رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بوادر الحرب العالمية الثالثة

يعيش العالم حربا جديدة بالغة الخطورة غير الحروب التقليدية، إذ أصبحت تؤرق العديد من الدول الأوروبية والعديد من المنظمات، حيث تعرضت بعض الدول مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لهجمات إلكترونية، ومن المعلوم أن العالم يشهد منذ سنوات سباقا للتسلح غير تقليدي ومن نوع جديد، إذ يقوم هذا السباق علي استحداث وتطوير برامج تقنية متطورة لأغراض عسكرية تستخدم في فضاء يسمى اصطلاحا بفضاء السيبر (Cyberspace)، بمعنى القيادة والتحكم عن بعد.


وتتهم الدول الأوروبية دولا مثل روسيا والصين بالوقوف وراء هذه الهجمات، صحيح أن المعهد الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات يستبعد أن تحتل الحرب السيبرانية موقع الحرب التقليدية لكن الصحيح أيضا إنها ربما تكون مقدمة تحضيرية لأنها تستهدف إفشال منظومة تبادل المعلومات تمهيدا للحرب وليست هي الحرب ولكنها مفتاح الدخول للحرب.

ما بين الدين والإنسانية

لكن القصفات السيبرانية الأخيرة جاوزت كل التوقعات والتقديرات لدرجة أن الخبراء الأمريكيين اعتبروها  أقصى هجمات تعرضت لها الولايات المتحدة الأميركية. وأكد بعضهم أنها جاوزت في مداها وحجمها وضررها، أول ضربة عنيفة تُباغت أمريكا في برها وبحرها وجوها، وهي القصف البحري والجوي الياباني لميناء وقاعدة بيرل هاربر في السابع من ديسمبر عام 1941، والتي عجلت بانخراط الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية في صفوف الحلفاء ضد قوى المحور آنذاك.

حدث ذلك على الرغم من احتلال أمريكا الترتيب الأول عالميا في الأمن السيبراني بسبب مواجهتها للهجمات والقرصنة الإلكترونية المستمرة إلا أنها فاجأت العالم  بتعرضها لهجوم إلكتروني، وتم اختراق معظم المؤسسات الهامة منذ شهر مارس من بينها الوكالات الحكومية والعسكرية والنووية وكبرى الشركات العالمية والمكتب الخاص للرئيس والبيت الأبيض وناسا ووزارة الخارجية وبعض الوكالات المحلية بشكل كامل ولم يكن هذا هو الاختراق الأول فقد حدث.

منذ خمس سنوات لوزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض ولكن الهجوم هذه المرة مختلف تماما لأنه أكثر تعقيدا وانتشارا وعمقا ولم يتم السيطرة عليه بسهولة. والجدير بالذكر أن الهجوم السيبراني تم على شركات اللقاح الأمريكي منذ فترة أيضا وما كورونا إلا إحدى المعارك الجانبية للحرب العالمية الثالثة ولعل صناعة الهلع التي يعيشها العالم منذ عام كامل تؤكد ضراوة الحرب النفسية ولم يعد التجسس الآن فقط للمهمات العسكرية أو الحربية، بل أصبح للمهمات العلمية والتي تقوم بها بعض أجهزة المخابرات العالمية، حيث يقوم المكتب السابع لإدارة العمليات الاستخباراتية في الصين بتجنيد مئات الآلاف من القراصنة الإلكترونيين ليكونوا عملاء جدد بإسم أسماك قاع المحيط.

أغلبية أتلفها الهوى

وتقدر فاتورة خسائر التجسس الإلكتروني في أوروبا وحدها بأكثر من 60 مليار دولار سنويا، كما أن الاقتصاد الأمريكي يخسر قرابة 350 مليار دولار كفاتورة التجسس وسرقة الملكيات الفكرية الامريكية وهكذا فإن الصراع الأكثر شراسة من أجل العلم والفكر والإبداع والملكية الفكرية الداعم للاقتصاد المعرفي للتفوق والهيمنة والسيادة حيث تسعى الصين ليس فقط الى التفوق التجاري ولكن لاثبات جدارتها في المنافسة على الهيمنة..

وهكذا فإن الهجوم السيبراني هو أخطر الهجمات التي تواجهها الحكومات والجيوش والأجهزة الأمنية والأمن القومي لكل دول العالم، حيث تكلف العالم من سنة 2015م ما يقارب 3 تريليونات دولار بسبب الهجمات والقرصنة الإلكترونية ومن المتوقع أن يتكلف العالم ما يقارب من 6 تريليونات دولار جراء هذا الهجوم والذي هو بمثابة حرب عالمية ثالثة عن بعد.

وما يحدث الآن هو إحدى المعارك الفرعية للحرب العالمية الإلكترونية وربما تكون الافتتاحية وهي تعطي صورة لحروب المستقبل وفي كل الأحوال لم يحن الوقت بعد لإجراء إحصاء دقيق لعدد الخسائر البشرية والخسائر الاقتصادية المدمرة. بصمات هذه الحرب ستظهر قريبا. والأكيد أن ما بعد الحرب العالمية الثالثة لن يكون كما قبلها فى ميادين كثيرة.
Advertisements
الجريدة الرسمية