رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مبادرة "الثقافة" تستعيد جمهور المعرفة والفنون

فكرة مبدعة؛ أن تأتى وزارة الثقافة بالتراث الإبداعي الوطنى والمنتج الثقافى والفني إلى داخل كل بيت مصري؛ فى وقت العزل الجبري لأفراد المجتمع بكافة فئاتهم العمرية؛ ضمن الإجراءات الوقائية والاحترازية للدولة لحمايتهم من انتشار خطر فيروس كورونا.

 

أدهشتنا المبادرة التى أطلقتها الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة؛ بكم غير محدود من العروض والحفلات والفنون والآداب والكتب، والتى لم يتوقع أكثر المتفائلين أن تجد زوارا إلكترونيين لها؛ تحت شعار "خليك فى البيت.. الثقافة بين إيديك"، على قناة الوزارة بموقع "يوتيوب"؛ أو منصتها الإعلامية الرسمية وأذرعها التى أتاحت كتبا وإصدارات للإطلاع والتحميل؛ لم يكن لكثيرين الحصول عليها لأسباب تتعلق بطبيعة إنتاجها وتسويقها.

 

زخم غير عادي؛ على قناة الوزارة وصل معها عدد مشاهديها خلال نصف اليوم الأول للمبادرة إلى نحو نصف مليون مشاهدة وأكثر من ٧٠ ألف اشتراك على حسابها، قس تلك الأرقام مع جودة محتوى المنتج وتوقع معها مستوى التقييم عند شرائح اتهمت بأنها بعيدة عن الجمال لحساب انشغالها بالسفه.

 

اقرأ ايضا: وثائق عصر مبارك

 

راقب مستوى المشاركة لقطاعات وهيئات ومراكز ودور فن تتبع الوزارة، ومدى جديتها وغيرتها وتنافسها لأجل نجاحات مختلفة الطابع والوسيلة، وتابع سعي وزارات أخرى لطلب التعاون مع "الثقافة" التى تحولت بالفعل كما كنا نصفها وغيرها؛ إلى "وزارة سيادية"، وها هي تستخدم الإعلام الجديد والبديل فى الوصول إلى جمهورها وخدمة مجتمعها، مع ترقية وتطوير أدواتها فى هدوء.

 

لم نكن نفهم إصرارا واضحا على إبقاء فروع بها على خطط تقليدية للوصول بالمنتج الثقافي والمعرفي إلى الجمهور، حتى إذا ما حضرت كارثة "كورونا" استفاق الجميع على معضلة الفراغ، وقد أوقف الفيروس كافة الأنشطة والفعاليات وأجبر موظفون على هجرة مكاتبهم بأوامر حكومية، فلم تجد حلا سوى الإسراع بتغيير طبيعة الوسيط المعرفي والثقافي.

 

هذا الوسيط؛ اضطرت مع الظروف المستجدة وزارات بأكملها لتغيير خطط عملها، فالتعليم تباشر اختبارات إلكترونية لتلاميذها، والجامعات تبحث تعميم تدريس المناهج عن بعد لتخصصات كثيرة وتزكية الكتاب الإلكتروني، والأوقاف والدعوة والإرشاد والفتوى أيضا تقدم رسالاتها عبر وسائل أكثر أمانا وملائمة لاحتياجات وذوق المواطنين، حتى الخدمات العامة والمرافق لا تعدم خططا حاليا لتغيير أنظمة تتناسب وراحة الجمهور.

 

باعتراف الجميع؛ من المتوقع أن تختفي مهن وحرف وتبتعد جماهير وعملاء عن أماكن اعتادوا التردد عليها، وفى قطاع الثقافة والفنون تداخلت أنشطة مؤسسات خاصة مع مبادرة "الثقافة" لتبدأ فى طرح إنتاجها الإبداعي عبر الإنترنت، سيكون ظهورها أكبر خلال أسابيع دون انتظار لطول أو قصر فترة الأزمة.

 

اقرأ ايضا: أطفال الشقاق وقرار وزير التعليم

 

جمهور الثقافة الحالي به شريحة كبيرة من الصغار والمراهقين والشباب ظلوا لسنوات حضورا على حفلات مطربي المهرجانات والتوكتوك الذين أفسدوا الذوق العام ونشروا سلوكا غير مرغوب بين فئة؛ تتحول تماما الآن بوعي وإدراك نحو الرقي؛ متعجبة من تدفق هذا الكم من التراث الفنى والإبداعي؛ والذي ربما حرمتهم ظروف إجتماعية واقتصادية شتى من الوصول إليه.

 

مبادرة "الثقافة بين إيديك" تحتاج إلى تطوير تعاون مشترك أوسع مع وزارات أكثر ومؤسسات مجتمع مدني وهيئات ونقابات لديها من الجدية والحضور ما يتيح فرصا أكبر للتفاعل معها فى خدمة المواطن، بغض النظر عن الظروف الطارئة والمستجدة التى انطلقت خلالها، وظني أن عملا قوميا ثقافيا وفنيا مكتملا ستشهده المرحلة المقبلة فى خدمة جمهور الثقافة والمعرفة، ستتسع معه دائرة التنافسية وتتعدد أطرافها.

 

أزمة كورونا ستعيد تعريف "الوزارات السيادية" لتضاف إليها كل الكيانات القادرة على المواجهة وإتخاذ القرارات وإدارة الأزمات، وستكون تجارب وزارات الثقافة والتعليم والصحة والتنمية المحلية وغيرها مدعاة لتغيير الصورة النمطية عن الوزارات السيادية؛ وأعتقد أن رهان الحكومة والقيادة السياسية عليها كبير؛ ولن يخيب.

 

Advertisements
الجريدة الرسمية