رئيس التحرير
عصام كامل

الجراحة العاجلة لاستئصال الفساد بيد النيابة الإدارية (3)

بعد أن سَلَمْنا في المقالين السابقين بأهمية وضرورة تفعيل نظام الفصل بغير الطريق التأديبي، فقد صار من الضروري وضع الإطار العام لآلية تطبيقه؛ ليُحقق أهدافه دون الإضرار بموظفي الدولة الشرفاء، وليؤكد على يقظة الدولة.

ولعله من الضرورى أن يَظهَر الفارق بين الفصل بالطريق التأديبي والفصل بغير الطريق التأديبي، ألا وهو السرعة فى اتخاذ الإجراء، بمعنى أنه وفَورَ ثُبُوت أدلةٍ قاطعةٍ على ارتكاب مخالفات بلغت حداً من الجسامة، فإنه يتم العرض فورًا على رئيس هيئة النيابة الإدارية.

هجرة الفساد إلى وزارة الهجرة 

فإذا تأكد من سلامة التحقيقات وقوة الأدلة وثبوت المخالفات وجسامتها، فإنه يقترح اتخاذ ذلك الإجراء، وعلى الوزير أو الرئيس المختص خلال شهر من تاريخ الاقتراح رفع الأمر إلى رئيس الوزراء، والذي يُصدِر قراره خلال شهرٍ على الأكثر من تاريخ العرض عليه.

والفارق هنا يتضح من الرغبة فى إعلان السلطة التنفيذية أنها بالمرصاد لمن يرتكب نوعًا معينًا من الجرائم استشرى فى الجهاز الإداري للدولة، أو من ارتكب بشكل فردي جريمة لا تحتمل الانتظار لحين صدور حكم المحكمة التأديبية، حتى لا تُنسى الجريمة وعقوبتها من ذاكرة المجتمع.

فإذا تبين وفق الإحصائيات أن أكثر المخالفات الإدارية خطورة على الدولة هي الإضرار غير العمدى بالمال العام، على سبيل المثال، وتبين نشوب حريق هائل بأحد المصانع أو الشركات بسبب الإهمال فإن صدور قرار الفصل بغير الطريق التأديبي في أقل من شهرين منذ انتهاء التحقيقات يكون له أبلغ الأثر والردع لمرتكب الواقعة.

لماذا تعدى سامح كمال على سلطة المشرع؟ 

كما أن هناك مخالفات تصل من الجسامة حداً يكون الأصلح معه الفصل بغير الطريق التأديبي، مثال ذلك حوادث القطارات والمخالفات التى تنجم عنها أزمات أو كوارث, فضلا عن بعض المخالفات التي لا يُتَصور ارتكابها الا بعد الحُصول على رِشوة مثل مخالفات البناء التى ترتفع لعدة ادوار دون اتخاذ ثمة اجراءات، ثم التواطؤ مع المخالفين لتوصيل المرافق، وهو ما يَحرِم الدولة من موارد مالية فضلا عن الفساد البيئي والمجتمعي، والجرائم غير الأخلاقية. 

وهذه الوقائع قد ترى السلطة التنفيذية عدم انتظار التصرف الجنائي أو التأديبي بشأنها، كما أن سرعة الحسم من شأنها أن تعكس لدي المواطنين رفض الدولة التستر على أي مجرم، وأنه لا أحد فوق العقاب، وإنه لَفَارِقٌ كبيرٌ بين صُدور الحُكم فى واقعة بعد سنوات من عرضها فى وسائل الإعلام، وبين صدور القرار الحاسم فى أسرع وقت.

وهو فى جميع الأحوال خاضع لرقابة القضاء إذا شابه شئ من الغُلو، ومن الملائم كذلك معالجة فرض صدور حكم بإلغاء قرار الفصل بغير الطريق التأديبي وذلك بالنص على أنه فى حالة صدور حكم بذلك تحال كافة الأوراق للمحكمة التأديبية المختصة، واستكمال الطريق التقليدي للمساءلة، اللهم إلا إذا كان الحكم لسبب إجرائي فيمكن تصحيح الإجراء، وإصدار القرار مجدداً. 

همسة جيل في أذن الرئيس

وقد ترى الدولة أن ذلك أسلوبٌ رادعٌ لمكافحة الفساد الإداري والمالي بالدولة، ولكن الحكم على ذلك الأسلوب لن يكون مُمكِنًا إلا بعد التجربة الفِعلية، وهو النداء الذي نُوجِهه للسادة أعضاء مجلس النواب لتحمل مسئوليتهم التاريخية، والنص على الفصل بغير الطريق التأديبي مجددًا في قانون النيابة الادارية المُزمَع إصداره، وإضافة نص مؤيد ومطابق له في قانوني الخدمة المدنية، وقطاع الأعمال العام، مع تيسير وتفصيل إجراءاته.

وكذلك نُناشِد قاضي قضاة التحقيق رئيس هيئة النيابة الادارية بتفعيل النصوص السارية بشأن ذلك الإجراء على جرائم الفساد التي تهم الرأي العام، بعد توافر ضوابط تطبيقه، ليس فقط من أجل العدالة الناجزة، ولكن من أجل شعب يتَطَلَع نحو مستقبل أفضل.. وللحديث بقية


الجريدة الرسمية