الكورة أهم من الكورونا!
مثلما تكشف كورونا عن جوانب إيجابية فى المجتمع، وفى العالم، فإنها تكشف عن جوانب سلبية أيضا، والمجتمعات الناضجة تستفيد من ال‘يجابى للتأكيد عليه وتحاول زيادته، ومن السلبيات تتعلم لتصحح المفاهيم أو علاج اماكن الخلل الذى ظهر.
أثبتت كورونا أن الدولة المصرية تعلمت الدرس من إنفلونزا الطيور والخنازير، واكتسبت خبرة التعامل مع الأوبئة المفاجئة، وأن الأمر جاد ولا ينفع مجرد التنبيه وخلافه من إعلانات ساذجة على شاشات التلفزيون، وأدرك جنود مصر فى الصحة المصرية أنهم فى صراع مع عدو لا بد من مواجهته تحت أى ظروف، ودفعت مصر من شبابها الأطباء وأطقم التمريض شهداء فى حربهم مع كورونا.
فى الأسبوع الماضى تمنيت أن يقدم الفن لمحة إنسانية تكون رسالة نبيلة للمجتمع، من خلال أسرة مسلسل البطل الشهيد أحمد منسى، اليوم أسأل: ماذا قدمت الرياضة من خلال لاعبى الكرة الذين يحصلون على الملايين كل عام؟ مع بداية الكورونا ظهرت حملة من بعض النجوم الذىن قالوا إنهم سيرعون أسرا محتاجة، وسمعنا أرقاما، وسعدنا عندما خرجت وزارة التضامن الاجتماعى لتؤكد وصول الأموال إلى أصحابها وإنها ذهبت فى المصارف التى جمعت من أجلها..
ولكن ماذا فعلت الأندية التى تدفع عشرات الملايين فى شراء لاعبين؟ وماذا فعلت الاتحادات التى تحصل على دعم الدولة واللجنة الأوليبمية الدولية؟
اقرأ ايضا: تعظيم سلام.. لأطباء مصر
لا شىء.. كنت أتصور أن أندية الأهلى والزمالك يقودان المجتمع الرياضى فى حملات التوعية وحملات إنسانية لمسح دموع أسر لا تجد عائلا أو فقدت عملها بسبب كورونا؟ كنت أتخيل أن الاتحادات تقود المجتمع فى حملات توعية ودعم للفقراء؟
كنت أتخيل أن وزارة الشباب ستقود المجتمع أو ملايين الشباب فى حملات توعية ورعاية بدلا من سذاجة التفكير بإقامة مباراة تخيلية بين الأهلى والزمالك وفيض من التصريحات التى قيمة لها ولا معنى؟ أكثر من أربعة آلاف مركز شباب كان يمكن تحويلها إلى أماكن تحت أمر وزارة الصحة وخاصة أنها منتشرة فى كل محافظات مصر؟
ومن يربط الأحداث ببعضها سيجد العجب، هناك إعلام منظم من أجل استكمال دورى كرة القدم، من خلال كلام يثير الضحك والكذب، ثم يخرج مقدم برامج مشهورليقول إن هناك ثمانية ملاعب جاهزة للعب عليها من غدا فى القاهرة فقط!، والسؤال هنا: هو فيه حد قال إن المشكلة هى الملاعب؟
ثم يخرج إعلامى آخر يقول إن اتحاد الكرة قرر أن يكون لكل لاعب شنطة طبية وسيتم رش الملاعب وغرف الملابس، ويخرج ثالث ليؤكد أن الألمان قرروا عودة الكرة والطليان سيعودون للتدريب ...الخ..
اقرأ ايضا: ساعتنا الأخيرة.. نبوءة مقتل مليون مواطن بخطأ بيولوجى!
والحقيقة أن هناك رغبة في عودة النشاط من أجل الاهلى الذى صرف ما يقترب من مليار ونصف ولم يحقق أهدافه، الملاعب ليست مشكلة، وبالنسبة للألمان فقد أكدت رئاسة الوزارة أن الرياضة ليست موضع اهتمام الآن مطلقا، وهولندا أعلنت أنه لا عودة للنشاط الرياضى قبل أول سبتمبر، إيطاليا تقول إنها لا تفكر فى الرياضة إلا بعد الانتهاء من الوباء..
لا أتخيل أن لاعبا يدخل غرفة الملابس ومعه شنطة طبية، سذاجة فى التناول، الأمر الأخر لدينا أكثر من ستة وعشرين لعبة أوليمبية لم يهتم بها أحد، ستنظم مصر بطولة العالم لكرة اليد 2021 والمفترض أن الطموح لدينا للمنافسة على المركز الأول ولكن لا أحد يهتم بها مطلقا! فلا أحد يهتم بالرياضة باستثناء كرة القدم أو الدجاجة التى تبيض ذهبا للجميع، لكل عناصر اللعبة بلا استثناء .
أختم مقالى بالسيد وزير الشباب والرياضة، الذى صرح بأن عودة الدورى مسئولية اتحاد الكرة، فما كان من محمود الخطيب إلا أن ذهب إلى وزارة الشباب وطلب من الوزير ضرورة استكمال الدورى، وخرج الخطيب بسذاجة يعلن أنه كان يناقش الوزير فى إجراءات متعلقة بالكورونا، ولا أعرف ما هى علاقته بالطب والوباء، وخاصة أنه وجميع الأسرة لم يقدموا شيئا لمحاربة الوباء، وبعدها اجتمع وزير الشباب بعمرو الجناينى رئيس لجنة اتحاد الكرة لبحث عودة الدورى .
ليس هناك أحد يعرف مصلحة الرياضة عامة والكرة خاصة ويكون ضد عودة الرياضة والدورى، الدوريات الأوروبية لم يتبق منها سوى عدة أسابيع بل إن الدورى البلجيكى لم يتبق إلا اسبوع واحد لن يؤثر فى البطل أو الهبوط ومع ذلك تم إيقاف النشاط، فى حين أن الدورى المصرى متبقى منه 16 أسبوعا للأندية والأهلى والزمالك 19 أسبوعا، أى يحتاج ثلاثة أشهر على الأقل، وثلاثة اسابيع لأبطال أفريقيا، احسبوها مع العلم هناك تصفيات أمم أفريقيا التى ستقام فى يناير 2021 إذا انتهت تماما أزمة كورونا!
بعيدا عن هذا كله فقرار عودة الرياضة هو قرار الدولة، التى تراعى فيه أولا صحة المواطن، وإقامة الأنشطة فى جو أمن وليس بشنطة طبية كما صرح البعض، كنت أتمنى أن يكون وزير الرياضة وبيبو حائط صد فى مواجهة كورونا وأن يشدا من غاب عن واجبه الاجتماعى لتحقيق التكافل الاجتماعى فى هذه الظروف التى تمر بها بلدنا التى نرجوا الله أن تنتهى على خير..
ولله الأمر من قبل ومن بعد.. وتحيا مصر على صوت الشيخ محمد رفعت.. تحيا مصر ونحن نفطر على أدعية النقشبندى، وتحيا مصر على ابتهالات نصر الدين طوبار ونحن نستعد لصلاة الفجر.
