رئيس التحرير
عصام كامل

اتبرع ولو بمليون جنيه

شعار "اتبرع ولو بجنيه" الذى رفعته الحكومة أمس وناشدت فيه الغلابة من المصريين المساهمة في مواجهة وباء كورونا، يجب أن يتحول إلى صيغة أمر لرجال الأعمال المصريين بحيث يكون "اتبرع ولو بمليون جنيه"، بل ويصبح الدفع وجوبيا وليس اختياريا.

 

نحن فى محنة، ومن غير المقبول أن يبخل هؤلاء –مثل كل المحن السابقة- على بلادهم التى منحتهم المال والجاه والسلطان والمجد ويؤكدون مواقفهم المتخاذلة، ودعوة مجلس الوزراء للأفراد بالتبرع عبر 10 طرق تشمل رجال الأعمال باعتبارهم أفرادا وليسوا معصومين من التبرع أو "على رأسهم ريشة".

 

تقول بعض التقديرات إن رجال الأعمال فى مصر يصل عددهم إلى 20 ألف شخص ويمتلكون جمعيات تنظم مصالحهم الاستثمارية يتجاوز عددها الستين جمعية، ولو تبرع كل واحد منهم بمبالغ تتراوح بين مليون و100 مليون جنيه، احسبوها معى، ماذا ستكون الحصيلة؟

 

اقرأ أيضا: عايز حقى

 

منذ شهر بالتمام والكمال أقيم حفل فى الإمارات بحضور نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد، وخلال ساعة واحدة تم جمع تبرعات بقيمة 360 مليون جنيه مصري لصالح مشروع بناء مستشفى مجدي يعقوب الخيري لعلاج أمراض القلب في مصر.

 

وعندما كنت فى الإمارات أتذكر أن الشيخ محمد بن راشد أطلق دعوة لرجال الأعمال الإماراتيين للتبرع لعمل إنسانى، وتم خلال يوم واحد جمع مبالغ بمئات الملايين ولم يتخلف رجل أعمال إماراتى واحد عن الدعوة، بل سارع رجال أعمال من دول شرق وغرب آسيا بالتبرع بمبالغ كبيرة.

 

فهل ينتظر رجال الأعمال المصريين أن نطلب من الإمارات أو أى دولة أخرى إقامة حفل لنجمع من خلاله تبرعات لوباء كورونا فى بلادنا؟.. أم أن مليارات أثرياء مصر حرام على بلادهم.. حلال على الفشخرة والمنظرة الكدابة؟.. والله عيب.

 

اقرأ أيضا: يحدث فى الأتوبيس أبو 7 جنيه

 

>> لا يعرف الإنسان معنى الحرية إلا من تذوق مرارة السجن والحبس، ولا يعرف قيمة الصحة إلا من تجرع مرارة وآلام المرض، ولا يدرك قيمة الأمان والسكينة والطمأنينة إلا من ذاق الخوف والرعب والفزع، ولا يستوعب معنى الحياة إلا من كان على مشارف الموت.

 

هكذا وباء كورونا.. رسالة من الله لكى تعرف البشرية جمعاء قيمة الحياة والحرية والصحة والأمان الذى كنا نتمتع بهم قبل تفشيه، كلنا بلا استثناء راودته مخاوف العدوى وأصابه فزع الإصابة ولاح فى مخيلته شبح النهاية، وكما يقول المولى عز وجل فى كتابه الكريم (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ)..

 

هكذا نحن الآن نقول لربنا نجنا من الموت، لعلنا نعمل صالحا.. والسؤال "عندما تمر المحنة التى نعيش فيها بسلام وستمر بإذن الله تعالى، هل سنعمل صالحا فعلا"؟ أم أننا سنتمادى فيما نفعله؟..  لعل الرسالة الإلهية تكون قد وصلت للجميع.

 

«تحصنا بذي العزة، واعتصمنا برب الملكوت، وتوكلنا على الحي الذي لا يموت، اللهم اصرف عن بلادنا وعن كل البشرية الوباء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير».

 

اقرأ أيضا: «وهم» المليارات في قانون المخالفات

 

>> أعرف أنه لا مجال للكتابة عن أى شىء آخر سوى ما نحن فيه من وباء وبلاء، غير أن الظروف العصيبة الحالية لا تمنعني من أن أنوه إلى  رائحة خلاف فى وجهات النظر بين البنك المركزى من جهة، وبنكى "الأهلى" و"مصر" من جهة أخرى حول الفوائد البنكية، والدليل أن لجنة السياسات النقدية قررت فى 16 مارس الجارى خفضها بنسبة 3% مرة واحدة للمساهمة –حسب بيان لها- فى دعم النشاط الاقتصادى واتخاذ خطوات استباقية فى الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد..

 

  فوجئنا بإعلان البنكين -بعد صدور القرار بيومين– عن اعتزامهما طرح شهادات استثمار جديدة اليوم الأحد بفائدة تزيد بنسبة 3% عن أعلى فائدة موجودة فى السوق البنكية، أى من 12% الى 15%، كما قرر البنكان عدم خفض فائدة الشهادات ذات العائد الثابت، فيما التزما بقرار الخفض فقط  فيما يتعلق بالشهادات ذات العائد المتغير ودفاتر التوفير.

 

الغريب أنه فى الوقت الذى كان فيه البنك المركزى يطالب البنوك بتأجيل سداد المواطنين للأقساط، ويلغى رسوم سحب الأموال بين البنوك لمدة ستة أشهر تقديرا للظروف التى تمر بها البلاد، وتسهيلا على الناس الذين لم يعد بإمكانهم التنقل بين ماكينات الصراف الآلى، كان القرار الذى اعتبره الكثيرون غريبا وهو خفض الفائدة البنكية 3% مرة واحدة.       

اقرأ أيضا: وزير التموين.. من الإحسان إلى "الأنعرة"

 

أدرك أن أسعار الفائدة قد تصل الى صفر فى معظم دول العالم، وأتفهم وجهة نظر خبراء البنوك فيما يتعلق بمزايا خفض سعر الفائدة على الاقتصاد المصرى، ومنها تمكين المستثمرين من إنشاء مشروعات وضخ استثمارات جديدة، وبالتالى زيادة فرص العمل والتشغيل وخفض البطالة وزيادة الصادرات، وزيادة دخل البلاد من النقد الأجنبي، وخفض الاعتماد على الاستيراد وزيادة المعروض من السلع وبالتالي تراجع الأسعار، وأيضا زيادة دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي، وخفض مدفوعات الفوائد على الديون بالموازنة العامة للدولة.

 

لكننى فى نفس الوقت أطالب بطرح شهادات فى البنوك بفائدة كبيرة لفئة معينة من المواطنين وتحديدا أصحاب المعاشات أو من يودعون مبالغ صغيرة يعيشون على عائدها ويواجهون به نفقات الحياة، لأن نسبة الـ 1% أو حتى نسبة النصف فى المائة زيادة أو خصما تؤثر عليهم كثيرا، وهؤلاء يجب على مسئولى السياسات النقدية وضع ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية فى الاعتبار عند اتخاذ مثل تلك القرارات.

الجريدة الرسمية