رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تفشي كورونا يصيب أسواق الخام الأسود بالصدمة.. والتعاقدات طويلة الأجل أبرز المتضررين.. وخلاف بين "موسكو" و"الرياض" حول التسعير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ضجة كبيرة شهدتها أسواق النفط العالمية، بعدما انخفضت الأسعار بمقدار الثلث، في أعقاب إعلان السعودية تخفيض أسعار خاماتها وتأكيدها بأنها تتجه إلى زيادة الإنتاج، وما تسببت فيه من انخفاض أسهم شركتي النفط أرامكو وروسنفت، في البلدان اللتان تعتبران أكبر مصدرين للنفط وهما السعودية وروسيا، في الوقت الذي تمتلك فيه كل منهما 500 مليار دولار داخل خزائنهما بما يمكنهما من تفادي العقبات الاقتصادية ويدفع كل دولة منهما إلى التباهي أمام العالم بالقدرة على المواصلة والصمود.

 

احتمال الأسعار

ويأتي ذلك بينما أعلنت روسيا أن في إمكانها أن تحتمل أسعار النفط فيما بين 25 و30 دولارا للبرميل خاصة في فترة تتراوح بين 6 إلى 10 سنوات، وعلى جانب آخر أعلنت السعودية تحملها للنفط عند وصوله إلى 30 دولارا للبرميل، إلا أنه سيتعين عليها بيع نسبة أكبر من الخام، حتى يمكنها تخفيف الآثار التي قد تترتب على إيراداتها.

حرب استنزاف

وانطلق توقعات ببدء حرب استنزاف لن يحمد عقباها للجميع وستدفع البلدين إلى تغييرات اقتصادية مضنية، ولكن تتوقف المسألة في النهاية على حجم الألم الذي يمكن لأي بلد منهما امتصاصه.

وسمح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بانطلاق عمليات الضخ على أقصى سعة، بعد رفض روسيا للمقترح الذي قدمته منظمة أوبك، والخاص بزيادة التخفيضات في سبيل التماشي مع الآثار الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، وخاصة أن سعر النفط الذي يحقق الميزانية بدون عجز يقف عند سعر نحو 80 دولارا للبرميل، أي ما يوازي ضعف نقطة التعادل الخاصة بروسيا.

ولدى السعودية احتياطي أجنبي يصل إلى 500 مليار دولار كما أنها لديها نسب منخفضة في الدين إلى الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 25%، وتمكنت السعودية من جمع ما يصل إلى 100 مليار دولار ديونا بالعملة الصعبة، وذلك منذ عام 2016 وحتى الآن من أجل تخفيف الآثار المترتبة على خفض أسعار النفط.

السندات الدولية

وانخفضت السندات الدولية الصادرة من أرامكو والحكومة السعودية، وشهد الريـال السعودي انخفاض شديد أمام الدولار في الأسواق الآجلة، وحاليا بوسع المقترضين أن يطرقوا أبواب مستثمري أدوات الدين بمعدل أسعار أقل بسبب قلة أسعار الفائدة العالمية، بالإضافة إلى انخفاض فائدة مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي.

وتواجه السعودية أزمة كبيرة وهي احتمالية تخفيض الإنفاق الحكومي على المشاريع الخاصة بتنويع الموارد الاقتصادية في حال استمرار الأسعار المنخفضة للنفط على شاكلة متواصلة ومستدامة.

ومن المتوقع أن تسجل السعودية في خانة العشرات ضمن نسبة الناتج الإجمالي خلال العام الحالي ارتفاع من 6.4% وهو الأمر المتوقع في الميزانية، بينما تكدس روسيا احتياطات تصل إلى 570 مليار دولار، بعد تحرير سعر صرف الروبل، بما يمكنها من التعامل بشكل سريع مع أوضاع السوق وانخفاض أسعار النفط.

تخفيض الإنتاج

من جانبه، قال الدكتور جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول والطاقة: إن منظمة الأوبك في اجتماعها الذي جرى في الأسبوع الأول من يناير، تم اقتراح تخفيض سقف الإنتاج إلى 500 ألف برميل على ماهي عليه، وبالتالي روسيا رفضت أن تقلل من حجم إنتاجها بما يوازي الـ300 ألف برميل السابق، وبالتالي المملكة العربية السعودية حملت على عاتقها تقليل الـ500 ألف برميل، وظل سقف الإنتاج من الأسبوع الأول من يناير وحتى اليوم نحو 2.1 مليون برميل في اليوم.

كورونا

وأضاف «القليوبي» أن فيروس كورونا كان له تأثير سلبي مباشر فيما يتعلق بأمرين، الأول يتعلق بالدول التي لديها تعاقدات طويلة الآجل لأكثر من 6 شهور على سعر واحد وهو 51.2 دولار وبالتالي حصل خلل كبير في توقيت الفائض للتعاقدات طويلة الآجل.

واعتمدت الدول التي كان لديها تعاقدات وبعيدة عن فيروس كورونا، على أنها تستلم الحصة الخاصة بها شهريا، ولكن فوجئنا أن هذه الدول من أسبوع أوقفت التعاقدات طويلة الآجل ودفعت الشروط الجزائية الخاصة بالعقود وبالتالي كان ذلك سببا رئيسيا في تهاوي أسعار النفط من 50 دولارا إلى 36 دولارا.

وأوضح أن المسألة حدث فيها خلل لأن هناك كثيرا من السيناريوهات أدت إلى التفاقم في سعر النفط بسبب التعاقدات طويلة الأجل وروسيا لديها إجابة تراها واضحة جدا أن عدم التزام الأوبك بإحكام قبضتها على السوق ونظرية العرض والطلب وخاصة الدول المنظمة داخل منظمة الأوبك وعدم إحكام الأوبك سيطرتها على العراق وإيران وفنزويلا وليبيا، دفعها إلى زيادة إنتاجها زيادة غير محكمة.

ونجد أن العراق رفعت إنتاجها لأكثر من 4.6 مليون برميل، والعراق ليس لديه حكومة حالية وتسعى جاهدة لتلبية احتياجات السكان في وقت تعاني فيه من حالة مظاهرات واعتصامات.

وأشار إلى أنه في ليبيا تجري عمليات بيع مباشر لنحو 1.6 مليون برميل، حيث إن حكومة الوفاق تسعى لبيع النفط لدعم ميليشياتها، وكذلك إيران تسعى لبيع غير محكم وتستغل مواردها لشراء مستلزمات لوقف فيروس كورونا المنتشر على أراضيها والرئيس الإيراني حسن روحاني لأول مرة طالب صندوق النقد الدولي بقرض 5 مليارات دولار لوقف استنزاف فيروس كورونا داخل إيران.

وألمح إلى أن فنزويلا لديها أيضا نفس النوع من عمليات البيع غير المحكمة بسبب خلافات الرئيس مجلس الأمة الذي يعتبر نفسه راعي للبلاد دون الرئيس الشرعي مادورو، وهو ما أسفر عن عدم اتزان في إنتاج النفط بنسبة وصلت لـ1.2 مليون برميل لتوفير احتياجات السكان.

السيناريوهات المقبلة

وأشار إلى أن التصورات القادمة قد تكون أكثر تشاؤما، فالتصور الأول في حال تم التوصل إلى تطعيمات لوقف نزيف الكورونا المستشري ستعود أسعار النفط إلى أكثر من 50 دولار في وقت قياسي.

والتصور الثاني إذا لم يتم الوصول إلى حل لوقف استشراء الفيروس سوف تلجأ الدول إلى زيادة التخمة من المعروض وقد يهوى سعر البرميل إلى ما دون الـ30 دولارا، والتصور الثالث يتعلق بالاتفاق بين الدول على الالتزام بخفض إنتاجها للحفاظ على السعر فيما يفوق الـ37 دولارا.  

نقلًا عن العدد الورقي...

Advertisements
الجريدة الرسمية