رئيس التحرير
عصام كامل

الإهمال الطبي وغياب الضمير!

التأمين الصحي الشامل مشروع عملاق سوف يحدث تغييراً حقيقياً في خريطة مصر الصحية؛ ذلك أنه يفصل التمويل عن تقديم الخدمة ويكفل الحرية والكرامة للمواطن بحيث يختار المستشفى الذي يريد والطبيب الذي يرتاح له.. كما أنه يوفر الرعاية الصحية والعلاج بالمجان لغير القادرين.


ومن بواعث الأمل أن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" التي انطلقت لتطوير الريف المصري مستهدفة تحسين حياة 57 مليون مواطن في قرى ونجوع مصر سوف تعمل على تسريع وتيرة إنجاز مشروع التأمين الصحي الشامل؛ حيث إنها تتولى تطوير المنشآت الصحية والتعليمية في تلك المناطق.

مواجهة الإهمال الطبي
ويبقى مواجهة الإهمال الطبي وغياب الضمير لدى بعض أطباء المستشفيات وإداراتها بتفعيل القوانين وتشديد العقوبات ولا مفر من التفرغ التام للأطباء للعمل بتلك المستشفيات بعد أن ينالوا التدريب والتأهيل الكافي لممارسة المهنة، ويحظر عليهم فتح عيادات خاصة مقابل التزام الدولة بتوفير سبل العيش الكريم والأجور المجزية لهم والترقي في عملهم ما داموا سيتفرغون تماماً لوظيفتهم ووافقوا على ذلك.

الأمر ذاته ينطبق على التربية والتعليم حيث لابد أن يتفرغ المدرسون لعملهم في المدارس وحظر الدروس الخصوصية وتجريمها بعد رفع المستوى المادي والمهني للمعلم.

يقيني أن الرئيس السيسي يدرك بعمق حجم ما تعانيه المنظومة الصحية من ترهل وضعف فبادر بإصلاحها واقعيا عبر تنفيذ مشروع التأمين الصحي الذي سوف يقضي على كل المشاكل التي تعانيها المنظومة الصحية حالياً ويعالج المصريين من أشد الأمراض فتكا وتدميرا واستنزافا لهم إذا ما جرى تطبيقه بعدالة وكفاءة.

غياب الرقابة

مبادرات الرئيس الصحية العديدة باتت مثار اهتمام العالم وإعجابه لأنها تسعي لاستئصال شأفة أمراض خطيرة ولا بد أن يتزامن مع إصلاح المنظومة الصحية إنهاء مسلسل الأخطاء الطبية الناتجة عن استهتار بعض الأطباء أو عدم تأهيلهم وتدريبهم بصورة كافية أو غياب الرقابة والمتابعة والمساءلة والردع القانوني وضعف مستوى فرق التمريض المعاون والنقص الحاد في كوادره بجميع المستشفيات الحكومية.

ولست أشك في أن أزمة المنظومة الصحية كما هي كل أزماتنا هي أزمة ضمير وإدارة وغياب القانون قبل أن تكون أزمة تمويل، فالقانون يتساهل مع المخطئين والنقابة لم يثبت أنها سعت لتفعيل مبدأ الوقاية ومنع وقوع الأخطاء بمزيد من الإجراءات المنضبطة مثلما تفعل دول العالم المتقدم.. فكم مرة مات مريض بسبب جرعة بنج زائدة.. وكم مرة أجري طبيب جراحة عملية لمريض دون تعقيم مناسب.

خريطة مصر الصحية يجري الآن إعادة صياغتها بأسلوب علمي وسوف نرى ثمراتها في المستقبل القريب، كما أن التعليم كله يحتاج لجراحة عاجلة تقوم بها الدولة لإصلاح المنظومة برمتها حتى نخرج من النفق التعليمي المعتم إلي نظام أكثر قدرة على الإنتاج واسترداد عائد التكلفة وتخريج أجيال أكثر إبداعا وإنتاجا علميا في شتى التخصصات.
الجريدة الرسمية