رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

منحة كورونا!

إبتلى الله البشرية بفيروس كورونا (كوفيد-19) وهو مرض معدٍ يسببه فيروس جديد لم يُكتشف في البشر من قبل، ويسبب الفيروس مرض الجهاز التنفسي (مثل الأنفلونزا) المصحوب بأعراض مثل السعال والحمى، كما يسبب الالتهاب الرئوي في الحالات الأشد وخامة، ويمكنك حماية نفسك بالمواظبة على غسل اليدين وتحاشي لمس الوجه.

 

ورغم سلبيات فيروس كورونا إلا أنني أرى أن له إيجابيات قد تجعل منه منحة من الله، فبداية ذلك الفيروس فرض على الأب والأم العودة للمنازل والمكوث فترة طويلة بها بعدما كان العمل يأخذ الوالد أو الوالدين من الأبناء؛ مما يحرم الأبناء من دورهما في حياتهما، وخاصة دور الأب المهم جدا في حياة الأبناء والذي بسبب غيابه تطورت السلوكيات إلى الأسوأ وحدث ما يعاني منه المجتمع حاليا من موجة العنف وغياب الأخلاق.

  

كما أن فيروس كورونا اضطر بعض المدخنين للإقلاع ولو مؤقتا عن التدخين بعدما أشاع البعض أن التدخين يقي من الفيروس، فكشفت منظمة الصحة العالمية أن التدخين لا يقى من الإصابة بفيروس كورونا، ويؤدى لوفاة أكثر من ثمانية ملايين شخص كل عام، والأشخاص الذين يعانون من حالات مرضية مزمنة من الممكن أن تتفاقم حالتهم الصحية بسبب التدخين مثل أمراض القلب، فهم أكثر عرضه للإصابة بـ"كوفيد 19". فبدأ البعض فى تنفيذ خطة الامتناع عن التدخين، وهذه من إيجابيات ذلك الفيروس عل الله يمن على المدخنين بالإقلاع عنه والشفاء منه .

  اقرأ أيضا: كورونا والاقتصاد العالمي وصناعة الدواء في مصر

 

كما كان من إيجابيات ذلك الفيروس أنه أظهر للعالم الذي ظن نفسه متفوقا في كل شيء، وبلغ من القوة والاختراع أن صار يظن أنه يضاهي خلق الله، وصارت الدول المتقدمة تباهي بجمالها وبيئتها المتحضرة وقوتها في السلاح، وتمكنها من اختراق الغلاف الجوي والدوران حول الأرض، والوصول إلى الكواكب المختلفة، مع الرفاهية الشديدة التي صارت عليها هذه المجتمعات؛ مما جعل الكثير من البشر ينسون أن كل شيء يتم بقدر الله ووجوب تذكر المنعم بهذه النعم، لكنهم نسوا الله فأنساهم انفسهم..

 

بل وبعضهم صار يتفاخر بإلحاده وأنه لا قوة على الأرض ولا حتى في السماء تضاهي قوته؛ مما كان يستلزم من الله أن يذكر العالم بقدرته، ويعيد الكثيرين إلى الانضواء تحت لوائه، وصدق الله العظيم: (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )..

 

اقرأ أيضا: التموين وأرقام المحمول

 

فالحضارة قد تتقدم وتصل حداً متطورا جداً وعندها يأتيها أمر الله ليس بالضرورة بقيام الساعة، وإنما بأي كارثة أو أمر يعود بها إلى الوراء كما حدث مع فيروس كورونا، وهنا يذكر الله الناس بقدرته لعلهم يعودون إليه (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .

  

كما أجد من إيجابيات الفيروس غلق دور العبادة! وذلك أن هذه الدور صارت كالعادة، فالمسلم يذهب للمسجد عادة وليس متعلقا قلبيا بها؛ ولذا نجد المفارقة في السلوك، فالإنسان يصلي بالمسجد ويحج بيت الله ولا يزال يفعل المنكرات دون أي رادع؛ مما يؤكد أنه يؤدي العبادات بالعادة وليس بنور العبادة؛ مما استلزم أن يمنع عنها فترة لعله يشعر بقيمتها عندما يعود إليها؛ فيتغير سلوكه بعدما اكتشف أهمية دور العبادة في حياته واشتياقه إليها.

  

كما أجد من إيجابيات فيروس كورونا أنه يرد على الذين اعتقدوا أنهم وصلوا في مجال الطب إلى أعلى القمم التي تمكنهم من علاج أي مرض، وزراعة أي عضو، والتنبؤ بالجنين، بل ومحاولة تأخير الشيخوخة، وبعضهم يفكر في علاج من الموت نفسه الخ، فإذا بالفيروس الضعيف يصيح لهم بقول الحق تعالى :(  وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) .

 

   اقرأ أيضا: التأثير السلبي والإيجابي لارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار

 

كما أجد من إيجابيات الفيروس أنه أجبر الناس خاصة الشباب على عدم السهر في المقاهي والنوادي والكافيتريات والكافيهات والكازينوهات، والملاهي والنوادي الليلية والحانات الأخرى بما يمارس فيها من سلوكيات غير حميدة، فقد اتخذت الدولة قرارها بغلق هذه الأماكن ليلا، وقد يكون ذلك فرصة لمثل هؤلاء لتعديل سلوكياتهم والعودة للمنازل والتقليل من الموبقات ولو مضطرين .

  

وأجد من إيجابيات كورونا العودة لإحياء سنن الاغتسال والحفاظ على النظافة بصورة دورية، وهي الأمور التي دعت إليها الأديان وخاصة الإسلام الذي حث على النظافة، وخاصة غسل اليدين، هذا الغسل الذي صار العالم الآن يدعو إليه ويؤكد أنه السبيل الأساسي للنجاة من الفيروس الخطير..

 

لكن الإسلام من أكثر من ألف وأربعمائة عام دعا إليه، بل وجعل ذلك الغسل لليدين من الفروض فقالى تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) وقد أمرالنبي صلى الله عليه وسلم بغسل اليدين قبل إدخالها في الإناء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في إناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده» (رواه الجماعة).

 

  اقرأ أيضا: أفلحت الحكومة إن صدقت!

 

وهناك الكثير والكثير من إيجابيات الفيروس لو أحسن الناس التدبر والتمعن بها، ومنها طبعا فرض الاعتدال في الإنفاق وعدم التبذير في مثل هذه الأيام، والعودة للاطمئنان على الأهل خاصة المسافرين بالخارج، والتذكير بالموت والعبرة منه الخ، لكني أكتفي بذلك القدر وقانا الله وإياكم من ذلك الفيروس وحمى مصر وأهلها من كل مكروه وسوء .

 

Advertisements
الجريدة الرسمية