رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

اطبخي يا جارية كلف يا..

في وقت تحتل فيه الصناعة أعلى مراتب الدخل القومي لمعظم الدول المتقدمة، وبعضها لا يمتلك الخامات ومستلزمات الإنتاج ويستوردها من الخارج، مثل اليابان والصين، فإن الصناعة المصرية لا تزال في طور النمو ولا تشكل من الدخل القومي سوى القليل الذي يتراوح بين بين 16 إلى 17% من الدخل القومي، وهو رقم ضعيف ولا يعكس الإمكانيات والمقومات التي يتمتع بها الاقتصاد المصري أو الخامات ومستلزمات الإنتاج والمواد الأولية للصناعة الموجودة بمصر.


وعندما ننظر نظرة شاملة للصناعة المصرية الحالية نجد معظمها صناعة تقليدية قد لا يحتاجها السوق المصري بشدة، وأن هناك صناعات كثيرة تعاني من الندرة في ذلك المجتمع الذي يضطر إلى استيرادها، وقد ذكرنا سابقا أنه من الضروري أن نمسك بفاتورة الاستيراد ونقرر أن نعوض بعض ما نستورده عن طريق إنشاء مصانع محلية لذلك، وهذا الأمر طالبت به كذلك نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، والتي أكدت أن المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في إنشاء المجمعات الصناعية المتخصصة وبصفة خاصة لإنتاج المنتجات التى يتم استيرادها من الخارج.

مصانع جديدة
لكننا عندما نأتي للواقع نجد أن كل ذلك أحلام تراود المصريين منذ زمن طويل، فكثيرا ما سمعنا هذه الكلمات المعسولة من قبيل تخفيض فاتورة الاستيراد بإحلال المنتج المحلي والصناعة المحلية بدلا منها، ثم لا نجد أثرا لذلك الكلام فعليا، فلا مصانع أقيمت ولا تم سد العجز في المنتجات، ويقينا هذا الأمر يحتاج لإرادة سياسية، بمعنى أنه ينبغي على الرئيس السيسي أن يتخذ القرار بأن يعطي الأمر ببناء مصانع محددة لإنتاج ما يتم استيراده، ويكون ذلك بالتعاون مع البنوك التي ينبغي ان تستغل الأموال الطائلة لديها في الاستثمار في ذلك الأمر؛ بما يعود على الوطن كله بالخير..

وتكون هذه المصانع الجديدة تحت إدارة شبابية تعمل بنظام القطاع الخاص، وهي من أموال المودعين في البنوك، وبالتالي تحدث النهضة الصناعية، لكن أن نعتمد على أن يقوم وزير أو أي مسئول بذلك الأمر فلن يحدث، وعندما نتحدث مع المسئولين في ذلك الأمر تكون إجاباتهم واحدة، وهي أننا لا نملك المال اللازم لذلك، ولا الأمر بأن نقوم بذلك، وهذا يستدعي تدخل الرئيس السيسي نفسه ليكلف المسئولين بذلك حتى تنقطع حجتهم، وكما يقول المثل العامي بعد تعديله : "اطبخي يا جاريه كلف يا سيسي " .

صناعة الأدوية
ولدينا من الصناعات التي يحتاجها المجتمع المصري والعربي والإفريقي الكثير، ومن تلك الصناعات صناعة الأدوية حيث أن أغلب مكونات شركات ومنتجات الأدوية المصرية هي منتجات خارج الصناعة المصرية يتم استيرادها بمبالغ كبيرة، حيث تحاول الصناعة المصرية على إيجاد صيغة إنتاجية في هذا القطاع الحيوي حتى يكون محل للمنتج الأجنبي، وقد كشف نائب رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، أن هناك فرصًا كبيرة أمام المستثمرين لإنتاج بعض المستحضرات الطبية التى تشهد نقصًا بالسوق المحلية؛ أهمها «السكر والسرطان والأمراض المناعية والتطعيمات البشرية والأنسولين القلم والخرطوشة».

وأوضح أن السوق أيضًا بحاجة إلى تصنيع المواد الخام المستخدمة فى تحضير العقاقير؛ لأن ما تنتجه شركة النصر للكيماويات لا يكفى الاستخدام، كما أنه لا يغطى كل الأشكال الصيدلانية، لذلك فإن %95 من مستلزمات الإنتاج المستخدمة فى مصر مستوردة، بإجمالى فاتورة تتراوح بين 3 و3.5 مليار دولار سنويًّا.

القضاء على البيروقراطية
وكذلك تحتاج مصر صناعة الزيوت حيث إن مصر تقوم باستيراد معظم احتياجاتها من الزيوت، وبالتالي يؤثر ذلك على تسعير المنتجات وبالتالي على المستهلك في النهاية. ولا يزال القطاع الصناعى مليئًا بالفرص الاستثمارية المطلوبة لتحقيق استراتيجية الحكومة فى تعميق التصنيع المحلى والحد من الاستيراد، تكمن معظمها فى الصناعات المغذية ومستلزمات الإنتاج والاكسسوارات البسيطة وقطع الغيار.

وهذه الفرص الاستثمارية تنتظر عددًا من الآليات، من بينها القضاء على البيروقراطية والتعسفية التى تمارسها بعض الجهات على المستثمرين، فضلًا عن ضرورة قيام الحكومة ممثلة فى وزارة الصناعة بتوفير حصر حقيقى بالاحتياجات الفعلية من مستلزمات الإنتاج، وخلق حالة من التكامل الصناعى بين المصانع الكبيرة والصغيرة؛ لبدء ضخ رءوس أموال بالقطاعات المغذية، وأخيرًا أهمية تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلى لتحفيز الشركات على الاستثمار والإنتاج.

ومن الصناعات التي تحتاجها مصر قطاع مواد البناء الذي به فرص واعدة، والصحراء مليئة بالدرر مثل الرمل الزجاجى والطَّفلة والحجر الجيرى والفلسبار، وجميعها تحتاج لاستثمارات كبيرة لاقتناصها، لكن هذه الفرص تصطدم بالإجراءات التعسفية من مسئولى المحاجر.

المواد العازلة
فمصر لا تَستخدم سوى 10– %20 من الطاقات الإنتاجية الموجودة فى الصحارى، والـ%80 الباقية فرص مهدرة، والإنتاج المحلى من المستلزمات غير كافٍ، ومن ثم يلجأ أصحاب المصانع للاستيراد.

كذلك نجد قطاع «المواد العازلة» فى حاجة لإضافة خطوط إنتاج جديدة للعزل المائى والحرارى لمواكبة التكنولوجيا الحديثة فى هذا الأمر. ونحتاج لضخ مزيد من الاستثمارات فى الصناعات الوسيطة والمغذّية، مثل المواسير والسيراميك. وقطاع الأدوات الصحية يحتاج لإنتاج «يد الخلاط، الفلتر، الفلاش تانك، الدش، سماعة الدش، الجوانات»، وغيرها من الصناعات المغذية المطلوبة.

ونجد أن واردات الأدوات الصحية، سواء مستلزمات إنتاج أو منتج تام، سجل ما يتراوح بين 4 و5 مليارات جنيه خلال 2019، وهو رقم كبير جدًّا يتطلب تحقيق التكامل بين جميع المصانع المحلية لتخفيضه. وكذلك نحتاج لصناعة مواسير المياه والصرف الصحى، فصنعته تفتقر لإنشاء مصانع متخصصة فى إنتاج المواد الخام الـ»PVC» و»ppr» البولى بروبلين؛ لتخفيض فاتورة استيرادها.

Advertisements
الجريدة الرسمية