رئيس التحرير
عصام كامل

التجربة الصينية

كانت التجربة الصينية مبهرة في التعامل مع كارثة كورونا نتيجة الانضباط والجدية والثقة في الحكومة، حيث ظهرت أول حالة مصابة بالفيروس الجديد، في منتصف ديسمبر الماضي، وأعلنت حربًا شاملة ضد الفيروس. وأغلقت المدارس والمتاجر، في النهاية بقي الجميع في منازلهم.

 

وبعد ما يقرب من شهرين من الإجراءات الاحترازية في الصين، بدأت الأمور تتغير شيئًا فشيئا، وبدأت الإصابات في تناقص مستمر، وقد قدمت دروسا مهمة للعالم، انطلاقا من الكشف المجاني عن الفيروسات والتحسين المستمر لكفاءة الكشف، وفصل الأمراض الحادة والشديدة، وتقديم الاستشارات عبر الإنترنت، وبناء مستشفيات متخصصة وأخرى مؤقتة، وتعبئة القوى الحيّة داخل المجتمع.

 

ومن المهم أن نتوقف لبرهة ونفهم الثمن العالي الذي دفعه سكان ووهان من أجل شراء الوقت لسائر أنحاء الصين ولبقية دول العالم. لكن الاحتواء كان فعّالا وسمح للصين بإحتواء المرض بشكل فعّال كما أن شكل الوباء والعدد القليل من الحالات التي وجدت في خوبي هي شهادة على نجاح هذا الاحتواء.

 

اقرأ أيضا: تاريخ من الغناء الهابط

 

وهو أيضا ما فشلت فيه بعض الدول كإيطاليا فانتشر الفيروس بها، بينما كان ينحسر بالصين، وللطب الصيني خصوصية يتفرد بها وله مجموعة من القواعد أو المعتقدات الطبية الإرثية، والتى تعتمد على مبدأ وجود طاقة للجسم بشكل عام والتى تتحرك خلال الجسم من خلال مستويات مختلفة..

 

وبناءاً على ذلك فإن أى خلل أو فقدان للتوازن فى سريان هذه الطاقة فى الجسم يؤدى لظهور “المرض”، ويعتقد أن الخلل فى سريان الطاقة قد يكون بسبب: إما عوامل خارجية مثل: الرياح، البرد، الحرارة، أو عوامل داخلية مثل: مشاعر الخوف، الغضب، أو الفرح.

وقد مارس الأطباء الصينيون هذه المعتقدات الطبية فى الصين منذ آلاف السنين، وبدأت هذه التقنيات فى الحصول على شعبية كبيرة بين شعوب العالم الغربى مؤخراً، والطب الصيني التقليدي يرى بالأمراض وسائل لتقوية الجهاز المناعي، مع التركيز على تجنيد موارد الجسم أثناء المرض لتقوية هذا الجهاز المناعي، وكذلك في تقوية سائر الأجهزة الأخرى بالأمر الأكثر أهمية في عملية النضوج السليم.

اقرأ أيضا: كلهم يحاربون باسم الرب

 

لهذا السبب، فالتدخل أثناء المرض لا ينبغي بحسب الطب الصيني، أن يحل محل جهاز المناعة في الجسم، وإنما لتقويته وجعله في المرة القادمة قوي بما يكفي للتعامل وحده مع مسبب المرض. وللطب الصيني أربعة أساليب تهدف للحفاظ على التجانس والتوازن في الجسم.. ويطلق على هذه الأساليب اسم الأعمدة الأربعة، وهي النبات والغذاء و الوخز بالإبر..

 

ويتم استخدامها كـ"بطارية كهربائية" من أجل توجيه تدفق الطاقة في جسم الإنسان. ثم التدليك بتحفيز قنوات الطاقة وعدة نقاط في الجسم، بواسطة الضغط، التحريك، الفرك، استعمال الزيوت والأعشاب الطبية المنشطة. وأخيرا تمارين تشي كونغ،  وهي حركات للتنفس تتم بشكل ذاتي بهدف الوصول إلى توازن داخلي في الجسم.

 

ثم الأعشاب الصينية: وهى مجموعة من النباتات العشبية، المساحيق، الجذور والمواد الحيوانية وتستخدم بهدف تحقيق توازن الجسم.

 

اقرأ أيضا: الجسر وسنينه

 

وبشكل عام تعد «التجربة الصينية» التى قادها الزعيم الصينى دينج شياو بينج منذ عام 1978 واستمر على نهجه من جاء بعده، تجربة فريدة من نوعها وهى محط إعجاب العالم، واستطاعت هذه التجربة من خلال نجاحاتها أن ترتقى بالصين إلى مكانة متقدمة بين الدول على الصعيد العالمى.

 

فقفز الاقتصاد الصيني إلى مستويات مرتفعة جدا، وارتفعت قيمة العملة الصينية حوالي ٤ أضعاف في أخر خمس سنوات بخطى منتظمة، وبناء على تنمية حقيقية وليس مجرد طفرات مؤقتة. وكان المواطن الصيني هو حجر الأساس القوي الذي تم بناء هذا الاقتصاد العملاق على أكتافه، وأيضا هو الآن يجني ثمار هذا الإنجاز العظيم.

الجريدة الرسمية