رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قال تسامح غذائي قال!

يشعر المصري بالقرف إذ سمع عن صيني مثلًا يأكل الحشرات مثل الصراصير وغيرها، ويكاد يتقيأ عندما تخبره بأن الكوري يأكل لحم الكلاب، بينما هناك قائمة طويلة بأغرب الأكلات التي تتناولها الشعوب حول العالم بداية من البيض الفاسد ومرورًا بالعناكب وليس انتهاءً بالبلوط وهي عبارة عن بيض به جنين الفراخ غير مكتمل النمو..

 

أكيد قلت «يع» مش كدا! خلاص هترجع؟ طيب خد عندك يا حلو..

تخيل معي هذا المشهد أيها المصري الحويط.. أقول تخيل أخوك الصيني «شونج» ضيق العينين وهو يطالع مقالًا مترجمًا عن صحيفة مصرية ينعت الصينيين بأنهم «مقرفين» لأنهم يتناولون طبق الحشرات المشكل، وبعدها يلقي في محرك البحث جوجل بسؤال عن أبرز الأكلات المصرية فيجد هذه الأسماء: مخ (ومخ بانيه كمان) وممبار أو منبار علشان محدش يزعل (والتي تعني مصارين الحيوان المذبوح)، وفشة وكلاوي ولحمة راس وفسيخ معتق، وملوحة مكمرة منذ طهور الواد الكبير ومش صعيدي بدوده..

هل تخيلت؟

شخصيا لو كنت أنا «شونج» بشحمه ولحمه وعينيه الضيقة لإستلقيت على قفايا من الضحك وأنا أقضم حتة من سندوتش الصراصير المقلية.. حامدًا ربي أنني رجل صيني (غير قابل للكسر) لا يأكل أحشاء الحيوانات حتى ولو كنا نسميها دلعًا «حلويات».

اقرأ ايضا: تسبيكة طعم البيوت

 

وحول العالم، هناك شعوب تأكل ما هو أفظع من الصراصير، مثل حساء الخفافيش وقضيب الثور، بل وهناك من يأكل المشيمة البشرية!

 

لو تخيلت معي الحكاية يا صديقي لن تجد تفسيرا للأمر سوى أننا إذا اعتدنا شيئًا سنجده طبيعيًا ومألوفًا، أما غير المعتاد لدينا فنحن نراه شاذًا وغريبًا ويدعو للقرف.. هكذا هي الأفكار والمعتقدات والآراء.. نحن نميل بطبيعتنا لكل ما هو مألوف، أما المختلف عنا فنحن نراه غير طبيعي وليس من السهل علينا أن نتقبله، مع أن الاختلاف هو سنة الحياة..

 

اقرأ ايضا: كيف تتجنب صدمات النهايات؟

 

بداية من «اختلاف الأذواق» الذي يضمن رواج كل السلع وانتهاء بـ«اختلاف الآراء» الذي يضمن العيش بسلام.. وما بين الاختلافين هناك الملايين من الاختلافات التي ليس أمام البشر بدًا من قبولها من أجل التعايش مع الآخر حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا.

 

إلى هنا انتهى مقال كتبته قبل عامين، لكنني اليوم أتراجع عن الكثير مما قلته فيه، فمفهوم التسامح يهدف في المقام الأول أن تبقي البشرية في سلام، وأن يأمن كل منا على حياته، لكن أن أتسامح معك فتهدد أنت البشرية كلها بالفناء، فذلك الذي لا يمكن قبوله.

 

اقرأ ايضا: قالت لي القطة

 

صحيح أن العلماء لم يتفقوا لليوم حول سبب ظهور فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وهل هو نتاج للحمق البشري في صراعهم مع أنفسهم، أم أنه نتاج للعبث البشري –أيضا– في اختلاطهم بعالم الحيوان على شكل غير طبيعي، وتحويل كل ما يتحرك على وجه الأرض وفي السماء –عدا الطائرات والصواريخ طبعا– إلى طعام يملأ البطون..

وأخيرا لا يسعني إلا أن أنادي في جموع البشر: يا قوم «كفاية قرف بقى».

 

Advertisements
الجريدة الرسمية