رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الفارق بين الوطني والجاسوس!

الوطني هو المحب الحقيقي لعمله.. هو من يقدس مكان "أكل عيشه".. هو من يحترم زملاءه، ويحترم رؤساءه، حتى لو كان يرى أنهم دون مستواه الفكري والمهني.

الوطني هو من لا يكتسب من وراء وظيفته ما لا يستحق.. هو من لا يتقاضى سوى راتبه، ومكافآته، إن وجدت.. ولا يصدر شعورا لمن يستقبل خدماته أنه أدى له عملا جليلا، لو شاء لم يؤده، ولكنه فعل من أجل "سواد عيون هذا الشخص".. وبالطبع فهو في هذه الحالة ينتظر "الحلاوة"، أو قل إنها "الرشوة".


تعريف الوطنى
الوطني هو من يحرص على ألا يدخل بيته مالا حراما، وألا ينبت لحم أبنائه من حرام.. لا من يحرص على أداء العبادات المفروضة، سيما الصلاة، أمام الناس، لكي يروه، ويثنوا عليه وعلى تقواه وورعه، بينما هو يعاني من سعار "الفلوس"، وسعار "الجنس"، فيختلس المال الحرام، والمنصب الحرام، والنظرة الحرام، معتقدا أن الله يراه بعيون الناس، فهو قد كتب عند الله تقيا، نقيا، طاهرا، ورعا، لمجرد أنه يؤدي الصلاة في وقتها، ويتلو القرآن أمام الناظرين، ويعلم الناس أنه يواظب على صوم النوافل !!

لو أننك تحب ربك، وتحب نبيك، وتحب بلدك فعلا، لا تقبل ما لاتستحق.. لا تقبل أن تترشح لمنصب لست أهلا له.. لا تقبل أن تستفيد بميزة لا تلائم مؤهلاتك.. لا تستفد بعلاقاتك، وقرابتك لنيل درجات أعلى، أو مكافآت أكبر، أو ترقيات.

اقبل فقط ما تستحق.. ما تزكيك له مؤهلاتك الفعلية، وخبراتك الحقيقية..
عيب كبير أن يتوسد عضو مجلس نقابة "الصحفيين مثلا" مقعد رئيس التحرير في مؤسسته، ثم يتم تعيينه في مجلس نيابي "الشيوخ مثلا".. ومؤهله الوحيد هو قربه من صاحب القرار، أو أن صاحب القرار في هذا الملف "يستظرفه، أو يستخف دمه"، وهناك من هم أولى منه، وأقدر منه، وأقدم منه، وأكثر خبرة.. هذا حرام.. وخيانة للأمانة وخيانة للوطن.

 تدمير من الداخل
بعد انتهاء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد نجحت في زرع جاسوس روسي بوظيفة مستشار للرئيس السوفيتي في ذلك الوقت.. المثير للدهشة أن هذا الرجل لم يقتُل روسيا واحدا، ولم يفجر قنبلة، بل كان من أكثر السياسيين السوفييت تفانيا، وإخلاصا في العمل، وأصيب الجميع بصدمة عندما تم اكتشاف سره، وأنه جاسوس للمخابرات الامريكية..

ولكنهم لم يجدوا أي شيء يدين هذا الجاسوس، وعندما أعطوه الأمان بعدم قتلهِ، وكان قد صار طاعناً، وكبيراً في السن؛ فسألوه ما هو عمله الذي كان مكلفا به من المخابرات الأمريكية قال: "إن عمله كان يقوم على أساس "وضع الرجل المناسب في المكان غير مناسب".. وهكذا ساهم بقسط وافر في تدمير الاتحاد السوفيتي!

كثيرون منا يؤدون نفس دور ذلك الجاسوس، وهم يرددون، ليل نهار، أنهم مخلصون، وأتقياء، ومحبون لبلدهم، وأنهم يتفانون في خدمة وطنهم، وربما لا يدركون أنهم يحطمون البنية الأساسية للإنسان المصري، وينخرون في عظم مصر.

من أجل هذا؛ يجب إعادة النظر في معايير تعيين رؤساء مجالس الإدارات، ورؤساء التحرير في جميع الإصدارات الصحفية، والقنوات الإعلامية، والمجالس النيابية، وأن نضع نهاية لأسلوب "وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب".
Advertisements
الجريدة الرسمية