رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فشل نصف قرن وليس ابن تيمية!

من السذاجة أو من السطحية أن يكون ابن تيمية هو السبب فى الإرهاب، السؤال الذى طرحته من قبل: منذ رحل الزعيم جمال عبدالناصر أى منذ خمسين عاما تقريبا ماذا قدم المجتمع الثقافى وغيره من عناصر الدولة لمواجهة المد الوهابى الذى بدأ ينتشر فى مفاصل الدولة والمجتمع المصرى؟

 

لاشىء!  

حتى فى اللحظة الاستثنائية فى تاريخ العرب عندما حققنا الانتصار التاريخى فى (العاشر من رمضان – السادس من اكتوبر) عجزت الثقافة بنخبتها عن تقديم شيء يليق بالحدث العظيم، لم يحدث أن قدموا مشروعا ثقافيا لدفع مصر للأمام، بل نافقوا السلطة، وبدأت نغمة التسامح والسلام تظهر فى اتجاهات المثقفين لتنفيذ رغبة الدولة المتجه إلى الصلح مع الكيان الصهيونى..

 

اقرأ أيضا: الكورة أهم من الكورونا!

 

وقد حدث باتفاقيتى كامبد ديفيد، فهل يمكن أن نصدق أن أول عمل حقيقى عن الحرب مع الصهاينة يقدمه التليفزيون بعد تسعة عشر عاما من انتهاء الحرب وكان رائعة إنعام محمد على "حكايات الغريب" ثم بعدها "الطريق إلى إيلات" بل إن فيلم "الممر" بمثابة أول فيلم يقترب من انتصار أكتوبر بشكل حقيقى، ويأتى هذا بعد ستة وأربعين عاما من الحرب..

 

مع كل الاحترام للأفلام التى خرجت بعد الحرب مباشرة، فكانت مجرد تسجيل حالة وتمت فى عجلة ولكنها بعيدة كل البعد عن الانتصار العظيم، لقد  تفرغ كبار المثقفين لمجاراة السادات الذى أراد أن يمحى كل إيجابيات مرحلة عبد الناصر بلا مبرر، وبرغم أنه أحد أبناء ثورة يوليو إلا أنه نفذ فكرا مغايرا تماما لرؤية الثورة..

 

وظهر توفيق الحكيم وأنيس منصور وموسى صبرى ورشاد رشدى وغيرهم من تلاميذهم، الذين شككوا فى كل شىء قدمته ثورة يوليو للمجتمع، فكتب توفيق الحكيم سقطته الكبرى "عودة الوعى" التى كانت بداية للكثير من الكتابات المضللة، والتى مهدت الطريق للصلح مع الكيان الصهيونى، تزامن مع ذلك إخراج الإخوان المجرمين من السجون، ولم تكن انتهت مدة العقوبة..

 

اقرأ أيضا: الشهيد المنسى.. وغياب الوعى لصناع الفن!

 

ولكنها صفقة بين السادات والإخوان باركتها أو رعتها المخابرات الأمريكية عن طريق كمال الأدهم عميلهم، وكما علق الدكتور محروس خفاجى على كلمتى فى صفحتى على التواصل الاجتماعى قائلا: عندما أراد السادات تمرير أفكاره أتى بداعميها من الإخوان والسلفيين ليصبح الرئيس المؤمن..

 

وسادت أفكارهم وتغلغلت داخل المجتمع، بدعم السلطة والدولة حتى وصلنا للنتيجة الحالية، فلم يكن من الممكن أن ترى أفكار ابن تيمية أو المودودى أو غيرهم النور إلا بدعم وتشجيع الدولة، وقهر وتضييق الخناق على باقى الأفكارالمدنية الاشتراكية، حتى وصل الامر أن يقول البعض إن الاشتراكية كفر، وأطلق العنان لرأسمالية جشعة أفسدت المجتمع وأتت على ما بنته الأجيال السابقة، حتى تم بيع القطاع العام بصفقات مشبوهة، فالقضية ليست فساد أفكار بل من سمح لها أن يسود!

 

وعلق رسام الكاريكاتير نبيل صادق قائلا :عندما فتح الباب للإخوان والتيارات السلفية فى الجامعات لضرب التيار الناصرى الاشتراكى وتغلغل تلك التيارات فى كل المؤسسات وأصبحنا نسمع مصطلح الفتنة الطائفية والذى لم نسمعه طوال عصر عبدالناصر، والمشكلة أن الشباب مغيب تماما!

 

اقرأ أيضا: الثقافة المهدر دمها

 

نعم الشباب مغيب والمجتمع مغيب، لأن جذور المشكلة ليست ابن تيمية أو كتابا يحمل فكرا تكفيريا أو أى فكر أيا كان، ولكن هناك البيئة التى ترعى هذه الأفكار، إذن المشكلة ليست فى صاحب الفكرة وإنما فى الذى ساهم فى رعايتها ونشرها وحمايتها، فى السبعينيات اختلطت الصورة وأكرر غاب المثقفون، فمن يصدق أن الشاعر العظيم صلاح عبدالصبور يتم توريطه فى اشتراك الكيان الصهيونى فى معرض القاهرة للكتاب..

 

ودفع حياته ثمنا لهذا عندما اشتد اتهامه من الأصدقاء بأن هذا عار عليه، اصيب بأزمة قلبية أنهت حياته، فى نفس الوقت وقف يسرى الجندى بمسرحيته "اليهودى التائه" لا يستطيع تقديمها على المسرح أو يجد أحدا يدافع عنه لكى يقدمها، واغتيل السادات وبدلا من التخلص من وباء الإرهاب فتح له النظام الأسبق كل الأبواب، تركت الدولة الإخوان يتعاونون مع الأحزاب بمباركة منها..

 

بل عندما تم تجميد حزب العمل بدعوى أنه يضم الاخوان، بعدها سمحت الدولة ب88 عضوا للإخوان المجرمين فى انتخابات 2005، وظل التعاون حتى 27 يناير 2011!

 

اقرأ أيضا: قيادات مبدعة.. أول خطوة لإعادة الروح للتليفزيون!

 

وإذا كان بعض ممن يحملون ابن تيمية كل الإرهاب ويتمسحون فى الدكتور فرج فودة بأنه دفع حياته لأفكاره فى محاربة الإرهابيين وأفكارهم التكفيرية، فإننى اذكرهم بانهم تجاهلوا الدكتورفرج فودة سنوات طويلة وتذكروه هذه الأيام بالصدفة..

 

نعم تجاهلوه تماما فلم يقدم معرض الكتاب وهو أكبر تجمع للأفكار ندوة واحدة عنه منذ ندوته مع الغزالى والهضيبى والتى يعتبرها البعض السبب الرئيسى لاغتياله، وعلى استحياء تذكر البعض الدكتور نصر حامد أبوزيد، فى الوقت الذى تجاهلوه حيا ولم يزره أحد قبل وفاته!

 

المشكلة ليست فى ابن تيمية ولكنها تكمن في أن  الدولة والمجتمع فى وقت سابق  ساعدوا الإرهابيين سواء بالدعم أو الصمت، ابن تيمية شماعة سهلة للهروب من المسئولية، الثقافة، الإعلام، الشباب، الجامعات والمدارس، كلها تغلغل فيها إخوان وسلفيون، مجرد مسلسل جيد آثر فى المجتمع، فما بالنا لو أن هناك خطة مدروسة بوعى لتغيير وعلاج المجتمع من التخلف والإرهاب وجهي العملة الواحدة!

 

اختم بتعليق الصديق الدكتور سعد الزنط: نعم.. المشكلة ليس فيما قدمه الآخر ولكن تكمن الأزمة فى العجز عن تقديم البديل المنضبط والمقبول وتسويقه!

تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر

 

Advertisements
الجريدة الرسمية