رئيس التحرير
عصام كامل

احذروا المقابر يوم العيد

تحمل كلمة «عادة» في لغتنا الجميلة الكثير من الدلالات، ووفق قاموس المعاني فإن «العَادَةُ» هي كلُّ ما اعتيد حتى صار يُفعل من غير جهد، وهي أيضا «حالة تتكرر على نهج واحد»، ويقول الناس «جرت العادة على فعل معين: أي أن هذا الفعل صار من المعتاد والمألوف لديهم»..

 

كل هذه المعاني جالت بخاطري أثناء تتبع تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا التي تخطت 500 إصابة وفق البيانات اليومية لوزارة الصحة.. ولست هنا بصدد تحميل المسؤولية للشعب أو الحكومة.. فالجانبان يتحملان المسؤولية كاملة، لكننا بحاجة فعلية إلى علماء الاجتماع اليوم قدر حاجتنا لأبطال «الجيش الأبيض» من الأطباء..

 

اقرأ ايضا: هل التلفزيون متهم؟

 

فلدينا عادات باتت حاكمة لتفكيرنا وثقافتنا منها أن «شراء ملابس العيد وإعداد كعك العيد والزيارات العائلية يوم العيد» كل هذا بالنسبة لمجتمعنا مسألة حياة أو موت.

 

وإذا بحثنا عن الوعي نجده خافتا في بيوت المتعلمين والمثقفين والنخب والأطباء وأصحاب الرأي، ولكن الحقيقة أننا بالتزامن مع المواجهة الشرسة ضد فيروس كورونا، نحتاج مراجعة شاملة لبعض العادات الاجتماعية التي تدير سلوكيات غريبة، فما الأزمة لو تأجل شراء ملابس العيد؟، وما المشكلة لو تم إعداد «الكعك» وشراؤه بأي يوم آخر بعد العيد؟..

 

اقرأ ايضا: هل سقطت «أرض اللواء» من حسابات المسؤولين؟

 

إن مسألة التباعد الاجتماعي، فضلا عن كونها ضرورة طبية وقائية، هي في الأصل «ضرورة أخلاقية»، فمن ذا الذي يُرضيه حالة التكدس في المواصلات العامة كمترو الأنفاق أو القطارات المميزة؟ ومن ذا الذي يُرضيه حالة التزاحم في الشوارع؟، حيث لا فرق لدى السائرين في الأماكن المزدحمة بين سيدة ورجل وشاب وفتاة.

 

حتى الدين الحنيف آثرنا خلطه بعاداتنا الفرعونيى القديمة لتأخذ لدينا طابعا إسلاميا، ففي مصر الفرعونية كانت فترة التحنيط الكامل تستغرق 70 يوما، يفتح بعدها الكاهن جزءا في جانب الجسد لاستخراج أعضائه ثم يملأ الجسم بملح «النترون» لتجفيفه من السوائل لمدة 40 يوما، يُوضع بعدها العطور والزيوت..

 

اقرأ ايضا: هيا بنا نقرأ

 

وفي مصر الإسلامية ظلت عادة «إحياء ذكرى الأربعين» ملازمة ثقافتنا المصرية، فأضفينا عليها طابعاً إسلاميا باستدعاء قارئ لتلاوة القرآن الكريم في تلك الذكرى.. وفي ريفنا الجميل الذي نتشرف بالتربية فيه، حيث أهالينا الطيبون، لدينا في بعض القرى القريبة من المدافن عادات أشد خطرا ينبغي الحذر منها، وهي زيارة القبور في يوم العيد..

 

ولم أعلم أصلا لتحديد يوم العيد تحديداً لزيارة المقابر، رغم أنها مشروعة في الأيام العادية؛ لذلك على أجهزة الدولة وضع مواجهة استباقية من الآن لمواجهة تلك العادة، وقد بقيت أيام قليلة على عيد الفطر المبارك.. يحفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء.

 

الجريدة الرسمية