رئيس التحرير
عصام كامل

السيد عمرو موسى.. عيب !


كنت قد منحت صوتى في الانتخابات الرئاسية الماضية للسيد عمرو موسي لرجاحة عقله وخبرات اكتسبها على مدى سنوات، وهدوء وتروٍ يحسد عليهما وقدرة على احتواء الآخر، وقناعة بأن التنافس لا يولد الحقد والكراهية.. لم يكتب للرجل أن يكمل مشواره، وظللت أؤمن بأنه كذلك حتى دارت الأيام دورتها وأثبتت المحن التي مررنا بها صدق رؤيتي وقاد الرجل سفينة الخمسين بحكمة واقتدار، وأثبت للجميع أنه رجل دولة وعندما علم بترشح المشير عبدالفتاح السيسي قرر المشاركة كناخب ومواطن بسيط إيمانا منه بأن المزاج العام في البلاد يتجه صوب السيسي.


كل ما قلته مقدمة تبرر هجومي على السيد عمرو موسي- الذي فاجأ الجميع بتصريحات تحدث فيها عن شروط المشير عبد الفتاح السيسي لعودة الإخوان إلى الحياة السياسية.. وكأن المشير بيده قرار إعادة جماعة إرهابية تقتل كل يوم جنودا ومواطنين.. شبابا وشيوخا.. رجال شرطة ورجال جيش.. تحرق السيارات والممتلكات وتعتدي على الناس في بيوتهم وتفجر المنشآت والحافلات وتتاجر بكل شيء بداية من الحشيش ونهاية بالدين.

نسي السيد عمرو موسى أن المشير إنما اكتسب شرعية من تفويض شعبى فإذا ما أراد أن يطرح رأيا حول إعادة الجماعة الإرهابية للحياة السياسية فإن عليه أن يعيد التفويض الذي حصل عليه إلى أهله، أي أن سيادته بحاجة إلى العودة مرة أخرى إلى صاحب الحق الأصيل في قرار محاربة الجماعة أو العفو عنها، وتجاهل السيد عمرو موسى صور الضحايا في كل يوم.. تجاهل نحيب الأمهات وصراخ الأطفال وحشرجة الآه في حلوق الزوجات.

لم يتذكر السيد عمرو موسى بحور الدماء التي تروي رمال سيناء كل يوم وأغفل المذبوحين في شوارع العمرانية من الأطفال والمقتولين من البسطاء في المنصورة، وقبل أن يصبح كل شيء في الذاكرة المطوية لسيادته؛ قال الإرهابيون كلمتهم في شبرا الخيمة وقتلوا بدم بارد من باتوا يحرسون في سبيل الله، وقبل أن يمضي فيما قاله بالصفح كانت نواياهم الإرهابية تغتال جنودا من سوهاج وبني سويف والمنوفية.

لا المشير بيده الأمر ولا حتى عندما يصبح رئيسا، فالأمر للشعب الذي فوضه والذي سيختاره رئيسا ولا يمكن لسيادته أن يتخذ مثل هذا القرار دون الرجوع إلى أصحاب القضية.. إلى أهالي الضحايا.. إلى أهالي ضحايا سيناء والدقهلية والقاهرة والمنوفية.. إلى كل أهالي الشهداء، فالدم دمهم والثأر ثأرهم والضحايا ضحاياهم وضحايانا، والقرار قرارهم وليس قرارك أو قرار المشير.

الشعب هو الذي يدفع الثمن والشعب هو صاحب قرار المواجهة والشعب هو الوحيد القادر على إحقاق الحق وهو الوحيد القادر على الصفح إن أراد، ويؤسفنى أن أفهم من تصريحات السيد عمرو موسى أن في مصر من يستطيع أن يلتف على قرار الشعب ويهادن إرهابا أو يصافح الأيدى الملوثة بالدماء أو يتصور أنه صاحب قرار فيما يتعلق بمصير أمة اختارت أن تحارب الإرهاب نيابة عن البشرية كلها.

لقد كان لزاما على السيد عمرو موسي أن يسأل نفسه أولا عن صاحب الولاية والوصاية قبل أن يتورط في تصريحات، قد يفهم منها البعض أننا بصدد هدنة أو أننا قد تلين عزائمنا في مواجهة شبح الإرهاب الإخوانى، إذ أنه لن يكون من المستساغ أن تتراجع دولة يحرقها نار الإرهاب أمام جماعة اختزلت كل أهدافها في تركيع البلاد تحت شعار «يا نحكمكم يا نقتلكم»!!
الجريدة الرسمية