رئيس التحرير
عصام كامل

المتهم الأول في تعاسة البشر!

من سوءات النظام الدولي القائم أن ثمة خمسة أعضاء دائمين يتحكمون فرادي أو جميعاً في مقدرات العالم ويديرون منظومة الأمم المتحدة لا لإنصاف المظلوم وإعطاء كل ذي حق حقه ليس وفقا لما تمليه عليهم مقتضيات العدالة ومعايير النزاهة وصالح البشرية بل بما تستوجبه مصالحهم الخاصة وأهوائهم.. والأمثلة أكثر من أن تحصى.. فكيف يقف مجلس الأمن عاجزاً مثلاًإزاء احتلال كيان استيطاني سرطاني لدولة أخري ثم يغض الطرف متعمداً عن اتفاقات وهمية وتعنت دولة إثيوبيا في مسألة سد النهضة.


أصابع الاتهام تشير إلى الفيتو بحسبانه المتهم الأول في تعاسة البشر وضرب سمعة النظام الدولي ومصداقيته في مقتل.. الأمر الذي يجعل من تغييره ضرورة قصوى إذا ما أريد للإنسانية أن تنعم بالعدل والسلام والأمن.. ويكفي ما خلفه ذلك الفيتو من كوارث ومآسٍ تشردت بسببها شعوب وضاعت دول لا لشيء إلا لتحقيق مآرب 5 دول كبرى تملك وحدها فرض إرادتها عبر استخدامه لتحقيق مصالحها الخاصة، مهدرة في سبيلها قيم الحق والعدل، غير مبالية بما يترتب على ذلك من انتشار الفقر والتطرف والإرهاب والعنف والبلطجة السياسية التي يكرس لها مسلك هذه القوى بكل صلف وغرور.

مراوغة إثيوبيا
ورغم عدالة قضية مصر والسودان وحقوقهما التاريخية في مياه النيل فإن هناك تعنتا من جانب إثيوبيا ورئيس وزرائها آبي أحمد الذي يصر على المراوغة والمغالطة والهروب من أي حلول توافقية عادلة وملزمة تنظم ملء السد وتشغيله وتستلهم روح القوانين الدولية المنظمة للأنهار  وتجنب المنطقة ويلات الاحتكاكات الخشنة التي قد تجرها لاهتزازات خطيرة حذر الرئيس السيسي من تداعياتها القاسية مراراً وتكراراً في مناسبات عديدة..

وهو ما تقابله إثيوبيا بمراوغة وتشدد وصلف غير مبرر، فلا هي بالدولة المتماسكة ولا هي بالجيش الذي لا يقهر بل إن نظامها يتاجر بورقة السد لتضليل شعبه وخداع الرأي العام العالمي عبر ادعاءات متهافتة لا أساس لها، متغافلاًعن الخطر الحقيقي لمضي بلاده بإرادة منفردة في ملء السد وتشغيله دون مراعاة حقوق 150 مليون مواطن في مصر والسودان.

ونعود إلى ما قاله الرئيس السيسي في المؤتمر الأول للمشروع القومي "حياة كريمة" لتنمية وتطوير الريف المصري أن مصر تدير سياستها بثواب راسخة ومستقرة قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولي مؤكداً ومحذراً أن المساس بأمن مصر القومي خط أحمر شاء من شاء وأبى من أبى.. وأظن أن الرسالة قد وصلت للجميع.
الجريدة الرسمية