رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى دخولها مصر.. خطة تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة وتحويله إلى مزار سياحي عالمي

مسار رحلة العائلة
مسار رحلة العائلة المقدسة

يوافق اليوم الإثنين الأول من يونيو ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر منذ أكثر من ألفي عام، في رحلة مباركة استمرت أكثر من ثلاثة أعوام ونصف باركت خلالها العائلة المقدسة أكثر من 25 بقعة في ربوع مصر المختلفة حيث تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء شرقا إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أقاصي صعيد مصر.

 

وتحتفل مصر في الأول من يونيو من كل عام بذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أرضها والتى ضمت السيدة العذراء، وابنها المسيح طفلا ودليلهما في الرحلة القديس يوسف النجار، وقد جاء السيد المسيح وعمره أقل من عام، وقد باركت العائلة المقدسة العديد من المواقع بمصر من رفح إلى الدير المحرق تضم حاليًا آثار وآبار وأشجار ومغارات ونقوش صخرية، مطالبا باعتبار أول يونيو عيدا قوميًا تحتفل به مصر بأثرها.

وتولي الحكومة المصرية حاليا أولوية خاصة لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، وذلك بعد اعتماد بابا الفاتيكان نقاط العائلة المقدسة لمصر ضمن الحج لملياري مسيحي على مستوى العالم، مما يعد تنشيطا جديدا للسياحة المصرية وإضافة تاريخية لمكانة مصر الحضارية.

ويعد مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة الذي تنفذه مصر مشروعا قوميا باعتباره محورا عمرانيا تنمويا يقوده قطاع السياحة ويؤدي إلى تنمية هذا المحور إلى تنمية المجتمعات المحيطة بطول المسار، الذي يتضمن 25 نقطة تمتد لمسافة 3500 كم ذهابا وعودة من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوي كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع وفقا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.

وشكلت وزارة السياحة والآثار لجنة قومية تضم خبراء من كل الجهات المعنية لإعداد ملف لتقديمه إلى منظمة اليونسكو لتسجيل مسار رحلة العائلة المقدسة على قائمة التراث العالمي اللا مادي و تسجيل أديرة وادي النطرون الأربعة على قائمة التراث العالمي المادي.

ووافق مجلس إدارة صندوق السياحة برئاسة الدكتور خالد العناني وزير السياحة و الآثار، مؤخرا على تحويل 41 مليون جنيه لوزارة التنمية المحلية لاستكمال أعمال تطوير مواقع مسار العائلة المقدسة بمصر و ذلك من الميزانية المخصصة لها من موازنة صندوق السياحة بمقدار 60 مليون جنيه.

 

وجاءت العائلة المقدسة إلى مصر عن طريق شمال سيناء ثم اتجهت إلى الدلتا ثم إلى وادي النطرون فمنطقة حصن بابليون لتأخذ طريقها فى نهر النيل إلى نهاية الرحلة بدير المحرق بالقوصية بمحافظة أسيوط، وشملت المحطات بمسمياتها الحالية، وكانت لها مسميات قديمة أثناء الرحلة (رفح، الشيخ زويد، العريش، الفلوسيات، القلس، الفرما، تل بسطة، مسطرد، بلبيس، منية سمنود، سمنود، سخا، بلقاس، وادي النطرون، المطرية وعين شمس، الزيتون، وسط القاهرة حارة زويلة وكلوت بك، مصر القديمة وحصن بابليون، المعادي، منف، دير الجرنوس، البهنسا، جبل الطير، أنصنا، الأشمونين، ديروط، ملوي، كوم ماريا، تل العمارنة، القوصية، ميرة، الدير المحرق).

وفى طريق العودة مرت العائلة المقدسة على جبل أسيوط الغربي "درنكة" إلى مصر القديمة ثم المطرية فالمحمة ومنها إلى سيناء ومن أشهر المواقع فى مسار العائلة المقدسة بسيناء الفرما التي كان لها دور عظيم فى تاريخ المسيحية، وتضم مجمعا للكنائس بتل مخزن ومعمودية وعدة كنائس أخرى، وفي الدلتا كنيسة العذراء والقديس أبانوب بسمنود وبها بئر ماء وإناء كبير يقال أن السيدة العذراء عجنت فيه خبزا.

ومرت العائلة المقدسة بوادى النطرون على نبع الحمراء حيث أنبع السيد المسيح عليه السلام نبع ماء عذب يعرف باسم (نبع مريم) يقع وسط منطقة مشبعة بملح النطرون وما يزال موجودا على بعد 3كم من دير البراموس.

ويضم وادى النطرون دير السريان ودير الأنبا بيشوى ودير الأنبا مقار ودير البراموس وبحيرة الحمراء شديدة الملوحة ويتوسطها نبع مريم العذب.

وسلمت وزارة السياحة والآثار ملف أديرة وادى النطرون لتسجيله تراث عالمى باليونسكو.

وباركت العائلة المقدسة 17 موقعا في القاهرة منها عين شمس التي أصبحت مقرا لأسقفية قبطية، ومنطقة شجرة مريم في المطرية والتي استظلت تحتها العائلة المقدسة بظلها ولازالت تعرف حتى اليوم بـ "شجرة مريم" وأنبع السيد المسيح بئر ماء بجوارها ونبتت هناك نباتات عطرية مثل نبات البلسان، وانقطع شجر البلسان في القرن السابع عشر بسبب فيضان النيل، لافتا إلى أن إمبراطورة فرنسا أوجينى قد زارت شجرة مريم عام 1869 فى افتتاح قناة السويس.

وواستكملت العائلة المقدسة رحلتها جنوبا إلى الفسطاط عند حصن بابليون، ثم اتجهت إلى منف ومن البقعة المقامة عليها كنيسة العذراء بالمعادى على شاطئ النيل حاليا اتجهت العائلة المقدسة فى مركب شراعي بالنيل إلى الجنوب حتى البهنسا (بمحافظة المنيا) ثم عبروا النيل لشاطئه الشرقى إلى جبل الطير قرب سمالوط (بمحافظة المنيا)، ثم سافروا بالنيل إلى الأشمونيين إلى قرية فيليس (ديروط)، ومنه إلى القوصية إلى ميره إلى جبل قسقام، واستقروا هناك في المكان الذى يقوم فيه أشهر دير مرتبط بهذه الرحلة وهو دير المحرق الشهير.

ودير المحرق بالقوصية يعد محط أنظار العالم كنهاية محطات الرحلة ويضم كنيسة السيدة العذراء، التي تضم البيت الذي عاشت فيه العائلة المقدسة، وبقى البيت على مساحته ثم تحول في العصر المسيحي المبكر إلى كنيسة، وتميز هيكلها بمذبح حجري والمعروف لدى علماء الآثار باستخدامه منذ عصر مبكر، وهو الحجر الذي جلس عليه السيد المسيح طبقا للتقليد، أما صحن الكنيسة فقد تغير في القرن الـ 19م ولم يتبق من القديم إلا الحائط القبلي وأبوابها قديمة من طريقة صناعتها.

ويشهد التاريخ على أن هذه الكنيسة كان لها احترام حين دخول الإسلام مصر، وحافظ عليها المسلمون ولم تمس بأي سوء شأن كل الآثار السابقة على الإسلام، وهذه الكنيسة تم ترميمها في القرن 16م ببناء القباب الثلاث أعلى الهيكل، وفي القرن 19م تم توسيع الصحن قليلًا وبناء القباب السبع أعلى صحن الكنيسة،والمحمولة على حنيات ركنية.

وتعد زيارة يسوع المسيح والعائلة المقدسة إلى أرض مصر حدثًا جللاً في التاريخ المصري وتبدأ القصة بخبر أعلنه مجموعة من الحكماء بأن يسوع سيكون الملك القادم لليهود وهو ما أوغر عليه صدر الملك هيرودس (حاكم اليهودية في ذلك الوقت) الذي تهدد بذلك الخبر ملكه ودفعه لاتخاذ قرار بقتل يسوع.

ورحلت العائلة المقدسة عن بيت لحم متجهة إلى مصر بعد ما جاء ملك من السماء إلى يوسف النجار لينذره، داعيًا إياه إلى الرحيل مع يسوع ومريم العذراء وقد بدأت العائلة المقدسة رحلتها عبر جنوب سيناء وصولاً إلى الفرما وكل مكان حلوا به في طريقهم أصبح اليوم كنيسة أو ديرًا.

وكانت الوجهة التالية لهم في رحلتهم تل بسطا، حيث أتى يسوع بمعجزة فقد حلت بركته بالمكان ففار من الأرض الجدباء ينبوع ماء و وصلت العائلة المقدسة بعد ذلك إلى مسطرد، والتي عرفت كذلك بالمحمة، أي مكان الاستحمام وقد أُطلق ذلك الاسم على المكان بعد أن اغتسل الطفل يسوع فيه على يد مريم العذراء والتي غسلت ثيابه كذلك.

وتوجهت العائلة المقدسة بعد ذلك إلى بلبيس حيث استظلوا بشجرة جميز، سميت بعد ذلك "شجرة مريم العذراء" ثم اجتازوا نهر النيل إلى مدينة سمنود، حيث أنبع يسوع عين ماء أخرى، وبينما هم في سخا، يقال إن يسوع مس حجرًا فتفجر منه ماء عذب، يممت العائلة المقدسة بعدها وجهها غربًا إلى وادي النطرون، فكان ذلك الوادي المهد الأول للرهبانية في العالم، حيث يتطهر الناس وينقطعون لعبادة الرب.

ووصلت العائلة المقدسة في نهاية المطاف إلى حي المطرية وعين شمس بمدينة القاهرة فأنبع المسيح فيها عين ماء وباركها، وغسلت مريم العذراء ملابس المسيح في هذه البقعة ثم صبت الماء على الأرض فأنبتت شجرة بلسم، وتستخدم خلاصة البلسم في إعداد الميرون المقدس، وتوجهت العائلة المقدسة بعد ذلك إلى مصر القديمة حيث سكنت في مغارة، وفي ذلك الموقع بعد تلك الأحداث بسنوات بُنيت كنيسة أبي سرجة، على أطلال حصن بابليون. وقد أصبحت المنطقة بأسرها قبلة للمريدين من المصريين والمسيحيين من كافة أرجاء العالم، ثم انتقلت العائلة إلى حي المعادي، حيث بُنيت كنيسة السيدة العذراء مريم على شاطئ النيل، ومن هذا المكان رحلت العائلة المقدسة على متن قارب نحو الجنوب.

وتوجهت العائلة المقدسة إلى المنيا ليعبروا نهر النيل من هناك إلى ضفته الشرقية، ويقع هناك دير العذراء مريم أعلى جبل الكف، حيث يُعتقد أن كف المسيح قد انطبعت على صخرة من صخور هذا الجبل، ومن هذا المكان اجتازت العائلة المقدسة نهر النيل عائدة إلى ضفته الغربية، إلى جبل قسقام بمحافظة أسيوط. ومكثت العائلة هناك لأكثر من ستة أشهر، وهي أطول فترة قضوها في أي مكان في مصر. وفي هذه المنطقة تم بناء دير المحرق، ولاحقًا أتي ملاك إلى يوسف النجار في الحلم ليخبره بالعودة إلى فلسطين بعد موت الملك هيرودس، في رحلة عودتها إلى فلسطين سلكت العائلة المقدسة نفس المسار تقريبًا.

الجريدة الرسمية