رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما تسهر الشمس

على ساحل البحر الكبير، توجد قرية صغيرة كل سكانها من الأطفال. نعم الأطفال الصغار مثلي ومثلك يا صديقي.. كانوا يخرجون للعمل في الحقول مع شروق الشمس، ويعودون إلى بيوتهم في المساء قبل ظهور القمر في السماء.

 

كل شيء في القرية يقوم بدوره دون كلل أو ملل. الطيور تغرد.. الديك يصيح ليوقظ الناس.. الزهور تتفتح.. الهواء يتحرك من هنا إلى هناك.. الماء يسير في النهر الصغير، وحين يصل إلى الحقول، يروي الأرض والنباتات.

 

وهكذا كانت الحياة تسير في قرية الأطفال السعيدة كل يوم.. لكن في يوم من الأيام تغير الحال.. فكيف كان؟ في هذا اليوم كانت أجساد الأطفال تنتفض بسبب البرد الشديد.. وحين ظهرت الشمس وأرسلت أشعتها الساخنة.. شعر الأطفال بالدفء ففرحوا..

 

اقرأ أيضا: عجوز يكتب التاريخ على حذاء

 

وفي وقت الغروب كانت الشمس تلملم أشعتها لترحل، تاركة مكانها للقمر.. لكن الأطفال أرادوا أن تبقى الشمس في المساء حتى يستمر الدفء. في البداية اندهشت الشمس من هذا الطلب، لكنها فرحت لأنهم يحتاجونها بشدة، وقررت أن تبقى حتى الفجر.. وهكذا جاء المساء والشمس ما زالت مشرقة..

 

وحين هل القمر في موعده اندهش، فمنذ قديم الزمن والقمر لا يلتقي الشمس ولا الشمس تلتقي القمر.. يا ترى ماذا حدث؟ أحس القمر بغضب شديد، لأن الأطفال ظلوا ساهرين رغم أن الوقت كان قد تأخر..

 

اقرأ أيضا: صديقى المحللاتى

 

قال القمر بصوت عال: يا أهل القرية يا صغاري الأعزاء عليكم أن تذهبوا إلى بيوتكم لتناموا. كرر القمر كلامه كثيرا، لكن أحدا لم ينتبه لوجوده، فضوء الشمس كان قويا بدرجة جعلت القمر مختفيا..

 

صرخ القمر: أنا هنا.. أنا هنا..

 

لم يسمع أحد من أهل القرية صوت القمر، وواصلوا السهر في الشوارع، محتفلين ببقاء الشمس معهم حتى الفجر..وهكذا بقيت الشمس مستيقظة في سماء القرية حتى اليوم التالي، لكنها أخيرا شعرت بالتعب فنامت، ثم عاد الأطفال لبيوتهم وناموا..

 

جاء الصباح ولم يجد الشمس.. كما أنه لم يجد أي طفل.. فلم يستيقظ أحد ليغرس البذور في الأرض، وبقيت نباتاتهم بلا ماء.. ولم تغادر الطيور أعشاشها في الصباح، ولم تتفتح الأزهار، وظل الهواء ساكنا في مكانه لا يدري ماذا يفعل وإلى أين يتجه وسط هذا الظلام..

 

اقرأ أيضا: طفل مكسور داخل لعبة سليمة

 

حتى الديك لم يُسمع له صياح، والخراف لم تُحدث تلك الضجة المعتادة لتوقظ الطفل الراعي النائم طلبا للماء.. وبعد أيام من النوم، استيقظ الأطفال المتعبون، فلم يجدوا الشمس وكانت الدنيا مظلمة في الصباح.. ذهبوا إلى القمر يستنجدون به لينير لهم القرية، لكنه رفض وقال إنهم حطموا قلبه حين لم يستمعوا له وهو يصرخ: أنا هنا.. أنا هنا.

 

 فكر أهل القرية الأطفال في حيلة أخرى فجمعوا فروع الشجر وصنعوا منها كومة كبيرة وأشعلوا فيها النار، حتى تضيء المكان.. كانت النيران قوية، لكنها لم تكن تكفي لتضيء كل القرية.. وهكذا ظلت القرية غارقة في الظلام لعدة أيام، كانت فيها الحياة قد توقفت تماما.

اقرأ أيضا: لماذا خلق الله الصراع؟

 

وأخيرا توصل أحد الأطفال لحيلة ذكية، حين قال إن الشمس لن تستيقظ إلا إذا هبت عليها الرياح بشدة.. ذهب الأطفال إلى الغابة، وصنعوا من أوراق شجر الموز مروحة عملاقة، وأخذوا يحركون بها الهواء، حتى اشتدت الرياح وكأنها عاصفة، فاستيقظت الشمس أخيرا:

 

واستيقظ الفلاحون وغنت الطيور.. وتحرك الهواء.. وسار الماء.. وشربت النباتات والخراف.. وفي المساء ظهر القمر في السماء، فوجد الناس يلوحون له مرحبين، وهم يقولون نحبك يا قمر..

Advertisements
الجريدة الرسمية