رئيس التحرير
عصام كامل

قانون "تنظيم دار الإفتاء" يثير أزمة بين الأزهر والبرلمان.. يمنح للرئيس سلطة اختيار مفتي الديار من بين 3 مرشحين 

دار الإفتاء
دار الإفتاء

لا يختلف أحد على الدور المهم الذي تلعبه دار الإفتاء في مجال إيضاح الأحكام الشرعية للناس في المسائل المتعلقة بكافة أمور الدين والعبادات، بجانب الدور المحوري الذي باتت تلعبه الدار في عملية خدمة الخطاب الدعوى وتجديد الخطاب الديني في السنوات الأخيرة. 

 

قانون جديد

الجهد المبذول من الدار دفع اللجنة الدينية بالبرلمان برئاسة الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة لتقديم مشروع قانون جديدة لتنظيم دار الإفتاء ليضع نقطة نظام.

ويوضح الدور المنوط بالدار وتحديد آليات العمل بها وعلاقتها بالمؤسسات الأخرى بالدولة وعلى رأسها وزارة العدل التي تتبعها الدار في الوقت الحالى، وبنظرة سريعة نجد أن مشروع القانون المقدم حاليا على طاولة البرلمان يشمل في أهم نقاطه على أن دار الإفتاء المصرية ذات طابع ديني، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتتبع وزارة العدل من الناحية السياسية كجهة معاونة للهيئات القضائية، ويقوم بتمثيلها فضيلة مفتي الديار المصرية، وتقوم على شئون الإفتاء طبقًا لقانون الشريعة الإسلامية، ومقرها الرئيسي القاهرة الكبرى ولها أن تنشئ فروع بالمحافظات.

لجنة أمناء

كما نص المشروع المقترح في أحد موادة على تشكيل لجنة أمناء الفتوى بقرار من فضيلة المفتي، والتي تعتبر الجهة العلمية العليا في دار الإفتاء وتلي فضيلة المفتي، والرأي الذي تختاره اللجنة ويتم اعتمادها من فضيلة المفتي هو الرأي المعبر عن دار الإفتاء، بالإضافة إلى عدد من المواد الأخرى المهمة والتي تهدف إلى تنظيم العمل داخل الدار بقطاعاتها المختلفة.

اختيار المفتي 

كما تعد أبرز نقطة تعرض لها القانون هو تغيير آلية اختيار مفتى الجمهورية، فبحسب الوضع الحالي فإن مفتى الجمهورية يتم اختياره عن طريق هيئة كبار العلماء من خلال ترشيح ثلاثة ممن تتوافر فيهم الشروط على أن يتم اختيار واحد منهم عن طريق الاقتراع بين أعضاء الهيئة وبعدها يتم إرسال الاسم إلى رئاسة الجمهورية لاعتماده.

لكن القانون الجديد ينص على أن اختيار المفتى سيكون من خلال ترشيح الهيئة لثلاثة من أعضاء ئها أو من خارجها ممن تتوافر فيهم الشروط وقبل خلو المنصب بشهرين، دون اختيار أو تزكية أحد منهم على أن يتم إرسال الأسماء الثلاثة لرئاسة الجمهورية لاختيار واحد منهم.

كما ينص المشروع الجديد على أن المفتى يتم تعيينه حتى يبلغ سن التقاعد القانونية ويمكن أن يستمر بقاؤه بعد ذلك لمدة أربع سنوات من خلال قرار هيئة كبار العلماء واعتماد رئاسة الجمهورية، على أن يتقاضى في جميع الأحوال كافة البدلات والمرتبات والمزايا التي تعطى لوزراء الحكومة.

إعلام الإخوان

وعلى ذكر بند آلية اختيار المفتى فإن بعض وسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان استغلت هذا الأمر خلال الأيام الماضية، وسعت لإحداث بلبلة في الأوساط الدينية من خلال الحديث عن رغبة أعضاء اللجنة الدينية بالبرلمان في التضييق على عمل هيئة كبار العلماء من خلال سلبها حق اختيار المفتى، باعتبار أنه أول قانون يقدم من اللجنة ويتم إدراجه في جدول أعمال الجلسة العامة للبرلمان لمناقشته تمهيدا لإصداره.

وذلك منذ انعقاد المجلس على مدار الأربعة أدوار انعقاد السابقة وبالتحديد من خلال رئيسها الدكتور أسامة العبد بعد الحصول على موافقة 60 عضوا آخرين "أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس".

"فيتو" بدورها فتحت النقاش حول القانون والهدف منه وسر خروجه في هذا التوقيت، مع اللواء شكري الجندي وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان بعد محاولات عديدة بائت جميعها بالفشل خلال الأيام الماضية، في التواصل مع الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة.

 

استقلالية الإفتاء

وفي بداية كلامه أكد وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان، أنه من المعلوم أن دار الإفتاء تتبع وزارة العدل من الناحية الإدارية، وهو ما يجعل المفتى مقيدا بعض الشيء في التعامل مع العاملين في الدار من الناحية الإدارية، فكان لابد للمشرع أن يتدخل لكي يعطي استقلالية خاصة، نظرًا لما تمثلة دار الإفتاء من أهمية داخل المجتمع المصري والمجتمع المسلم بشكل عام، حتى يكون هناك أريحية في العمل داخل دار الإفتاء.

موضحًا أن الدار ستكون لها شخصية اعتبارية مستقلة ولكنها في نفس الوقت ستظل تتبع وزارة العدل من الناحية الإدارية، بمعنى أن التبعية الإدارية للدار ستكون باقية لوزارة العدل، بحيث سيكون الممثل للدار أمام البرلمان هو وزير العدل.

بينما سيكون هناك صلاحيات أكبر للمفتى من الناحية الإدارية داخل الدار، وأشار إلى أن الأمور الإدارية المتعلقة بالموظفين داخل الدار ستكون خاضعة للمفتى، ويمكن القول بأن القانون الجديد "سيعطى المفتى المزيد من الصلاحيات الإدارية الخاصة بتنظيم العمل واتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة نجو الأفراد العاملين بالدار".

شروط التعيين

موضحًا أنه فيما يخص تغيير آلية اختيار المفتي، فإن الهيئة سترشح ثلاثة ممن تتوافر فيهم الشروط على أن يتم اختيار واحد منهم من قبل رئيس الجمهورية، مشددًا على أنه لن يتم اختيار سوى الأفضل والأجدر ومن معه مصلحة العباد والبلاد، نافيًا أن يكون هذا الإجراء الجديد له علاقة برغبة البرلمان في تقييد عمل هيئة كبار العلماء أو سلب أي صلاحيات منها فيما يتعلق بطريقة اختيار المفتي، مؤكدًا أن هذا الإدعاء ليس له أي أساس من الصحة.

وأضاف "الجندي" أن اختيار المفتي سيكون "من المصريين وإلى المصريين" وأنه لابد من وجود نقطة نظام في مصر، وأن اختيار المفتي ومن غيره سيكون في النهاية من المصريين، ولن نأتى بمفتي من خارج البلاد حتى لا يتحدث أحد ويدعى أننا نسعى لتقييد عمل هيئة كبار العلماء، ونقل اختيار المفتي من هيئة كبار العلماء إلى رئاسة الجمهورية لا يعد من باب التقييد لعمل الهيئة، وإنما هو من باب الصالح العام.

خاصة وأن رئاسة الجمهورية هي التي تختار رئيس الوزراء والوزراء في الحكومة، والرئيس من حقه أن يختار كل ولي في منصبه، متسائلا "فلماذا عندما يتم نقل اختيار المفتي من هيئة كبار العلماء إلى رئاسة الجمهورية يخرج البعض ويتحدث عن وجود تقييد لعمل الهيئة؟".

الأزهر

وأوضح وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان، أن هناك ممثلا عن الأزهر الشريف كان حاضرًا لكافة الجلسات النقاشية الخاصة بالقانون ولم يبد أي اعتراض حول القانون بشكل عام أو آلية اختيار المفتي، مؤكدًا أن الأزهر الشريف يبدى تعاونا دائما مع اللجنة ولا أحد يستطيع أن يزايد على دور الأزهر الشريف وأن اللجنة تحفظ للمشيخة مكانتها، وتعلم أن الأزهر هو أحد أهم المؤسسات الدينية الموجودة على الساحة الداخلية والعالمية. 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية