رئيس التحرير
عصام كامل

حال أهل محبة الله تعالى

كما أن هناك أطباء للأجساد هناك أطباء للقلوب والأنفس وهم أهل الاجتباء والاصطفاء الإلهي وهم الذين فتح الله تعالى على قلوبهم وأنارها وزكى نفوسهم وطهر قلوبهم من حب الدنيا والتعلق بغيره تعالى. منهم الأقطاب والأبدال والأوتاد والنجباء وفي وصف لهم وصفهم العارف بالله ذي النون المصري رضي الله عنه فقال:


هم قوم ذكروا الله - عز وجل - بقلوبهم تعظيما لربهم - عز وجل - لمعرفتهم بجلاله، فهم حجج الله تعالى على خلقه، ألبسهم النور الساطع من محبته، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته، وأقامهم مقام الأبطال لإرادته، وأفرغ عليهم الصبر عن مخالفته، وطهر أبدانهم بمراقبته، وطيبهم بطيب أهل مجاملته، وكساهم حللا من نسج مودته، ووضع على رؤوسهم تيجان مسرته، ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب فهي معلقة بمواصلته، فهمومهم إليه ثائرة، وأعينهم إليه بالغيب ناظرة.

باب النظر من قربه

قد أقامهم على باب النظر من قربه، وأجلسهم على كراسي أطباء أهل معرفته، ثم قال: إن أتاكم عليل من فقري فداووه، أو مريض من فراقي فعالجوه، أو خائف مني فآمنوه، أو آمن مني فحذروه، أو راغب في مواصلتي فهنئوه، أو راحل نحوي فرودوه، أو جبان في متاجرتي فشجعوه، أو آيس من فضلي فعدوه، أو راج لإحساني فبشروه، أو حسن الظن بي فباسطوه، أو محب لي فواظبوه، أو معظم لقدري فعظموه، أو مستوصفكم نحوي فأرشدوه، أو مسيء بعد إحسان فعاتبوه، ومن واصلكم في فواصلوه، ومن غاب عنكم فافتقدوه، ومن ألزمكم جناية فاحتملوه، ومن قصر في واجب حقي فاتركوه، ومن أخطأ خطيئة فناصحوه، ومن مرض من أوليائي فعودوه،  ومن حزن فبشروه، وإن استجار بكم ملهوف فأجيروه.

يا أوليائي لكم عاتبت، وفي إياكم رغبت، ومنكم الوفاء طلبت، ولكم اصطفيت وانتخبت، ولكم استخدمت واختصصت، لأني لا أحب استخدام الجبارين، ولا مواصلة المتكبرين، ولا مصافاة المخلطين، ولا مجاوبة المخادعين، ولا قرب المعجبين، ولا مجالسة البطالين، ولا موالاة الشرهين.

دعاة لله

يا أوليائي جزائي لكم أفضل الجزاء، وعطائي لكم أجزل العطاء، وبذلي لكم أفضل البذل، وفضلي عليكم أكثر الفضل، ومعاملتي لكم أوفى المعاملة، ومطالبتي لكم أشد المطالبة، أنا مجتني القلوب، وأنا علام الغيوب، وأنا مراقب الحركات، وأنا ملاحظ اللحظات، أنا المشرف على الخواطر، أنا العالم بمجال الفكر، فكونوا دعاة إلي، لا يفزعكم ذو سلطان سوائي، فمن عاداكم عاديته، ومن والاكم واليته، ومن آذاكم أهلكته، ومن أحسن إليكم جازيته، ومن هجركم قليته.
الجريدة الرسمية