما حدث في قناة السويس لا صدفة فيه ويبدو الأمر مخططا له، فلا يمكن لرياح مهما كانت قوتها أن تجنح بسفينة بهذا الحجم العملاق وعليها حمولة بآلاف الأطنان، كما أنه لا يمكن أن تكون جنحت لخلل فني، لأنه لم يصدر من طاقمها استغاثة لفرق قناة السويس أو المرشدين المصاحبين لها أثناء مرورها، الأمر الثالث أن هذه السفينة تحديدا وقبطانها الهندي نفسه تسبب في مشكلة مماثلة في العام 2019 بألمانيا، ويدعم فرضية الخطأ البشري أو تعمد الجنوح لتعطيل الملاحة في أهم ممر ملاحي بالعالم، جملة المواقف الدولية التي صدرت تباعا بمجرد توقف العمل في قناة السويس، للتأكيد على أن القناة المصرية لم تعد آمنة ويجب البحث عن بديل لها لكي لا تتعطل التجارة العالمية. 

خط سكة حديد
أما من حيث توقيت حدوث الجنوح وتعطيل الملاحة، فهو جاء بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان رئيس المجلس الاقتصادي برئاسة الوزراء الإسرائيلية آفي سمحون، عن "قرب انتهاء مشروع كبير لخط سكة حديد يربط إسرائيل والأردن والإمارات بميناء حيفا على البحر المتوسط، ما سيسمح بنقل البضائع من إسرائيل إلى الإمارات في غضون يوم أو يومين على الأكثر، بخلاف النقل عبر الحاويات الذي يستغرق 12 يوما من خلال قناة السويس، وان تدشين الخط السككي سينقل المنتجات الزراعية الطازجة، التي تفتقدها الإمارات بسبب الظروف المناخية، ويعزز اقتصاد إسرائيل والأردن معاً".

وبمجرد حدوث جنوح سفينة "إيفر جيفن"، نشرت وكالة "بلومبرغ"، تقريرا دست فيه السم في العسل، وأرجعت الجنوح إلى عاصفة رملية وسوء حظ أوقفا الملاحة في المجرى المائي، الذي يتدفق من خلاله نحو 12 بالمئة من تجارة العالم، ورغم أن مصر قامت بتوسيع أجزاء من القناة لتسمح بمرور السفن معا في الاتجاهين، واستيعاب الناقلات الكبيرة الحجم، لكنّ سفينة الحاويات العملاقة جنحت وانحشرت في جزء من القناة لا يزال ضيقاً، وتعرف مثل هذه المعوقات باسم نقاط الاختناق، وغالبا لا يتم الالتفات إليها، إلا عندما تقع مشكلة".

وتابع التقرير "تشكّل قناة السويس وقناة بنما ومضيق هرمز، ممرات تضطر فيها سفن الحاويات وناقلات النفط إلى الإبحار عبر ممرات ضيقة، والبديل قطع مسافات أطول بكثير، أو اللجوء إلى الشحن الجوي، بتكلفته الباهظة، ورغم الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لتلك الممرات المائية إلا أنها عرضة لهجمات عسكرية أو إرهابية، وأيضا حتى لا تستخدم للضغط على القوى الأجنبية مثلما تفعل إيران، ما يستدعي إيجاد طرق وممرات بديلة، فقد يلتمس المرء العذر لأوجه الضعف الناجمة عن أسباب طبيعية، ولكن يجب أن نكون أقل تقبّلا لمظاهر الضعف التي لدينا قدرة للسيطرة عليها، خصوصا بعد عرقلة السفينة الملاحة في قناة السويس".

خطط  قديمة
تعطل حركة التجارة ومرور الناقلات والحاويات في القناة، أعاد إلى الواجهة خطط روسية وأميركية قديمة، للاستغناء عن قناة السويس أو إيجاد بدائل لها، فقدمت شركة "روس أتوم" الروسية ما أسمته "البديل السحري" لقناة السويس، ممثلا في ممر بحر الشمال، للنقل بين آسيا وأوروبا، وان روسيا تستخدم أقوى كاسحات الجليد النووية لتسيير الحركة في بحر الشمال، إضافة إلى الذوبان السريع للقطب الشمالي مما يجعل المرور في غاية السهولة، وأشارت إلى أن مساحة طريق بحر الشمال أكبر بكثير من قناة السويس، وطريقه أقصر بنحو 40 في المئة مما يستغرقه المرور بالقناة المصرية.

وعلى نغمة الانتهازية عزف كاظم جلالي، سفير إيران لدى موسكو، قائلا "إن الحادث الذي أغلق قناة السويس والخسائر الناجمة عن توقف حركة الملاحة للاقتصاد العالمي يوجب البحث عن بديل أقل خطورة من القناة المصرية، وعلينا تفعيل ممر شمال - جنوب كبديل آمن يحظى بالأهمية أكثر مما مضى، وهو يربط بين المحيط الهندي والخليج مع بحر قزوين، مرورا بإيران، ثم التوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية، ويتميز باختصاره الزمن حتى 20 يوما والتكاليف حتى 30 في المئة، ويُعد خيارا أفضل من قناة السويس المصرية".

وفي الولايات المتحدة عاد الحديث عن إمكانية إحياء خطة أميركية تعود لستينات القرن الماضي، جرى تداولها في 1996، لحفر قناة عبر صحراء النقب في إسرائيل، وربط البحر الأبيض المتوسط بخليج العقبة، وفتح منفذ إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، واقترحت الخطة استخدام قنبلة نووية للحفر بدل التكلفة العالية للحفر التقليدي، واعتبروا ان وجود ممر مائي بديل بات ملحا في ظل تعطل قناة السويس.

تجربة قاسية
كما عاد الحديث لتفعيل إنشاء خطوط الغاز والنفط الأرضية بدلا من الاعتماد على قناة السويس، خصوصا بعد تطبيع دول الخليج وبعض الدول العربية مع إسرائيل ما يجعل أمر تمديد الخطوط يسيرا.

لكن أراد الله أن يكشف الجميع وعادت الملاحة إلى طبيعتها، بعدما نجحت السواعد المصرية في تحريك سفينة الحاويات الجانحة دون خسائر أو تسريب أو تفريغ حمولتها، وفي وقت قياسي بعدما توقع العالم أن تتعطل الملاحة أسابيع عدة.

تلك كانت بعض المواقف من دول عدة سواء حليفة أو معادية، وعلى مصر أن تستفيد من التجربة القاسية وما رافقها، وأن نتعامل مع الآخرين بما يحقق مصالحنا فقط وليس شئ آخر.
Advertisements
الجريدة الرسمية