رئيس التحرير
عصام كامل

مغالطات الدكتور طارق حجي حول الأزهر

استضافت إحدى القنوات الفضائية الدكتور طارق حجي المفكر الحداثي الليبرالي المعروف، متحدثا عن قضية تجديد الخطاب الديني، وانتهى الحوار بينه وبين الإعلامي المحترم الأستاذ خالد أبو بكر، إلى أنه لا بد من تشكيل مجلس يضم عشرات العلماء والباحثين من مختلف الاتجاهات والتيارات الفكرية الوطنية بما فيها الأزهر الشريف..

 

للنظر في موضوع الفكر المتطرف وكيفية مواجهته لحماية الشباب منه، وهي دعوة نثمنها ونقدرها، وندعو إليها وإلى تفعيلها. لكن الدكتور طارق في حواره ارتكب عددًا من المغالطات تمس الأزهر الشريف، نريد منه أن يتسع صدره لإبدائها وعرضها للرأي العام، كما اتسع صدرنا -نحن الأزهريين- لسماعها منه، وسوف ألخصها فيما يلي:

 

أولا: ذكر أن الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر سابقًا كان موجودًا في اعتصام رابعة.. وهذا غير صحيح فالدكتور عباس لم يذهب قطُّ إلى اعتصام رابعة.

اقرأ أيضا: مصداقية الإعلاميين تتآكل

 

ثانيا: ذكر أن مجلة الأزهر في عهد رئاسة تحرير الدكتور محمد عمارة طبعت كتابًا لسيد قطب.. وهذا غير صحيح، بل العكس هو الذي حدث فقد نشرت مجلة الأزهر في سنة 2016 عددًا من المقالات تنتقد فكر جماعة الإخوان وتصفهم بالهالوك وثالوث الشر وما إلى ذلك.

 

ثالثا: ذكر أن ميزانية الأزهر من الدولة 16 مليار (دولار) يعني أكثر من (250) مليار جنيه.. ويا ليت هذا الكلام كان صحيحا، فميزانية الأزهر بمعاهده بكل كلياته ومؤسساته لا تبلغ 16 مليار (جنيه)، مع أننا في حاجة ماسة إلى أن تكون الميزانية لا تقل عن (أربعين) مليار جنيه لكن ظروف البلد لا تسمح بهذا.

 

رابعا: طالب الدولة بإيقاف ميزانية الأزهر حتى يخضع لها.. وهذا تحريض صريح وغير مقبول منه ولا من غيره، فالأزهر الشريف طوال تاريخه بإمامه الأكبر وشيوخه وأساتذته جزء أساسي من الدولة والمكون الأهم في بناء الشخصية المصرية وحمايتها من التطرف والغلو، ويمارس دوره الوطني والديني دون إملاء من أحد، ولا يقبل إملاء من أحد.

 

خامسا: ذكر أنه لو كان على رأس المؤسسة الدينية رجل يؤمن بثلاثة أشياء لتغير الوضع تماما، وهذه الأشياء الثلاثة هي (أن الدولة مدنية وليست إسلامية، وأن المسيحيين جزء من الدولة، وأن الإخوان عصابة إجرامية) أما أن الدولة مدنية وليست إسلامية (يعني ثيوقراطية دينية كالفاتيكان).. فنذكره بوثيقة الأزهر في 2011 والتي شاركت فيها نخب مختلفة ونصت على مدنية الدولة..

 

اقرأ أيضا: المرأة من وجهة نظر الإخوان للمتعة فقط

 

يعني أن الأزهر بإمامه الطيب هو الذي رعى مدنية الدولة وحافظ على ذلك. وأما أن المسيحيين جزء من الدولة.. فأظن أن الإخوة المسيحيين أنفسهم وعلى رأسهم بابا الكنيسة هم الذين يستطيعون نفي هذا وتكذيبه.. وما تجربة بيت العائلة عنا ببعيدة بل هي موجود وحاضرة ويرعاها الأزهر وشيخه.

 

وأما أن الإخوان عصابة إجرامية.. فإننا نحيله إلى بيان مرصد الأزهر والذي يستحيل أن يصدر بغير موافقة شيخ الأزهر وعلمه الصادر في فبراير 2019 الذي ينص على أن الإخوان تسير على خطى داعش.

 

سادسا: ذكر أن وزارة الأوقاف بها 180 ألف مسجد، وأنه لا بد أن تكون خاضعة لرؤية الدولة، وأن الخطب لا تخضع لسياسة الدولة، وأنه لا بد من مراقبة المساجد .. وهذا شيء عجيب جدا يدل على أنه في واد آخر تماما.. فعدد المساجد والزوايا لا يتجاوز 130 ألفا، ووزارة الأوقاف أصلا جزء من الحكومة وليست جزءا من الأزهر..

 

والمساجد لا تقام فيها أي فعاليات إلا بالتنسيق مع الجهات الأمنية.. وأما الخطب فنحن شخصيا تعبنا من المبالغة في جعلها موائمة للأمور العامة في المجتمع، يعني الواقع على عكس زعمه تماما.

 

اقرأ أيضا: قطر تستغل أموالها لتفتيت مصر لصالح أمريكا

 

سابعا وأخيرا: زعم أن المؤسسة الدينية كانت في غرام مع الإخوان وأنها مفرخة للإخوان.. وهذا كلام باطل لا أصل له؛ فالأزهر طوال تاريخه أخرج للأمة المصرية والعربية ألوفا من العلماء والدعاة ليس فيهم إخواني واحد، ووجود بضعة أفراد أو عشرات أو حتى مئات فهذا من باب النادر الذي لا حكم له، وهم كالشعرة السوداء في الثور الأبيض.

 

والمنهج الأزهري حجة عليهم، وليسوا هم الحجة عليه. وإليكم طائفة من أعيان الفقهاء والأصوليين والمفسرين والمحدثين واللغويين والدعاة والمحققين في المئة سنة الأخيرة، من الأزهريين في مصر وغيرها وما كانوا إخوانا: يوسف الدجوي، وبخيت المطيعي، والخضر حسين، ومحمد أبو زهرة، وشلتوت، والمراغي، وإبراهيم الجبالي، ومحمد عبد الله دراز، وإبراهيم حُمروش، ومحمد الصادق عرجون، وعبد الحليم محمود، والشعراوي، وصالح الجعفري، وإسماعيل صادق العدوي..

 

ومحمد زكي إبراهيم، وإبراهيم جلهوم. والسمالوطي، وبدر الدين الحسني، وأحمد شاكر، ومحمد حبيب الله الشنقيطي، ومحمد السماحي، ومحمد أبوشهبة، وأحمد بن الصديق وعبد الله بن الصديق الغماريان، ومحمد علوي المالكي، وموسى شاهين لاشين، وإسماعيل الدفتار، وأحمد محرم الشيخ ناجي، ونور الدين عتر، وأحمد معبد عبد الكريم. وعبد السلام هارون، ومحيي الدين عبد الحميد، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، ومحمد عبد الخالق عضيمة، والسيد أحمد صقر، والطناحي، وطه أبو كريشة.

 

اقرأ أيضا: طارق حجي.. المفكر النتاش!

 

وعبد الرحمن الجزيري، وعبد الوهاب خلاف، ومحمد المدني، ومحمد حسنين مخلوف، وولده حسنين، ودسوقي العربي، وأبو النور زهير، وعبد الله المشد، والقرنشاوي، وجاد الحق، وعطية صقر، وعبد الفتاح الشيخ، ونوح القضاة، ووهبة الزحيلي، ومحمد فوزي فيض الله، ومحمد رأفت عثمان، وعلي جمعة. ومحمود أبو دقيقة، وعبد المجيد اللبان، ومصطفى عبد الرازق، وصالح موسى شرف، وعوض الله حجازي..

 

ومحمد المسير، والبوطي، ومصطفى عمران، وعبد العزيز سيف النصر، وزقزوق، وعبد الفضيل القوصي، وأحمد الطيب. وأحمد السيد الكومي، ومحمد عبد المنعم القيعي، ومحمد عبد العظيم الزرقاني، ومحمد سيد طنطاوي، وإبراهيم خليفة، والقصبي زلط.

 

فهؤلاء وغيرهم ألوف مؤلفة هم الذين حملوا مشاعل النور والهداية، فصنعوا الحضارة، وبنوا الأوطان، وأناروا الدنيا كلها، وهؤلاء هم الذين ينبغي أن نقيس عليهم ونأتسي بهم وننظر إليهم، لا أن ننظر إلى مجموعة أفراد غردوا خارج السرب هنا أو هناك.. وحفظ الله أوطاننا من كل سوء .

الجريدة الرسمية