رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الخيار المصري المر

بيانات وزارة الخارجية المصرية التي تتصدى للإفك الإثيوبي تقول إن للصبر حدودا، وهو رد مهذب على كل التصريحات الإثيوبية الأخيرة، والتي تعد إعلان حرب وتحديا واضحا للمصالح المصرية، وتهديدا مباشرا لأمنها القومي.. 

 

وفِي كل الأحوال علينا التمسك ببرودة الأعصاب إزاء بعض التصريحات الإثيوبية الرسمية الشعبوية، لأنها للاستهلاك السياسي الداخلي في بلد انقسامي في تركيبته العرقية. وبالعمل الجاد والخيال السياسي والمهنية والتخصص وأهل الكفاءة سبيلنا للتعامل مع الرعونة السياسية وطموحات وثارات بعض النخب في دول القرن الأفريقي.

 

وإن كان هناك متسع من الدبلوماسية والقانون الدولي قبل أن تفكر في الخيار المر مع إثيوبيا، والذي يستعجله البعض كخيار وحيد  فلا يزال يمكننا اللجوء لمجلس السلم الأفريقي لحل المشكلة، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومجلس الأمن..

 

اقرأ أيضا: الجسر وسنينه

 

خاصة وإن تلك الهيئات تعطي للدولة المعتدي عليها الحق الشرعي برد العدوان بكافة السبل، وإلا لماذا قصفت إسرائيل المفاعل العراقي وحشدت أمريكا قواتها وجيوش عدة دول لوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم، ولم يتحرك أحد في العالم ليرفض العدوان، بل إن أمريكا استصدرت قرارا من مجلس الأمن لغزو العراق..

 

وحتى بعدما ثبت أن بغداد لم يكن لديها تلك الأسلحة، لم يحاسب أحد الذين تورطوا في تدمير الأمة العراقية، رغم آلاف الأميال التي تفصل واشنطن عن بغداد وطهران، ولكنها تبرر ذلك بالمحافظة على الأمن القومي بضربات استباقية، فما بالك بمن يؤيد تعطيش أمة، وذلك ليس تمهيدا ولا تبريرا لأي عمل عسكري ولمنع الخيار الأخير..

 

اقرأ أيضا: الوصايا العشر لمواجهة سد النهضة

 

والرهان على الإدارة الإثيوبية في عدم توصيل الأزمة لهذا الخيار، لأنها معركة بلا منتصر والكل خاسر فيها، مع ملاحظة أن التصريحات الإثيوبية تعكس التخبط والارتباك والمناورة في تضييع الوقت لفرض الأمر الواقع بينما يستمسك الإعلام المصري بعدم الرد علي أكاذيب الإعلام الإثيوبي، الذي وظف مؤتمر العبث الذي أداره مرسي ورفاقه من المراهقين سياسيا..

 

بل إن الفضاء الإعلامي لم يخل من اتهامات للرؤساء السابقين، فقد اتهم نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي الأسبق، حسام عيسى، الرئيس الراحل أنور السادات بالمسئولية عن تفاقم أزمة سد النهضة؛ بسبب سوء العلاقات المصرية مع إثيوبيا في عهده.

 

بالإضافة إلى اتهامات لمبارك بالتسبب في الأزمة نتيجة سياساته الاستعلائية تجاه إثيوبيا. كما كان السادات محورا لحكاية وهمية أخرى تهدف إلى مداعبة الأحاسيس القومية والنزوع إلى القوة، روجتها مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها أنه نما إلى علمه أن إثيوبيا تقوم ببناء سدود على النيل، وعندما احتجت مصر أنكرت إثيوبيا قيامها ببناء أي سدود..

 

اقرأ أيضا: المعارضة الرشيدة المطلوبة

 

فما كان من السادات إلا أن أرسل 6 طائرات قامت بضرب جميع السدود من مطار بجنوب السودان، وبالتالي عندما احتجت إثيوبيا على الضربة المصرية، كان رد السادات: هل يوجد سدود في إثيوبيا؟ ألم تبلغونا بعدم وجود سدود هناك؟ فكيف لنا أن نضرب شيئًا لا وجود له؟

 

المفارقة أن هذه الرواية الملفقة والتي لا أصل لها، وذلك على عكس التوظيف السياسي الواعي للإعلام الذي بات أحد أهم أسلحة الدول في تحقيق أغراضها، بل وتبرير عدوانها وكان الإعلام الأمريكى مثلا بفضائياته وصحافته شريكا فى تبرير وتسويق الغزو للعراق، ومعه قطاع واسع من الإعلام البريطانى..

 

وكان كتاب مثل توماس فريدمان يبشرون بأن الغزو بداية إدخال الشرق الأوسط فى جنة الرخاء والديمقراطية، وأن الاحتلال هو بداية الجنة، كان الإعلام الأمريكى يسوق عملية الغزو أحد أكبر الجرائم فى التاريخ الحديث، آخر إعتراف كان من رئيس الوزراء البريطانى الأسبق جوردون براون فى مذكراته بأن غزو العراق تم بناء على أدلة ملفقة وبعضها تافه..

 

وقبله كان اعتراف تونى بلير وجورج دبليو بوش ورامسفيلد وكولن باول، وكونداليزا رايس، والإعلام الأمريكى الذى سوق لأكبر جرائم العصر، ما يزال يبيع بضائعه، ويلقى إعجابا وتقديسا من قطاعات تقديس الأجانب، فإذا كانوا يوظفون الإعلام في الباطل فأولي لنا توظيفه في الحق، خاصة وأن العرف والاتفاقات والقانون الدولي في صالحنا وقد نشأت الحضارة المصرية القديمة على ضفاف النيل، قبل أن توجد إثيوبيا على خريطة الكرة الأرضية.. ثم يقولون إن النهر إثيوبى!

Advertisements
الجريدة الرسمية