رئيس التحرير
عصام كامل

من طبيب معالج إلى مصاب.. عائد من الحجر الصحي يروي رحلته مع كورونا: نسبة الشفاء كبيرة.. والمخالطة خطر شديد

الدكتور أحمد عبد
الدكتور أحمد عبد الله

كان يمارس عمله كما اعتاد.. يستقبل الحالات.. يفحصهم ثم يعد التقارير اللازمة عن كل حالة.  اختلط خلال عمله بالكثير من المرضى، ربما كان لمركزه الحساس أثر بالغ في هذا الأمر فهو طبيب عناية حرجة بمستشفى الصدر بمحافظة دمياط، لم يشغل بالاً بخطورة إصابته بفيروس كورونا المستجد، فقط اهتم باستقبال الحالات وحصرها وتقديم الخدمات التي اعتاد أن يقدمها لهم.

أهلته مهاراته أن يكون ضمن فريق الحجر الصحي بمحافظة دمياط ولكن حال القدر أمام تنفيذ هذا ولو بشكل مؤقت فقد تمكن الفيروس من الوصول إليه لينتقل الدكتور أحمد عبد الله إلى مرحلة أخرى من مواجهته لفيروس كورونا المستجد.. الأن الأمر أصبح مختلف تماماً فالتجربة هذه المرة شخصية للغاية. 

بضع ساعات قضتها “فيتو” في منزل الدكتور أحمد محمد عبد الله طبيب بمستشفى الصدر بمحافظة دمياط والذي تعافى من فيروس كورونا المستجد خلال الأيام القليلة الماضية ليعود بعد خروجه من الحجر الصحي ليروي لنا رحلته مع الفيروس وكيف تغلب عليه.

بدأ الدكتور الشاب حديثه لـ “فيتو” قائلاً : كنت أعمل كما هو المعتاد بالمستشفى استقبلت الكثير من الحالات حتى تبين إيجابية بعضها، وقررت مديرية الصحة بفحص كافة العاملين بالمستشفى يومين فقط وتم إبلاغى بإصابتى بالفيروس وأن نتيجتى إيجابية، لم أهتم وقتها سوى بأهلي فأنا قد خالطت ابنتي وأبي وأصدقائي، فضلاً عن مخالتطي للمرضى فما كان مني سوى أن انعزلت لحين ذهابي إلى الحجر الصحي لتلقي العلاج. 

مصابة بـ"كورونا" في دمياط للمواطنين: "مختش تعليمات الصحة بجدية.. الموضوع جد وبلاش استهتار" | فيديو

توقف قليلاً عن الحديث ليعود مرة أخرى ساردا ما حدث له أثناء الدقائق التى مرت عليه وهو فى طريقه للحجر الصحى، فيقول: صحبتنى قوة شرطية حتى وصلت إلى الحجر الصحى بالاسماعيلية وقتها لم أكن على علم بأنه سيتم تجاوز تلك المحنة لم أكن متأكداً إذا كنت سأعود مرة أخرى إلى الحياة أم لا، كنت مهتماً فقط بأن أكون أنا الوحيد بين أقربائى الذى حمل المرض حاولت الإطمئنان على أهلى وأصدقائى أثناء ما كنت أتلقى العلاج بالحجر الصحى حتى تأكدت أن جميعهم بخير. 

وأكمل سارداً، خضعت إلى الفحص بعد أربعة أيام من وجودى بالحجر الصحى، وجاءت النتائج سلبية شعرت بأننى من الممكن أن أتجاوز تلك الأزمة وأن أعود مجدداً إلى حياتى وعملى، وانتظرت حتى تم فحصى مرة أخرى لتتأكد النتائج وأتعافى من الفيروس، حتى تم ابلاغى بإمكانية الخروج من الحجر الصحى والعودة للمنزل مرة أخرى لتعود إلىً الحياة مجدداً. 

ولكن وأثناء رحلة علاجى تعرضت للكثير من الشائعات والتى أزعجتنى كثيراً فقد تلقيت خبر وفاتى أكثر من مرة بينما أنا أستعد للخروج من المحنة والتعافى بشكل تام من الفيروس، ليشير بين كلماته إلى أن الشائعات تلعب دوراً هاماً فى إصابة المجتمع ليطالب الجميع توخى الحذر فى نقل المعلومات، انقطع الحديث لحظات يبدو أنه تذكر شيئاً ليعود مرة أخرى للحديث من جديد قائلاً : أثناء وضعى بالحجر الصحى تلقيت اتصالا هاتفياً من أحد الأصدقاء طبيب وزميل دفعة تم وضعه بالحجر الصحى أيضاً بدولة الكويت، كانت تلك المكالمة غاية فى الاهمية فنحن نحمل رسالة أهم بكثير من حياتنا وهى انقاذ الناس، تذكرت إختيارى ضمن فريق الحجر الصحى بدمياط وقررت إذا كُتبت لىً النجاة سأعود إلى العمل بشكل فورى لأقف إلى جوار زملائى للتصدى لهذا الفيروس، واستكمل حديثه قائلاً: الأطباء على مستوى العالم موقفهم واحد ولن نتردد فى مواجهة تلك المحنة. 

استكمل الطبيب الثلاثينى حديثه لـ “فيتو” قائلاً : فور وصولى اتصلت بمسؤلى الصحة بالمحافظة وأبلغتهم عن استعدادى للعودة للعمل ضمن فريق الحجر الصحى حتى لو فى منتصف المدة المحددة لى، مؤكداً عدم تأثره بإصابته بالمرض وأنه أصر على استكمال عمله ضمن فريق الحجر الصحى وعدم استبداله. 

من المواقف الطريفة التى تعرضت لها هى ذهاب صديقى إلى المستشفى بعد إصابتى بيوم بسبب مصافحتى له، بهذا الموقف عاد للحديث مرة أخرى ابتسم قليلاً ليروى لنا قصة صديقه الذى توجه إلى مستشفى حميات دمياط بسبب مصافحته لأحد حاملى الفيروس، فما كان من المسؤلين سوى التحفظ عليه ووضعه تحت الملاحظة حتى الان، لينتقل الحديث إلى جوانب أخرى أكد فيها بطلنا على ضرورة التعامل بشكل سليم مع أعراض الفيروس، مشيراً فى حديثه إلى أن هناك الكثير من الحالات تشعر بحمل الفيروس ولكن عن طريق الإيحاء فقط، موضحاً أن هناك أعراض واضحة للتأكد من أن الشخص مصاب بالفعل أم لا. 

انتقلنا بحديثنا معه عن الجانب الطبى ورأى العلم فى تلك الأزمة وطرق التعامل معها، ليروى قائلاً : نسب الشفاء على مستوى العالم كبيرة جداً، ونسب الوفيات لا تتخطى حجاز الـ 3% ولكن الخطورة تكمن فى سرعة الانتشار لذلك لابد من الالتزام بالتعليمات التى أقرتها الحكومة لمنع هذا الانتشار، موضحاً أن فيروس كورونا قديم وتم إكتشافه فى الستينات ولكنه تطور قأصبح سريع الانتشار وكذلك أصبحت عائلته أكثر ضراوة من قبل، موضحاً أن الوقاية منه تعتمد على جهاز المناعة. 

محافظ دمياط تقود حملة لتطهير وتعقيم وسائل المواصلات

واستكمل قائلاً : خطوط العلاج واحدة على مستوى العالم، مشيراً إلى أن دايرة العدوى لابد وأن تتوقف حتى يتم التصدى بشكل مبدئ لهذا المرض، وأضاف أيضاً، أن الفيروس بهذا الشكل لم يكن له قاعدة محددة، فالبعض يردد أنه يموت بدرجة الحرارة والبعض الآخر يردد بأنه لن يصيب أصحاب أمراض الحساسية، ولكننا فى واقع الأمر أمام فيروس ليس له قاعدة فقط علينا توخى الحذر واتباع التعليمات. 

وسع دايرة الاشتباه بالتالى هنوسع معدل التشخيص وبكده هنقلل العدوى، هذه المعادلة الطبية كانت رؤية الطبية للدكتور أحمد عبد الله المتعفاى من فيروس كورونا المستجد، موضحاً أن الأمر يجب أن يتم على مرحلتين الأولى هى التصدى لانتشار الفيروس، والثانية التفرغ للتشخيص والتعرف على عائلته، مؤكداً أن أصحاب الأمراض المزمنة وأمراض الأورام والكلى والكبد أكثر عرضة للإصابة والتأثر بالفيروس. وأوضح أيضاً أن مصر من الدول المحظوظة بوجود شركتين من مصنعى اللقاح بها موضحاً أن شركة النيل وسانوفى من أبرز الشركات التى تعمل على انتاج مصل وهذا يعنى أن فور الوصول إليه سيكون لمصر الحظ الأكبر من توفيره. 

وعن دور الدولة حدثنا أحد الناجيون من خطر الكورونا، أن الدولة تقوم الأن بأفضل السيناريوهات لإدارة الأزمةن موضحاً أن غلق المقاهى وحظر استعمال الشيشة كان قراراً صائباً، لافتاً إلى ان المقاهى مصدر لانتقال العدوى ليس فقط للكورونا ولكن لكثير من الأمراض المزمنة مثل الدرن، مطالباًَ بضرورة الالتزام بتلك التعليمات. 

مع اقترابنا لانهاء رحلتنا فى منزل الطبيب الناجى من الكورونا بدمياط حدثنا عن أهمية دور المجتمع المدنى فى التصدى لتلك الأزمة، فقال: على الجميع التكاتف من أجل احتواء الموقف، ولابد من دعم المستشفيات وتوفير المستلزمات الطبية ولن نسخر من هذا فأمريكا أعلنت عن أزمتها مع نقص المستلزمات الطبية خلال 3 أسابيع، مهم جدا نرفع درجة الوعى عند الناس وكمان مهم اننا ندعم الحكومة والمستشفيات. 

اختتم الطبيب حديثه لنا ببعض الجمل والنصائح الهامة أبرزها أن الحالة النفسية من أهم العوامل المؤثرة فى مصابي الكورونا، نصحنا بأن نهتم كثيراً بالحالة النفسية لهم والعمل على رفع المعنويات من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية، وكانت أخره كلماته لنا فى ختام الحديث : “ سأعود لعملى مرة أخرى ولن ألتفت إلى بدل العدوى ولا غيره فكل ما أؤمن به هو دورى فى إنقاذ المجتمع ومشاركتى من خلال وظيفتى فىالعبور من تلك الأزمة” 

 
 

 

الجريدة الرسمية