رئيس التحرير
عصام كامل

العلاقات المغربية - الصهيونية التاريخية تتوج رسميا!

مفاجأة مدوية أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سيترك موقعه في البيت الأبيض خلال أيام، وكعادته وعبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر حيث قال: "إنجاز تاريخي آخر فقد اتفق اثنان من أكبر أصدقائنا إسرائيل والمغرب على علاقات دبلوماسية كاملة"، وتأتي هذه المفاجأة في إطار خطة الخداع الاستراتيجي التي يقوم بها ترامب في أيامه الأخيرة في سدة الحكم، ففي الوقت الذي كانت تتجه الأنظار صوب الخليج باعتبار دولة مازالت مرشحة بقوة لدخول حظيرة التطبيع مع العدو الصهيوني وعبر وساطة أمريكية, تأتي هذه الخطوة المغربية غير المتوقعة في هذا التوقيت, خاصة وأنه لم يكن هناك مؤشرات معلنة بذلك على عكس ما حدث مع الإمارات والبحرين والسودان.


وكرد فعل مقابل لتغريدة ترامب "أعلن الديوان الملكي المغربي إن ترامب أبلغ الملك محمد السادس باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية, وأن واشنطن قررت فتح قنصلية في مدينة الداخلة لتشجيع الاستثمارات والتنمية", ويكون هذا هو الثمن البخس للتطبيع مع العدو الصهيوني, وفي المقابل "شكر رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو ملك المغرب وقال إن شعبي إسرائيل والمغرب تربطهما علاقة حميمة في العصر الحديث, وأن بلاده ستبدأ بإنشاء مكاتب اتصال مع المغرب كخطوة أولى لعملية التطبيع "..

عشر سنوات على أكذوبة الربيع العربي!

وهنا يأتي مربط الفرس فالعلاقة الحميمة التي يتحدث عنها رئيس وزراء العدو الصهيوني ليست بين الشعبين على حد زعمه إنما هى علاقة سرية بين مسؤولي البلدين, يرفضها بالقطع الشعب العربي المغربي الذي يعي جيدا أن العدو الصهيوني هو العدو الأول لأمتنا العربية, ومهما عقد الحكام من اتفاقيات رسمية مزعومة معه لن يؤدي ذلك لتطبيع شعبي, وستظل القوي الشعبية ترفع شعار المقاومة إلى أن يزول العدو الصهيوني من فوق الخريطة العربية.

وعلى الرغم من مفاجأة اللحظة فيما يتعلق بالإعلان عن الاتفاق بين المغرب والعدو الصهيوني, إلا أن تاريخ العلاقات بينهما يؤكد أن المغرب كانت مؤهلة وبقوة لهذه الخطوة, علما بأن المغاربة كما العديد من شعوب الدول العربية كانوا في حالة حرب مع العدو الصهيوني منذ العام 1948 وانخرطت مجموعات من المغاربة في جيش المتطوعين العرب للمشاركة في الحرب العربية – الصهيونية واستشهد بعضهم في معارك القدس ويافا وحيفا, وخلال الفترة من 1961 وحتى 1964 نفذ الموساد العملية الشهيرة "ياخين" والتي هجر خلالها بشكل سري أكثر من 97 ألف يهودي مغربي عبر أوروبا إلى فلسطين المحتلة.

في عام 1994 فتح العدو الصهيوني مكتب اتصال له في المغرب, وفتحت بعدها المغرب مكتب اتصال في الأراضي المحتلة, كما سمح العدو الصهيوني في عام 1996 بوجود بعثة دبلوماسية مغربية لدى السلطة الفلسطينية في غزة ثم انتقلت بعد ذلك إلى رام الله..

اتفاقيات السلام المزعومة.. وأوهام التطبيع!

ومع تولى الملك محمد السادس سدة الحكم, تم إغلاق مكتب الاتصال المغربي في فلسطين المحتلة والمكتب الصهيوني في الرباط على خلفية الممارسات القمعية ضد الانتفاضة الفلسطينية عام 2000, ولكن في عام 2003 وصل إلى الرباط وزير الخارجية الصهيوني سليفان شالوم حاملا رسالة من رئيس وزراءه أرئيل شارون للملك محمد السادس تم على آثارها استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح مكاتب الاتصال في المغرب وفلسطين المحتلة..

ويتضح من تاريخ العلاقات المغربية – الصهيونية أن الخطوة جاءت متأخرة كثيرا فالعلاقة بينهما متجذرة منذ زمن بعيد على المستوى الرسمي, لكن سيظل الشعب العربي المغربي يقاوم عمليات التطبيع وسيظل رافعا راية العداء للصهاينة كما فعل من قبل الشعب المصري والأردني والفلسطيني, فالاتفاقيات الرسمية المزعومة من قبل الحكام العرب لم تؤثر في الموقف الشعبي, وهو الموقف الصلب الذي لا يلين في مواجهة العدو الصهيوني, اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية