رئيس التحرير
عصام كامل

تبطين الترع وزيادة الخير والنماء

يدور مشروع تبطين الترع الجاري حاليا في الكثير من القرى المصرية حول عمليات تبطين الترع المائية على مرحلتين، حيث إن المستهدف تبطينه 20 ألف كيلو متر بموجب 20 مليار جنيهًا، وخلال المرحلة الأولى الجارية الآن من المقرر تبطين 7 آلاف كيلو متر، تم الانتهاء من 1000 كيلو متر، ويتم العمل في 5000 كيلو متر ترع. ووفق تقرير وزارة الري، فإن مصادر تمويل المشروع القومي لتبطين الترع تنقسم كالآتي 60% من الاعتمادات توفرها وزارة الري من مخصصاتها، و25% قروضًا خارجية، و15% في شكل منح من مؤسسات التمويل الدولية، التي تدعم برامج أنظمة الري الحديث وترشيد المياه في الدول النامية.


وأرى أن هذا المشروع من أهم المشروعات الاستراتيجية التي تخدم الوطن والفلاح بقوة، وتعود على المجتمع بكل خير ونماء، فمصر تفقد سنويًا كمية ضخمة من المياه المهدرة تقدر بنحو من 29 - 28% من إجمالي الكمية المُنتجة، وفقًا لآخر إحصاء صدر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2019، وتختلف طرق الهدر والنسب الخاصة بها.

ولكن تعد الترع أحد أكبر منافذ هدر المياه في مصر، إذ تهدر سنويًا 5 مليار متر مكعب من المياه على طول النيل، بسبب تهالك شبكات الترع في المحافظات الأقاليم على مدار السنوات الماضية. فيأتي مشروع تطبين الترع كمشروع قومي شديد الأهمية سيغير شكل الريف المصري. وقد عانت مصر كثيرًا من أزمة الترع والمياه المهدرة بها، ووجود الحشائش والمخلفات التى كانت تعيق وصول المياه لأراضى الفلاحين ولكن بعد التبطين، يمكن للمياه أن تصل بسهولة للأراضى، ولن يكون هناك استبحار أو فقدان نسب كبيرة من المياه.

ويسهم المشروع فى تعظيم الاستفادة من الموارد المائية من خلال ترشيد الاستخدامات المائية، الأمر الذى سينعكس حتما في زيادة كميات المياه ورفع إنتاجية المحاصيل الزراعية، إضافة إلى أنه يعمل على حل مشاكل توصيل المياه لنهايات الترع لتحقق العدالة فى توزيع المياه على الفلاحين، وخاصة أن عدم وصول المياه كان يتسبب في بوار الأراضى الموجودة بنهايات الترع .

وهذا المشروع سيضفى مظهرًا جماليًا للريف المصرى، بعد مشاهد التلوث والقمامة والحشائش والحيوانات النافقة داخل هذه الترع، لتنتهى تلك المشاهد، بمظهر يسر العين، ويحفظ الفلاح من التلوث البيئى الذى يصاحب مسارات الترع الذى حدث بسبب زيادة الكثافة السكانية الناتج عن الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية.

ومن فوائد المشروع إعادة القطاع المائي إلى الأورنيك التصميمي، وتقليل البخر ومنع التسرب والرشح أسفل القاع والجسور. ومعالجة الانهيارات والاستبحار وإزالة العوائق من حشائش وخلافه. وسرعة وصول المياه إلى النهايات فى بداية أدوار العمالة مما يزيد من الإنتاجية وتحسين الاقتصاد. وتوفير مياة للمناطق المتعبة واستصلاح اراضى جديدة مما يعظم الاستفادة من نقطة المياه. وتوفير نفقات الصيانة الدورية للترع .

والمشروع له بعد اجتماعي منها تشغيل عدد وفير من العمالة. وتوسعة الطرق والجسور فى بعض الأحيان قد تصل متوسط ٥ متر تقريبا.
كما أن ذلك المشروع القومي يخدم قطاع كبير مثل قطاع الزراعة، فتبطين الترع تماشيا مع سياسة الدولة فى الحفاظ على مياه الري من الإهدار بسبب تهالك بعض ترع ومساقى الري، وتقليل انبعاث غازات الاحتباس، وتقليل زمن الري وتقليل تكاليف العمالة وزيادة دخل الأسر الريفية، وزيادة الإنتاجية الزراعي، وزيادة مساحات أراض جديدة، وتحسين كفاءة نقل المياه، وتحسين كفاءة الري الحقلي، وتحقيق عدالة توزيع مياه الري.

وأوضح خبير مياه أن تبطين الترع يجرى من خلال وضع ألواح أسمنتية على جدارن الترع والقاع، بدلا من الطمي الموجود حاليا لأنه يتملئ بالثقوب التي تتسرب من خلالها المياه، كما أن الأسمنت أصم لا يسمح بهروب المياه من الترع، أما الترع الصغيرة فستتحول إلى مواسير. وأن الفاقد الأعظم من مياه الري في مصر يجرى عن طريق شبكة الترع المفتوحة الطميية والتي أنشأ أغلبها الوالي محمد علي من 200 سنة..

ومن أجل رفع كفاءة استخدام المياه يجرى أولا التغلب على الفاقد في شبكات التوزيع، ثم من الفاقد داخل الحقول، وأن الفاقد الأكبر للمياه في مصر داخل شبكات التوزيع والتي يصل طولها إلى حوالي 30 ألف كيلو متر، تبدأ من السد العالي وحتى نهاية الأرض الزراعية في شمال الدلتا.

فالترع طينية يحدث لها فقد في المياه بطريقتين الأولى بالتبخر والأخرى بالتسريب الجانبي، والمعدل العالمي للفاقد في الترع المفتوحة يترواح من 25 إلى 35%". وأهمية التبطين هي توفير كميات مياه كبيرة من الفاقد، والمساعدة على مواجهة الزيادة السكانية، وأيضا المساعدة في مواجهة أي نقص مؤقت أو دائم نتيجة سدود المنابع، بالإضافة إلى التغلب على تغيرات المناخ، وتوفير مياه نهر النيل العذبة عالية الجودة، وفي نفس الوقت المحافظة على مورد مياه ثمين ونادر.

والمياه في الزمن القادم ستكون أغلى من البترول والذهب، لأن العالم داخل على عصر ندرة المياه، وأن هناك تجربة للهند مع تلك الترع وهي تغطيتها بوحدات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، واستطاعت بذلك مد القرى بالكهرباء ومنع فقد المياه بالتبخير.
الجريدة الرسمية