رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الرهان على "وعي الناس"!

اترك المقال واذهب حالا إلى الإنترنت وشاهد أي حفل غنائي من الستينيات ليس مهما أن يكون لأم كلثوم .. العندليب.. فريد الاطرش.. أي حفل ثم اذهب فورا وشاهد حفلا غنائيا ـ أي حفل ـ في التسعينيات إلى اليوم.. وسجل الفرق!

 

الحفلات ليست معيارا؟ اتركها.. اذهب إليىأي مباراة قديمة في الستينيات باستاد القاهرة وراقب الجمهور من الملبس إلى التشجيع ثم انتقل إلى التسعينيات إلى اليوم وسجل الفرق!

 

افعل الأمر نفسه في المدارس.. في الجامعات بل وفي الحارة الشعبية التي يعرف أبناؤها ـ أو كان يعرف أبناؤها نقصد ـ العيب.. والشهامة.. بمعيار بسيط جدا.. كم الإبداع في إلقاء تحية الصباح بصياغات مختلفة.. صباح الفل. .صباح الحليب..صباح القشطة.. إلى سير الفتاة المصرية فيها آمنة مطمئنة ثم انتقل إلى ما حدث فيها من تحولات غيرتها وبدلتها إلى ما صارت اليه اليوم من مشاجرات ومعارك وتحرش!

 

اقرأ أيضا: غباء الجماعة المستحكم!

 

لم نعش بكل أسف في الستينيات ونتذكر من السبعينيات القليل لكن ظل أثرهما باقيا إلى الثمانينيات وفيها نتذكر جيدا كيف إن للاطفال برامج تعلمهم الفضيلة والقيم والأخلاق.. كيف يعلموننا الخير والحق والجمال.. كيف أن تركنا البرامج وذهبنا للدروس سنجد الإرشادات في غلاف الكراس يعلمنا النظافة والنظام والنشاط والالتزام!

 

نحن آخر جيل تقريبا هتف لبلده في طابور الصباح يوميا وبشكل منتظم ووفق سياسة دولة وليس بمبادرة من مدير أو مدرس.. ونحن اخر جيل تقريبا حصل علي جرعات الوطنية والهوية بكل الوسائل المتاحة.. المنهج المدرسي.. المسلسل التلفزيوني والبرنامج المفيد!

 

نتذكر إعلانات التوفير التي تصيغ السلوك الاستهلاكي وتوجهه التوجيه الرشيد مع الرغبة في دعم الوطن.. كما نتذكر ـ كآخر جيل أيضا ـ إعلانات الترشيد من استهلاك المياه إلى استهلاك رغيف الخبز!

 

نحن آخر جيل تعلم حقوق الجار.. وتعلم حق الطريق العام.. وحق المعلم الذي كاد أن يكون رسولا.. الآن وقد اثمرت قيم الانفتاح الاقتصادي ـ وأثر القرارات الخطيرة يأخذ سنوات ـ من سلوك فردي أناني استهلاكي انتقامي من دولة قدمت أغلب رموزها من الفاسدين وعلى مدار أربعين عاما ـ 1974 إلى 2014 ـ بعدد قضايا تهريب وتسقيع أراض وتزوير أوراق رسمية ووضع يد على أملاك الدولة وقضايا بلطجة علنية لمشاهير ورشاوى وعمولات وخصخصة وتهريب أموال البنوك..

 

اقرأ أيضا: العلاج المدغشقري الأفريقي لكورونا!

 

ماذا تنتظرون والناس تتفرج على كل ذلك؟ هل مجتمع كهذا يقدم شعبا مطيعا أم  شعبا متمرادا يريد كل فرد فيه أن يأخذ من البيت "قالب" بصيغة "اللي مش هيغني في عهدي مش هيغني"؟!

 

لا تلوموا الشعب وقد عاني ما عاني.. وقد عاني مما عاني.. لوموا وحاكموا حتى في ضمائركم وسرائركم من أوصلوا فئات عديدة منه إلى الحالة الحالية.. لا نقصد فقط سلوكيات النظافة والنظام.. إنما نزعة التمرد وللعناد وعدم الثقة في أي تدابير أو تعليمات أو قرارات تستهدف مصلحته.. فئات عديدة بينا لم تستوعب ما جرى من تغيير ولم تزل تعيش بالدفع الذاتي في عهود كانت وانتهت!

Advertisements
الجريدة الرسمية